ستة شعراء يغنون للحب والوطن في أولى أمسيات «المهرجان»

18 يناير, 2018


محمدو لحبيب





في أولى الأمسيات الشعرية لمهرجان الشعر العربي في دورته السادسة عشرة التي أقيمت في قصر الثقافة بالشارقة مساء أول أمس، ألقى ستة شعراء قصائد متنوعة، تراوحت بين الغزل والترنم بحب الوطن، وحضر الأمسية عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة، ومحمد القصير المنسق العام للمهرجان، مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، ومحمد عبد الله البريكي مدير المهرجان، مدير بيت الشعر في الشارقة، وقدمت الأمسية الإعلامية غادة أبشر.





افتتح الشاعر الفلسطيني غسان زقطان إلقاء الشعر بعدة قصائد هي «ليس بعد»، «ترنيمة الخيول» التي يقول فيها:



الخيولُ/ الخيولُ التي عفَّرتْ هدأةَ السهل/ الخيولُ/ الخيولُ التي انشقَّ عن عَدْوِها النخل/ الخيولُ التي تسحبُ الشرقَ من ياقةِ الرمل/ الخيولُ/ الخيولُ/ التي في المرايا وفي الشعرِ/ محروسةٌ بالظِّلال/ الخيولُ التي أَطلَقتْ أهلَنا/ من ثيابِ الدخانِ/ وألقَتْ عمائمَهم في الزمان/ وما انتظرتْ أنْ نقول/ الخيولُ/ الخيولُ.





ويستعيد الشاعر بطريقة فنية محكمة تفاصيل الماضي كلما هم بالمضي أو تهيأ للانصراف، فيقول في قصيدة «ليس بعد»:



كلّما قلتُ أمضي/ أو تهيأتُ للانصرافِ/ تنادي عليَّ الوجوهُ التي كدتُ أنسى/ وتأتي البيوتُ التي كنتُ فيها/ وأحنيتُ رأسي على طوبِها أو ممرّاتِها/ ونوديتُ من مائها/ حيثُ تحبو إلى أبدِ الآبدين الغُرَفْ/ نفس الأيادي التي طوّقتْ مِعصمي/ والتي أمْسَكَتْ ياقتي/ والتي أيقَظَتني من النومِ/ موتى/ وأحياءُ/ في البابِ/ يا...سيّدي يا محمد.





ثم ألقى الشاعر الإماراتي عبد الله الهدية عدة قصائد من بينها «هذا سر مشكلتي»، و«هم أفسدوا الملح»، وفي قصيدته الأولى تجاوز الحلم عنده حد الأخيلة فأنشد معبرا عن ذلك:



أطلقت في مدك المحظور أشرعتي



               وجئت أحبو على أشلاء أمنيتي



لملمت بعضي على بعضي على أملي



           كي أجمع الكل من أنقاض أزمنتي



جَمعتني فارساً الساح تعرفني



          الروح سيفي وحلم العمر أحصنتي



وليت شطر الرؤى وجه البراق وما



                بنيت من معنوياتي بأجنحتي



وطرت للنجم مقرونا بنافلتي



               حتى تجاوز حلمي حد أخيلتي





وفي قصيدته «هم أفسدوا الملح» يصف الهدية أولئك الذين لا تاهوا ولا وصلوا فقال:



الظاعنون وراء الليل أين همو



       مروا على سدرة الأعراب وارتحلوا



أدوا قرابينهم للأمس وانقسموا



          قبل الطواف فلا تاهوا ولا وصلوا



بين الرماد مرايا فكرهم زهقت



              فلا أذاعوا لها نعيا ولا احتفلوا



والجادلون سعيفات التعفف لا



                  تزال أيدهمُ بالذنب تغتسل





ويمضي قائلا في موضع آخر من القصيدة:



والجب في غيهب الشكوى يطاردهم



               والذئب يرفع دعواه ويبتهل



لكنهم رغم إيغال الشتات بهم



           لازال يغرسهم بين السنا زحل.



الشاعر الجزائري سليمان جوادي تغنى ببلاده الجزائر فشبهها بليلاه في قصيدة تحمل العنوان «ليلاي»:



قالوا: التزم بهوى الجزائر/ وانصرف/ عن حب أنثى/ لا تقل لداتها/ ليلاي أنثى،/ لا وربك/ إنها أرض/ الجزائر/ بحرها وفلاتها/ هي غابها/ وسهولها/ وجبالها/ هي قلبها/ هي روحها/ هي ذاتها/ أنا ما علقت بحبها/ لميوعة/ لكن/ دعتني إلى الغرام صفاتها.





