مهرجان الشارقة للشعر النبطي

1983 ـ 2015م


شهدت الساحة الإماراتية عبر تاريخها الطويل مولد عدد من الأصوات الشعرية الشعبية التي تركت بصماتها على مسيرة الشعر الشعبي في الإمارات. وخاصة في الحقب الزمنية التي ساد فيها الشعر الشعبي والتي لا يمكن تصورها ومعرفة أحداث وأحوال أهلها إلا بالإطلاع على الإبداع الشعري الشعبي في تلك الفترة لقلة وندرة التوثيق والكتابة عنها في ذاك الوقت.
تناول هؤلاء الشعراء أغراض الشعر المختلفة وفقاً لمتطلبات بيئتهم، متأثرين بأنماط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ولسهولة هذا الإبداع وقربه من لغة ومفردات المواطن البسيط، تفاعل معه أفراد المجتمع وشاركوا في ممارسته وتسجيل أفكارهم وردودهم وخواطرهم.


واستطاع الشعر الشعبي بتلاحمه مع الجماهير وعفويته، أن يعبر عن أمالهم وآلامهم وطموحهم ومعاناتهم وأن يصبح مادة صادقة في نص متوارث بالرواية. وأن يقدم مادة علمية من وصف وتاريخ وجغرافيا وحياة اجتماعية.


 وقد جاء مهرجان الشارقة للشعر النبطي بللتأكيد على دور الشعر النبطي في المجتمع الإماراتي، وإبراز خصوصية المجتمع الإماراتي، واكتشاف ما في الشعر النبطي من معانٍ ودلالات، وتوثيق وتجسيد المشهد الشعري الإماراتي والخليجي والعربي بما يتضمنه من ملامح وأجناس وأعلام وسمات.


يحرص المهرجان على التواصل مع الشعراء على الساحة الإماراتية والخليجية والعربية ومتابعة نتاجاتهم، ومن ثم اختيار مجموعة منهم لإثراء فعاليات المهرجان بإبداعاتهم الشعبية.

ومن منطلق الحرص على تراث الأجداد، وتعريف الأبناء بقدرات الآباء، انطلقت فكرة تكريم الرواد. تقديراً لدورهم ووفاءً لعطائهم. وهي في الوقت نفسه محاولة صادقة لعرض مسيرة حياة وإبداع عدد من الشعراء الشعبيين الجديرين بأن تنشر أفكارهم وبنيات خواطرهم وفيض مشاعرهم ليطلع عليها كل محب للشعر الشعبي وكل متتبع لفنون أجدادنا وتراثهم الإماراتي العربي الذي نعتز ونفخر بالانتماء إليه.

 

ويُعد مهرجان الشارقة للشعر الشعبي الذي يُقام سنويا من أكبر المهرجانات العربية المتخصصة في هذا اللون الأدبي.

 

بدأ مهرجان الشارقة للشعر الشعبي فعالياته 1983م، مع بدايات تأسيس الدائرة الثقافية بالشارقة، حيث انطلقت الدورة الأولى من المهرجان عام 1983م، وأقيمت فعالياتها بقاعة أفريقيا بالشارقة وبحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وجمع غفير من محبي الأدب والشعر الشعبي، وفي هذه الدورة  كرم سموه كوكبة من رواد الشعر الشعبي، نذكر منهم : الشاعر المرحوم راشد الخضر، والمرحوم راشد بن طناف، والشاعر ربيع بن ياقوت ، والشاعر سالم الجمري.

 

وفي عام 1984م كانت الدورة الثانية للمهرجان ، وتم فيها تكريم كوكبة أخرى من الشعراء والشاعرات نذكر منهم: الشاعر علي بن رحمة الشامسي والشاعر ربيع بن ياقوت والشاعر أحمد بن همش، كما تم تكريم رائدات الشعر الشعبي وهما الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، والشاعرة آمنة بنت علي.

