إبداع في ختام القراءات الشعرية "للشارقة للشعر العربي"

15 يناير, 2024

 



إبداع في ختام القراءات الشعرية



"للشارقة للشعر العربي"



 



الشارقة – بيت الشعر  



 



اختتم مهرجان الشارقة للشعر العربي فعالياته وأنشطته مساء أمس الأحد الموافق 14 يناير في قصر الثقافة بأمسية شعرية شارك فيها الشعراء: عبداللهالهدية من الإمارات، والسر مطر من السودان، ومحمد العموش من الأردن، وحكم حمدان من المغرب، وأحمد شلبي من مصر، ومحمد المعشري من عُمان، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر. وقد شهد المهرجان حضوراً كثيفاً من جماهير القصيدة الذين امتلئت بهم قاعة قصر الثقافة بالشارقة.  



 



قدم الأمسية الشاعر عبدالله أبو بكر من الأردن الذي أشاد بدورة المهرجان واحتضانها تجارب شعرية غزيرة الإبداع، استطاعت أن تستحضر أشكال مختلفة للقصيدة العمودية في إطار عصري خالص، وهو ما برهن على أن للمهرجان دور أصيل في الاحتفاء ببلاغة الشعر العربي وخصائصه وثوابته في ظل المتغيرات التي تشهدها القصيدة العربية حالياً، والتي تبرز طبيعتها المتجددة ووظائفها الجمالية، مثمناً جهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في الارتقاء بالشعر العربي عبر مبادرات طويلة الأمد من شأنها أن تحفز الشعراء على مزيد من الإبداع.    



 



وعبر الشعراء في الختام عبر أساليبهم الشعرية المختلفة، فقد اتسمت قصائدهم بالجمال وأبرزت مكانتهم في المشهد الشعري في ظل تفاعل حقيقي مع الجمهور الذي مثل ظاهرة بحضوره اللافت منذ انطلاق المهرجان حتينهايته، إذ حلق الشعراء في فضاء الذات والأوطان والفقد، وتغنوا بالحب وأنشدو للجمال، وأبرزوا مهاراتهم اللغوية فتجانست أصواتهم بإبداع ودهشة.  



 



افتتح القراءات الشاعر عبد الله الهدية بقصيدة "أسطورة الحسن" التي تفيض بالبوح الجمالي بنموذجها المتعدد الدلالات، فيقول:   



 



 أسطورة الحسن يا تفاح قافيتي   



يا عطر ما تشتهي أيامي الغررُ  



من أنت؟ يا مدن الأشواق في نظري  



ما الأمر ما سر هذا الحب ما الخبر  



من أنت ردي على برواز أسئلتي  



فقد نشطت على جدرانه الصور  



 



ثم قرأ الشاعر السر مطر قصيدة " تَماهٍ مَع الصَّحراء" التي يستخدم فيها المجاز، وتعبر في الوقت نفسه عن تصورات شاعر مهموم بالكلمة فيقول:  



وقفتُ بياضًا في السُّطورِ لأنَّنِي  



كَرهتُ مَسِيري في الفَضَاءِ المُلَوِّنِ  



أجُوبُ تَواريخًا تُحَرِّفُ نَفسَها  



لأبْحَثَ فيها عن حُروبٍ تَخُصُّنِي  



وأذْكُرُ أنِّي كُلَّما قلتُ أهتَدِي  



رأيتُ شَياطينَ الكَلامِ تَؤُزُّنِي    



 



وجاءت قصيدة الشاعر محمد العموش التي حملت عنوان "هكذا تكلم الشعر" مفعمة بالتأويل في صيغها المعبرة عن بوح صادق تفيض به النفس، فيقول:   



 



بـُـليث بالشـِّــعرِ ، يا طالوتُ معذرةً  



لقد تضلّعتُ ، لمَّا غيريَ اغترَفا  



ولمْ يـَـكــَــدْ يـُـولدُ الإحساسُ قافيةً  



حتى شكرتُ فمي في وأدِها سـَـلـَفـَا  



قد تهزمُ  الشـَّــاعرَ الصنديدَ قافيةٌ  



لكنـَّهُ أبداً لا يخســرُ  الشـَّــغَفـَا  



ويخــسرُ الفارسُ المقدامُ معركةً  



لكنـَّـهُ أبداً لا يفقــدُ  الشــَّــرَفا



أشــهى القصائدِ ما تأتي مباغتةً  



وأروعُ الشـِّـعر ما ياتيك مـُـنعطـِـفا  



ففي اسـتقامةِ سـَــيرِ النـَّـهرِ مقتلـُهُ  



لذا يجيئكَ مـَـلويـَّاً ومـُـنحرِفا  



 



وقرأ الشاعر حكم حمدان قصيدة بعنوان" نبوءة حزن" التي يستدعي فيها سيرة الدمع بأسلوب تخييلي حر في تشكيل المفردات، فيقول:  



 



صوبَ انتهائي، أسيرُ الآن مبتعدا  



أجرُّ خطوة هذا البدءِ منفردا  



أهيمُ في الأرض، لا ربعا أمرُّ به  



إلا وبايعني في الحزن من وُلِدا  



أسيرُ تسحبُني الأطيافُ صامتةً  



تخطو ،فأنأى، ليدْنو الدمعُ محتشِدا  



 



ومن جهته قرأ الشاعر أحمد شلبي قصيدة "دهشة" التي طرح من خلالها عوالم الأحلام والعواطف والرؤى بأسلوب تفصيلي عبر سياقات تركيبية بديعة، فيقول:  



