«الشارقة للشعر العربي» يتأمل شجون الوطن ويحلق في فضاء الأنوثة

18 يناير, 2018


عمر أبو الهيجاء 



انطلقت في قصر الثقافة في الشارقة أولى أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته السادسة عشرة، مساء أول أمس،  حضرها جمهور كبير من الشعراء والنقاد والكتاب والإعلاميين ومحبي الشعر، إذ قرأ كل من الشعراء: غسان زقطان من فلسطين، وعبدالله الهدية من الإمارات، وسليمان جوادي من الجزائر، ود. جاسم محمد جاسم العجة من العراق، وحليمة الاسماعيلي من المغرب. 



بداية قدمت الإعلامية غادة أبشر للأمسية والشعراء المشاركين، من خلال الحديث عن شارقة الشعر، ودورها في خريطة الشعر.



أول شعراء الأمسية غسان زقطان قرأ أربع قصائد هي: الطريق إلى البحيرات، ليس بعد، كمن ينتظرني، ترنيمة الخيول، وقد تميزت قصائده الأربع التي كتبها على التفعيلة بكتابتها بلغة بسيطة، استطاعت أن تشكل لبنات صور جميلة مؤثرة، زاوج خلالها بين مرارة الواقع والحلم، راسماً رموزه الخاصة التي  تشبه رائحة أصابعه، وبصمته الخاصة التي تميز بها في تجربته، ليؤكد أن هذه القصيدة قادرة على جذب متلقيها. يقول في قصيدته» كمن ينتظرني»: (حين أذكره/ واقفاً تحت ضوء خفيف/ كمن ينتظرني لأذكره/ حين أشباحنا/ تهبط الليل من سلم في صلاة العشاء/ على مهل/ .ها التراويح في إثرها/ والتسابيح/ والنوم في جنة الراجعين/ كمن ينتظرني ليخبرني/ نحن في خيمة الأربعين معا/ أو لأخبره:يا أبي/ لا دعاة لنا في النواحي/ لا رواة لنا في الكتاب/ ولا تابعين).



وقرأ الشاعر عبدالله الهدية ثلاث قصائد. هي: هم أفسدوا الملح، هذا سر مشكلتي، فجر الغواية. انتمت هذه القصائد إلى العمود، وقد كتبت بلغة عالية، حتى قصيدته الغزلية «فجر الغواية» بينما راحت قصيدته» هم أفسدوا الملح»، ذات النفس الملحمي تقرن الخاص بالعام، ليكون ذلك الخاص المتناول هو العام نفسه، وهذا ما ينم عن رؤية الشاعر كصاحب رسالة مدرك لأهمية قصيدته. من أجواء قصيدته «هذا سر مشكلتي»:



(أطلقت في مدك المحظور أشرعتي/ وجئت أحبو على أشلاء أمنيتي/ لملمت بعضي على بعضي على أملي/ كي أجمع الكل من أنقاض أزمنتي/ جمعتني فارساً الساح تعرفني / الروح سيفي وحلم العمر أحصنتي).



وقرأ الشاعر سليمان جوادي ثلاث قصائد هي: ليلاي الجزائر، ووهران تنفض آخر الصعاليك، وسليمان. استطاع في قصائده التي ركز فيها على الدلالات التي تلامس قضايا أمته، من خلال قصائده التي جمع خلالها بين الإيقاع الخارجي واللغة الواضحة، ليكون سفير آلام إنسانه، من دون أن يتخلى عن خيط الأمل، ضمن معادلته الشعرية، يقول في قصيدته» ليلاي الجزائر»: (ليلاي لاحت/ أم ترى نسماتها/ هبت/ فأحيت ميتا لمساتها/ أم أن غرا زارها/ فأثارها/ فأتت قبيل مجيئها لعناتها/ قالوا: التزم بهوى الجزائر وانصرف/ عن حب أنثى/ لا تقلل ذاتها/ ليلاي أنثى/ لا وربك/ إنها أرض الجزائر).



وذهبت الشاعرة مروة حلاوة بقصائدها المؤثرة لتبين توأمة حبها للشآم والشارقة، في آن، ليكون الشعر ذلك الجسر الذي يربط بين هذين المكانين، بل أمكنتها القريبة كلها، حيث راحت تسرد أوجاعها، إلا أنها لم تعدم الأمل في أن تعود الشام كما كانت، عاصمة للفرح والياسمين. وتقول في قصيدتها « نقشٌ من الماء»: (أنثى وتزدحمُ النجوم بشالها/ لتقدّ روحَ الضوء من صلصالها/ ظلّت على مَرِّ الزمان صبيّة/ حتّى كأنّ الدهرَ من أطفالها/ رسختْ بذاكرةِ الصحارى واحةً/ غمَز الترابُ غمامتين ببالها/ بدويةٌ من آلِ «يَعربَ» أُلبِستْ/ ثوباً سماوياً لربّ جِمالها/ هو أوَّل العربِ استقلَّ بلهجةٍ/ ذهبتْ لآخر نسله بمقالها).



ونوع د. جاسم محمد جاسم العجة في قصائده بين ما هو ذاتي وما هو وطني وقومي، إذ ناست روحه بين أمكنته كلها، لتكون قصيدته المكتوبة على العمود لسان حال لحظته، يكتب ما يريده بلغته الشفافة، الموجزة، وإن كان المتلقي يشهد بعض عناصر القص فيها. يقول: (مولاتي لي غصة في بال حنجرتي/ كم رادتها عن النفس المواويل. مولاي كل الأضاحي من دمي خرجت/ وكلهم يوم عيد النحر قابيل. وكل  من غاص بي للبحث عن وطن/ لاقاه بي هدهد ساه ومذهول. في داخلي كعبة مذ رحت أرسمها/ هبت على ريشتي طير أبابيل.



واختتمت الشاعرة حليمة الإسماعيلي الأمسية بقراءة عدد من قصائدها، ومنها قصيدة «القدس»، وفيها تقول: (أحبكِ../ سِفْرَ تاريخٍ/ وأعياداً/ وأمجاداً/ مدى الأزمانِ/ والحِقـَـبِ/ أحبكِ../ يا بلادَ الوحي والإيمانِ/ والإلهامِ والكتبِ/ أحبكِ/ قرعَ ناقوسٍ/ وصوتَ مؤذنٍ/ في الله مُرتغبِ).



وعلى صعيد آخر وقع الشاعر الإماراتي كريم معتوق مجموعته الشعرية المعنونة بـ»المعلقة الثامنة» في ختام الأمسية. وقد صدرت المجموعة بمناسبة تكريمه في المهرجان، وهي من إصدارات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة 2018.