 

وبعد توقف دام أكثر من عشر سنوات ومع افتتاح بيت الشعر بالشارقة عام 1997م، انطلقت فعاليات مهرجان الشارقة للشعر الشعبي مرة أخرى  حيث واصل المهرجان مسيرته الإبداعية وأقيمت الدورات: الثالثة والرابعة والخامسة، أعوام 1998م و1999م و 2000م وبمشاركة عدد كبير من الشعراء الرواد والشعراء الشباب جنباً إلى جنب(راشد شرار، عبد العزيز المسلم، سعيد القمزي، سعود الدوسري، حماد الخاطري، سيف السعدي، عبيد بن طروق النعيمي، ماجد عبد الرحمن، علي بن رحمة الشامسي، منصور المنصوري، ربيع الزعابي، علي الخوار، بطي المظلوم، ربيع بن ياقوت، محمد المرزوقي، مصبح علي الكعبي، محمود نور، محمد المر بالعبد، محمد بن حاشر، عبد الله العمري، حمدان خميس السماحي، عبد الله بن زيبان، جمعة بن مانع الغويص، سلطان الرفيسا، حسان العبيدي).

 

كما أقيمت أمسيات شعرية خاصة بالنساء، شاركت فيها مجموعة من الشاعرات من مختلف إمارات الدولة (تنهات نجد، فتاة دبي، غلا أبو ظبي، كلثم عبد الله، ريف دبي، شيخة الجابري، أحلام الشارقة، علياء جوهر). حيث أثبتت القصيدة النسائية حضورها الفاعل في المشهد الشعري والشعبي المحلي.

 

ثم عاد وتوقف المهرجان إلى أن انطلقت فعاليات الدورة السادسة مساء يوم الأربعاء الموافق 4 يناير 2010م بقصر الثقافة، برعاية وحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة – حفظه الله ورعاه- وبمشاركة كوكبة من الشعراء والشاعرات من الإمارات والخليج والدول العربية (من الإمارات الشعراء: سيف السعدي، سالم الزمر، عوض بن حاسوم الدرمكي، علي بن سالم النعيمي، سعيد بن طميشان، محمد المر بالعبد،  الشاعرة قمرة، ومن السعودية خالد بن محمد العتيبي، ومن سلطنة عُمان عبد الحميد الدوحاني، والشاعرة أصيلة السهيلي ومن الأردن: عماد الغزو، ومن البحرين: خلف العنزي، والشاعرة هنادي الجودر، ومن الكويت عبد الله علوش. كذلك إقامة ندوة عن الشعراء المكرمين وهم:- الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي – فتاة العرب – والشاعر محمد بن علي الكوس والشاعر ربيع بن ياقوت).

 

وفي الدورة السابعة التي أقيمت خلال الفترة ما بين 16- 20 يناير 2011م . اختارت اللجنة المنظمة للمهرجان 19 شاعر وشاعرة. وتم تكريم ثلاث شعراء من رواد الشعر الشعبي في الإمارات هم: الشاعر محمد بن نعمان الكعبي، الشاعر عبد الله بن ذيبان، الشاعرة أنغام الخلود. لعطائهم  وجهودهم  الرائدة في خدمة الشعر الشعبي الإماراتي  طيلة السنوات الماضية.

 

تحت شعار "القصيدة الشعبية إبداع له تاريخ" تم تنظيم الدورة الثامنة في الفترة ما بين 15 ـ 19 فبراير 2012م. وفيها اختارت اللجنة المنظمة للمهرجان 18 شاعراً وشاعرة من الإمارات والخليج والدول العربية. وتم تكريم  الشعراء الرواد: محمد الرقراقي، محمد بن صنقور، والشاعرة ريف دبي.


وتحت شعار "القصيدة الشعبية .. ذاكرة تحفظ تراثها"  أقيمت فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان الشارقة للشعر الشعبي. بمشاركة 22 شاعر وشاعرة من الإمارات والخليج والدول العربية. وتم تكريم الرواد: الشاعر عيسى بن قطامي ألمع شعراء الغزل في الإمارات  ، الشاعر حميد بن ذيبان المنصوري .. شاعر اليراع والشراع، الشاعرة سلوان .. قيثارة الشعر الشعبي ...آمنة بنت علي المعلا.

