الثقافة المؤسسية في الشارقة

05 أكتوبر, 2017

 
 
تختلف الثقافة العامة التي تنساب بقوة دفعها الذاتي عن الثقافة المؤسسية التي تعتمد على الرؤية المسبقة والتخطيط المواكب والحاضنات المناسبة، وقد ازدهرت الثقافة في التواريخ المعروفة لها عبر التبني المؤسسي الناجم عن تلك القيادات الرائية لأهمية الثقافة بوصفها المعيار الوسطي لكامل القيم الاجتماعية الإيجابية، ففي العصر العباسي الثاني ازدهرت حركة الترجمة بالترافق مع علوم الكلام والاجتهاد، وفي إيطاليا النهضة لعبت أسرة (آل مديتشي) دوراً كبيراً في ازدهار الفنون والآداب والعمارة.. يومها كان الإقطاع النبيل يمثل المعنى الأرستقراطي للثقافة والفنون، وكان التبني المباشر للثقافة من طرف تلك العوائل الممتدة في أساس الحاكميات يشكل عاملاً هاماً في ازدهار الثقافة.
 
قلنا إن الثقافة مثلت وتمثل المعيار الوسطي للقيم المجتمعية لكونها على تماس مع السياسة  والاجتماع والتربية والفنون والآداب، ومن هنا القيمة الاستثنائية للثقافة حتى إن كل الذين تصدّوا لتعريفها وقعوا في حيرة من أمرهم، فالثقافة تتأبى على التعريفات النمطية، وهي ليست ملك الإنتلجنسيا المعرفية فقط، ولا هي قرينة النخب المجتمعية أيضاً، بل إنها تمتد في مفاعيلها لتشمل كامل القيم المادية والروحية في المجتمع.
 
الجديد في تاريخ الثقافة المؤسسية العربية يتبلور بخطى راسخة في الشارقة، ونحن لا نقول هذا الكلام من باب التقريض الاستنسابي، بل من واقع الحال المشهود والنابع أساساً وجوهراً من رؤية المثقف العضوي الاستثناء.. الجامع بين حكمة التاريخ والحاكمية الرشيدة..  صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، والذي على مدى عقود من رهانات المعنى والمبنى رسخ قيماً مؤسسية، وروافع قانونية، وحواضن إبداعية، وبيئة تفاعل أفقية،  جعلت من الشارقة حاضرة كبرى للثقافة العربية. 
 
هذه الحالة المؤسسية الأفقية ما كان لها إلا أن تترجم المعنى، وأن تضع الثقافة في مكانها الخاص بوصفها الذاكرة والحكمة والتاريخ والجغرافيا.