بعد ذلك تغنت ابنة الشام الشاعرة السورية مروة حلاوة بالإمارات وبالشارقة وإشراقتها فقالت:



أشرقت بالسنا فيا صحب هيا



             نتقرى درب الضياء سويا



ومشينا وكان في الركب خلفي



            روض فل وغيمة والثريا



إلى أن تقول:



ووصلنا فمرحبا يا إمارات



                   تعالي وعانقينا مليا



حملتنا دمشق منها سلاما



               للإمارات عاطرا علويا



وحللنا بها بشارقة الحب



                 نحيي خليجها العربيا







ثم تناولت مروة السمت الآخر للزرقاء التي تبصر ما لا يبصره الآخرون فقالت في قصيدة لها بعنوان «سمت آخر للزرقاء»:



شوقي لعينين من نخل ومن ماء



         روح من الورد في صلصال حواء



سرُ ومن أزل الأشياء مكمنه



                مضمار آدم بين اللام والياء



لملمت كل حروف الوجد في شفتي



                وقلت للريح رديها لأسمائي



وقلت أسأل عما لست أعلمه



      وأنسٍلُ الصبر من شكي وضوضائي



يا «أبجر» الخيل خبٍر فانحنى خجلا



             وتمتمُ:اليوم ظهري ظٍلُ حدباء





الشاعر العراقي الدكتور جاسم محمد قرأ عن الحنين المستمر، والورد الذي لا ينبت على مفاصل التاريخ ودروبه وذكرياته فأنشد في قصيدته «لا ورد في التاريخ» قائلا:



مُلقى على رمل الحنينِ العاري



            عمرانِ، أرسم للظباء براري



لأعيد أغنية الحنين لأمّها



                وأزف طيرَ الحلمِ للأوكارِ



سأحرض القلبَ الذي رفس الحصى



                   متطلعا للكوكب السيارِ 



ليعيش برهان الحياة مؤيداً



               بحمامة حطّتْ بباب الغارِ





ويقول بعد ذلك:



لم أبتكر ورد التلال وإنما



                لي خبرةٌ بفراسة الأمطارِ



يدك التي رغم الربيع تزوجَتْ



           قلبي فصارتْ ضرّة الأشجارِ



عرزالةٌ غفت الشموس بظلها 



              كي تستريح بآخر المشوارِ



يا عطرَ بيت الطينِ هل لي وقفةٌ



          -والقلبُ عرجونٌ - بباب الدار



لأصافح َ الزمن الذي نعناعهُ



              بزّ الورود بعطره المهذارِ



وأُعاتب العمر الذي أمسكته



                  متلبسا بجريمة التيارِ؟



منذ الدماء وفكرتي لا تنتمي 



              لوناً سوى لأصابع الحبّارِ



ودّعتُ رملَ السافيات.. من الذي



         دلّ الرياح على سنين غباري؟







ختام الأمسية كان مع الشاعرة المغربية حليمة الإسماعيلي التي قررت أن تنشد للقدس قصيدة حب، وذلك تماهيا مع معاناة المدينة المقدسة المستمرة من جراء الاحتلال والظلم ومحاولات تغيير هويتها، فقالت في قصيدة لها بعنوان «القدس»:



أحبكِ../ سوف أكتبها/ على هُدُبي/ وأنشرُها/ بلا زيف، ولا كذبِ/ وأزرعها/ براعمَ / في مشاتلِ مُهجتي/ الولهى/ وفي عصَبي/ أعلقها/ رُقى وتمائم وشذى/ بوجداني.../ على صدري/ كمثل صبي/ أرددها برغم الجرح ِ/ والتشريدِ/ أصرخ: أنتِ مُنقلبي/ فقُدسي ملجئي/ بيتي وفردوسي/ من اللّهبِ.



وتستمر مخاطبة مدينتها المقدسية قائلة:



أنا ألقاكِ عاشقة ً/ شذا تاريخِكِ العربي،/ إذا باعوكِ/ في سوق النِّخاسة والأسى / أفديكِ بالألماسِ والذهبِ/ وإن صلبوكِ/ سيدتي/ على أكتاف نخْلاتٍ / من الكُرَبِ/ سأمنحُ من وجودي/ ما يكُفُّ أكُفَّ مغتصبي.





معتوق يوقع ديوانه





بعد الجلسة الشعرية، وقع الشاعر الإماراتي كريم معتوق المكرم من قبل المهرجان في دورته الحالية ديوانه الجديد «المعلقة الثامنة»، والذي نسج فيه الشاعر على منوال المعلقات السبع المعروفة في الشعر الجاهلي العربي، لكنه تميز بلغته الشعرية الخاصة التي شكل من خلالها نموذجا مختلفا في إحساسه الشاعر بالزمان والمكان وفي فرادتهما بالنسبة له.