ضمن فعاليات مهرجان الفنون الإسلامية تجليات إبداعية في الخط العربي و"مبنى ينمو" في مسرح المجاز

17 ديسمبر, 2019


تواصل الدورة الثانية والعشرين من مهرجان الفنون الإسلامية؛ فعالياتها الفنية المتنوعة، وشهد يوم أمس افتتاح أعمال خطية، وتركيبية، وصناعات تقليدية، ورسومات لافتة، في جامعة الشارقة، وساحة الخط، وواجهة المجاز المائية، ومسرح المجاز، بحضور سعادة عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والأستاذ محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، مدير المهرجان، وسط الفنانين المشاركين ومحبي الفن الإسلامي وضيوف المهرجان وعدد من الإعلاميين.



شهدت جامعة الشارقة افتتاح معرضين فنيين، هما: "كتب خارجة عن النسق" للفنان المصري إسلام علي، و"النظرية الموحدة" للفنانة الأميركية ميري واجنر.



وتركت أعمالهما عدداً محدوداً من أعمال الفن الإسلامي، وهذا العدد المحدود بالغ الأهمية الفنية، إنه أثر إبداعي، ورؤية جمالية، بالنظر إلى إسلوبيتها ومضامينها ولغتها المشهدية، إذ تضعنا أمام تجربة لافتة، ونستطيع أن نستكشف من خلال جولة واحدة رؤى وأفكار متنوعة.



وبينما يسعى معرض الفنّان المصري إلى توضيح الكيفيّة التي تُطوّر الأنماط وتتحوّل في الكتب، لكي يختبر المشاهد جمالها وأناقتها و وئامها وتعقيدها، فإن كل رسم من أعمال الأمريكية واجنر تقدّم مجموعة من الخصائص تظهر على هيئة تشابك، في حين يبدو شكل النسج المُحكم ضمن كوكبة نجميّة سماويّة، أو حصيرة من الحبر الكثيف مع قليل من نقاط الورق الخام المتبقّية.



معارض متنوعة في الخط والصناعات التقليدية من خوارزم، والسيراميك التركي التقليدي، شهدتها بيوت الخطاطين، وجمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية، ومركز الخط، وذلك في ساحة الخط، وقدّم معرض " جماليات الحرف العربي بين الماضي والحاضر" مقتنيات، 15 خطّاطاً من دول عدّة، أنجزوا أكثر من 40 عملاً فنّيّاً متنوّعاً يضمّ أجمل وأبهى الخطوط العربيّة، ومنها: الكوفي، والمحقّق، والثلث، والنسخ، والريحان، والديواني، وجلي الديواني، والنستعليق، وغيرها من الخطوط العربيّة، يقدّمون من أعمالهم ، نسيجاً من الحروف المطوّعة والمدوّرة برؤية فنّيّة باذخة تتشكّل في لوحة خطّيّة زاهية الألوان تشبّعت بالإبداع من أيادٍ إبداعيّة، على جدران بيوت الخطّاطين في ساحة الخطّ.



وفي معرض "ما وراء الزمن" للفنانة شيماء أوقور/تركيا، تضمن مجموعة فنّيّة من أعمال التذهيب، أُنشئت بين الأعوام 2008 و2019، ويكشف المعرض الحالي عن عيّنات التذهيب التي تطوّرت في الفنّ الإسلاميّ منذ البداية وحتّى اليوم، وتهدف الفنّانة إلى تقديم تعليقات فنّيّة مختلفة تعبر الزمن لتصل إلى حاضرنا.



أما معرض "قيروانيّات" للفنانين عمر الجمني وعامر بن جدو/ تونس،  فقد اشتمل على عدّة أساليب خطّيّة، منها المجوهر والمبسوط والثلث المغربيّ والزمامي وأخيرا المجوهر الجليل، فقد انفرد الخطّ المغربيّ بجمال خاصّ لا نجده في خطوط أخرى بحكم تنوّع أساليبه في خطّ واحد على مرّ العصور، وظلّ التونسيّان عامر بن جدو (1954) وعمر الجمني (1957) وفيّين للتلازم بين الخطّ الكوفي القيرواني والخطّ المغربي في لوحاتهما، فأنجزا عشرات اللوحات الخطّيّة خلال مسيرة فنّيّة طويلة، طاف خلالها الرجلان البلدان العربيّة، حيث كشفا عن إبداع بصريّ لافت.