 

وفي الدورة العاشرة التي اقيمت تحت شعار "القصيدة الشعبية .. ذاكرة وطن" شهد المهرجان تطوراً كبيراً تأكد  بحصوله على المركز الأول خليجياً، على مستوى المهرجانات النوعية. شارك في دورته العاشرة 34 شاعر وشاعرة من الإمارات والخليج ومختلف الدول العربية، وامتدت فعالياته إلى المنطقة الشرقية والوسطى بالشارقة.. وتم تكريم ثلاثة من رواد الشعر الشعبي الاماراتي هم: الشاعر حمد بن سوقات، الشاعرة قمره (شاعرة النور والألق )، الشاعر كميدش بن نعمان الكعبي.

 

وها هي الشارقة التي عودت روادها ومحبيها دوما بضخ دماء جديدة في كل فعالياتها ، تطلق الدورة الجديدة من مهرجان الشارقة للشعر الشعبي الدورة الحادية عشر تحت شعار "القصيدة الشعبية .. هوية وطن".  وهي دورة تحمل كعادتها الكثير من الجديد والمتجدد من خلال  مشاركة قائمة عريضة من الشعراء بلغ عددها 36 شاعر وشاعرة من الامارات ومن الخليج والوطن العربي. إضافة إلى تكريم ثلاثة من رواد الشعر الشعبي الإماراتي: خميس حمد السماحي، ومحمد راشد الشامسي، فاطمة الحبروش (فتاة دبي).

 

وتتويجا لسلسلة النجاحات والإنجازات الكبيرة التي حققها المهرجان فقد امتدت فعاليات المهرجان وأمسياته هذا العام لتشمل المنطقة الوسطى (الذيد)، والمنطقة الشرقية (خورفكان، ودبا الحصن). وتضمن البرنامج أصبوحات شعرية إلى جانب الأمسيات الشعرية. ومشاركة فاعلة للشاعرات من خلال الأمسيات المشتركة، إلى جانب الأمسيات النسائية للتأكيد على خصوصية وتميز إبداع المرأة الشاعرة واهتمام المهرجان بإبراز الشعر النسوي الخليجي والعربي. كما تشهد الندوة الفكرية بعض الدراسات المتعلقة باللغة كميراث ثقافي، وخصائص اللهجة العامية، والعامية والشعر، والشعر الغنائي، إلى جانب الشعر والإعلام.  إضافة إلى استقطاب عدد أكبر من الإعلاميين بوسائل الإعلام العربية ومشرفي المواقع الإخبارية لإتاحة مساحة أكبر للجمهور لمتابعة فعالياته .

 

إن مهرجان الشارقة للشعر الشعبي الذي اعتاد أن يكون مظلة مميزة للشعر الشعبي في بداية كل عام جديد، يشكل فرصة ثرية للقاء المبدعين وتناول القضايا المتعلقة بهذا الجنس الأدبي الذي يشكل ذاكرة حية في الإمارات والخليج العربي خاصة والوطن العربي عامة ، بما تحتويه نصوصه من حنين للأرض وتعلق بالجذور والهوية. كما يلعب دوراً كبيراً في إزكاء روح التنافس الإيجابي بين شعراء القصيدة النبطية، على نحو يصب في إطار مزيد من تجويدها وتطويرها على مستوى الشكل والمضمون والخيال، ما يعني أن قراءة تستوعب أدبياته، وتفاصيله، وما ارتبط به من حراك أدبي ونقدي، من الممكن أن تمد المهتمين والمختصين بدراسة وتوثيق الشعر الشعبي، بالكثير من المعلومات والملامح والتفاصيل والانطباعات .

 

لهذا أصبح مهرجان الشارقة للشعر الشعبي تظاهرة ثقافية مهمة لدى الشعراء الشعبيين في الإمارات والخليج خاصةً والعالم العربي عامةً، لذلك فإن هناك تنافسا محموماً بين الشعراء، من أجل نيل شرف الاستضافة في إحدى أمسياته، وهو أمر يحث الجميع بشكل دائم على مزيد من العطاء المميز، لاسيما أن اللجنة المنظمة تتعامل بفطنة وذكاء مع هذا الواقع، من خلال حصر الاختيار على أسس فنية، دون الاقتصار على إبهار أو جماهيرية أسماء بعض الشعراء فقط.