 



أوقَفَني .. وقال لي: لا تَخَفْ  



قلتُ له: ماذا .. إذا لمْ أقِفْ؟  



فقال: تبقى كوْكبًا تائهًا  



ولُؤلؤًا لمَّا يزلْ في الصَّدَفْ  



وهلْ ترى الطِّينَ بفخَّارةٍ  



كما ترى آنِيَةً من خَزَفْ؟  



 



واختتم قراءات هذه الأمسية الشاعر محمد المعشري بقصيدة "تشظٍّ بدويّ"  التي حلق فيها بدروب شتى من الخيال بأشكال بلاغية تختزل المجاز ذات تأثير دلالالي، فيقول:  



 



لهم من الطللِ المنهدِّ: سُمرَتُهُ 



ورعشةٌ حُلوةٌ من غُربةِ النخلِ   



تسيلُ أسماؤهم للحنِ مُترعَةً 



كما تسيلُ شفاهُ الوردِ للنحلِ!   



تألهوا حينَ من أخطائهم بلغوا 



مضلةً غضَّةً في رحلةِ الجهلِ   



 



الجدير بالذكر أنه أقيمت قراءات صباحية شعرية في مدينة خورفكان شارك فيها الشعراء: حسن الزهراني من السعودية، وعبدالعزيز الهمامي من تونس، وعلي النهام من البحرين، وعمر السراي من العراق، ومحمد حسن من السودان، قدمها الشاعر السوداني د. الصديق عمر الصديق، حيث فاضت قصائد الشعراء بالحب والحنين، وضجت إبداعاتهم بالموسيقى وإيقاعاتها التصويرية، فسادت روح شعرية تماهت مع جمال منطقة خورفكان التي احتضنت هذه القراءات الشعرية، وقد قرأ الشاعر حسن الزهراني من قصيدة "نبضك من دمي" التي تفاعل معها الجمهور بسبب طابعها الوجداني المؤثر، فيقول:  



  



أحبك، ما من مغرمٍ -قال قلبه   



 لمحبوبه ما قلتُ- قبلي ولا بعدي  



أُحبك..  لو وَزّعتُ مِعشار لوعتي  



 على كل من في الكون ماتوا من الوجدِ  



وما عشتُ رغم الحب إلّا لِأنّ -في   



 فمي، من بقايا الريق- نهرين من شهد  



 



وقرأ الشاعر عبدالعزيز الهمامي قصيدة بعنوان " الإمارات" التي أنشدها حباً فيها، وذكر أمجادها وتاريخها التليد، فيقول  :                                 



 



 تَارِيـخُـهَـا شِـيــدَ مِـنْ ضَـوْءٍ وَمِـنْ عَـبَـقٍ  



وَفَـوْقَ   تُــرْبَــتِـهَــا  لِـلْـمَـجْــــدِ  اَيَــــاتُ  



سَـوَاعِــدٌ أَوْقَــدَتْ فِـي الأُفْــقِ شُـعْــلَـتَـهَـا  



وَلَــيْــسَ فِـي غَــدِهَــا الاَّ الـنَّــجَـــاحَـــاتُ  



كَـأَنَّمَـا الغَــيْــبُ  أَفْـشَـى  سِـــرَّ قَــادِمِـهَــا  



عَـهْـــدٌ  تُـسَــيِّــجُـــهُ  بِالـوَرْدِ   بَـــاقَـــاتُ    



 



وألقى الشاعر علي النهام قصيدة" أنثى المجاز" الموسومة بالثراء اللفظي والاشتقاقات والتراكيب التي تبرز جمال صياغتها، فيقول:    



 



من سورةِ الماءِ حتّى نشوةِ الطينِ   



وطفلتي الغيمةُ البيضاءُ تَسْقيني   



تصبُّ في شفةِ الأزهارِ قُبْلَتَها  



فيرقصُ العطرُ في ثغرِ البساتينِ   



ويطلقُ العازفُ الليليُّ جوقتَهُ   



فيحتوينيْ صدىً من رقصةِ التينِ



 



أما الشاعر عمر السراي فقد ألقى قصيدة" الآن أتم ُّ صلاتي" التي تكتنز الكثير من المعاني البلاغية، وتفيض بحساسيتها الجمالية بشكل لافت، فيقول:  



 



الغيم ُ مشـَّـط وجه الأرض مذ يبست    



 وعندما جف َّ وجه الغيم .. هم هطلــــوا  



والليــل ُ خبـَّـأ أصدافــا بـمـعـطـفهم ..  



فحــزنــــهم ألــف ُ ليـــل ٍ فيه يتــَّـصلُ   



و البحــر ُ نــــام َ على أهدابهم بللا ً   



و مــــذ تبحــَّـــر َ فـيــهم مســَّـه ُ البــللُ  



  



 



واختتم قراءات الشعرية الشاعر محمد حسن الذي قرأ قصيدة " أثــرٌ على دموع السنديان" التي نسجها بإيقاعات مرهفة وبتجسيد إنساني عذب، فيقول:  



 



حزني كفاني، فما أتى قَلمِي                   



إلا ظنوناً وشيكةَ الفَتَرِ  



دعني أعيدُ الصباحَ في لُغتي                    



ليتبعَ الحرفُ قبلةَ البَصَرِ  



ويفهمَ الخوفُ أنَّني غَضِبٌ                    



فكَمْ مضتْ جُملتي مع الحذَرِ