ومن تونس إلى أوزباكستان في معرض "صناعات تقليديّة من خوارزم " للفنانين قاسموف جمول، ونزاروف أنور، وشيخة عبد الله – أوزباكستانو يجسّد المعرض بعض القصص التاريخيّة والحياة اليوميّة للأوزبكيّين، وهي عبارة عن أعمال مزخرفة من النحاس أحد الموروثات التقليديّة لهذا الشعب، يضمّ المعرض أعمالاً مزخرفة، ومشغولات يدويّة على شكل لوحات مجسّمة مصنوعة من مادّة القشّ، لثلاثة فنّانين اجتمعوا لتقديم رؤى متنوّعة في جزء مهمّ من تاريخ الفنون الإسلاميّة التقليديّة.



وفي معرض "الخيال في الفنون الإسلاميّة" للفنانين، محسن أغاميري وزينب شاهي/ إيران،  الذي يقوم على شراكة خطّيّة بين أغاميري وشاهي، حيث يكشفان بإبداع لافت عن جهد عمليّ تشاركيّ ينمّ عن حيويّة في الإنتاج، ويستند الفنّانان الإيرانيّان على رؤية فنّيّة ذات لغة بصريّة مدهشة، لنرى إليهما وهما يحلّقان في فضاءات خطّيّة، تعمل على ترسيخ فلسفتهما في العمل. ، يكشف المعرض عن عدّة نسخ من القرآن، إضافة إلى العديد من القطع الخطّيّة، وأعمال زخرفية رائعة، تزيّن متاحف مرموقة.



كما شهدت ساحة الخط افتتاح معرض "السيراميك التقليديّ التركيّ في القرن السادس عشر" للفنان محمد جورسوي/ تركيّا، فنّان خزفيّ ذو شهرة عالميّة، كان له الفضل في إحياء فنّ خزف "الإزنيك" من جديد، والذي كان يوشك على الاندثار مع نهاية القرن السابع عشر الميلاديّ. ويعتبر جورسوي خبير فنون الخزف في مدينة إزنيك، والمعروفة منذ القرن السادس عشر حتّى عصرنا الحالي.



وفي واجهة المجاز المائية تم افتتاح معرضين فنيين بعنواني "من أفق إلى أفق" للفنانة الانجليزية الأندونيسية سينتا تانترا، و"تأمل/ لعب" لليابانييّن كاز شيران وكايتو ساكوما.



أشارت تانترا إلى أن عملها لوحة تكون ألوانها فريدة من نوعها استجابةً للشارقة، وذلك عن طريق استخدام طلاء ذهبيّ إسلاميّ تقليديّ يعكس عناصر هندسيّة معيّنة لجعل العمل يتوهّج بشكل خلّاب خلال النهار وخلال ضوء القمر في المساء.



وأوضحت فيما يتعلق بعنوان العمل (من أفق إلى أفق) أنه يعبّر عن مدى الانسجام والتمازج ما بين الشرق والغرب، حيث أمزج كليهما في أسلوبي الفنّيّ الخاصّ، وبأنماط وألوان جديدة ومثيرة تحتفي بالحياة.



في "تأمل/ لعب"، سيتمّ إنشاء التأثير المتلوّن المتلألئ بواسطة مرايا متعدّدة تعكس الضوء والألوان والأشخاص، ويُعدّ التأليف الصوتي أيضاً العنصر الأساسيّ الذي يبعث الحياة في مجموعات وخبرات فريدة ومختلفة دائماً تُحفّز عقل الزائر، ويراعي هذا التأليف الصوتيّ جميع الأديان، لاسيّما أنّ لكلّ دين لغته الصوتيّة الخاصّة به.



ويستلهم التجهيز الفنّيّ شكله من النمط الهندسيّ الإسلاميّ المصنوع من المرايا، كما سيعمل "شيران وساكوما" من التجهيز الفّنيّ "آلة صوتيّة كبيرة"، ومكاناً للصلاة مستوحى من المسجد.



وكانت باحة مسرح المجاز مكاناً للعمل الفني "مبنى ينمو"، وأشار صاحب العمل الفنان المصري أحمد قرعلي إلى أن المشروع المقدّم جزء من مشروع نحتيّ أكبر يستكمله تباعاً في كلّ عرض، محاولاً تطوير الشكل المعماريّ في الحضارة الإسلاميّة من وجهة نظره كنحّات، متخيّلاً مدينة كاملة مستوحاة من هذا الإرث الفنّيّ.



تقوم رؤية قرعلي على تجربة إعادة صياغة جميع عناصر العمارة الإسلاميّة، وإعادة استخدامها ضمن إطار الحداثة؛ وبالتالي الحصول على مصدر إلهام لإنشاء مدينة سيتمّ إنجازها تدريجيّاً في كلّ معرض، وقد سبق له أن قدّم بوّابات هذه المدينة في معرض الأكاديميّة المصريّة للفنون بروما في العام 2006، حيث استخدم فيها المقرنصات بأشكال مختلفة لا تتبع الطريقة المعتادة للقواعد والأنماط.