عمّان تحتفي بالفائزين في جائزة الشارقة للإبداع العربي

27 أبريل, 2023


احتضنت العاصمة الأردنية عمّان حفل تكريم الفائزين في الدورة السادسة والعشرين من جائزة الشارقة للإبداع العربي (الإصدار الأول)، التي تقام تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتنظمها إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة في الشارقة بالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية.



أقيم حفل التكريم في المكتبة الوطنية، الأربعاء، في عمّان وسط احتفاء كبير، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، والأستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، الأمين العام للجائزة، وسعادة هاني محمد بن هويدن القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة الدولة لدى الأردن، و عطوفة الدكتور نضال العياصرة نيابةً عن وزيرة الثقافة الأردنية معالي هيفاء النجار، وجمع من مثقفين وأدباء وأكاديميين أردنيين وعرب.



وتحرص الشارقة على دعوة فائزين سابقين لحضور تكريم فائزين جدد لما له من أثر إبداعي وثقافي كبيرين، وهو ما تجلّى في الدورة الحالية من مشاركة كبيرة تمثّلت في أكثر من 50 فائزاً سابقاً وحديثاً.



وكان صاحب السموّ حاكم الشارقة وجّه بنقل الاحتفاء بالفائزين إلى البلدان العربية، وتنقلّت الجائزة في أوّل تجوال لها خارج الدولة في العام 2019 وكانت مصر الدولة المستضيفة آنذاك، لتنطلق بعدها (الجائزة) إلى وجهات عربية متعددة، وحطت رحالها  في الأردن في دورتها الحالية كوجهة جديدة، ويعكس توسّع وتنقّل الجائزة عربياً رؤية مشروع الشارقة الثقافي، من أجل أن تعمّ الفائدة الثقافية في كافة أقطار الوطن العربي.



قدّمت للحفل الشاعرة الأردنية وفاء جعبور، وأِشارت في البداية إلى الدور البارز الذي تمثّله الشارقة في دعم أواصر الثقافة العربية من خلال سلسلة برامج ثقافية مهمة تقدّمها دائرة الثقافة في العديد من الدول العربية.



"التعاون البنّاء"



في بداية كلمته، قال ممثل وزارة الثقافة نضال العياصرة: " تأتي استضافة الجائزة في الأردن، تعبيراً عن استمرار التعاون بين دائرة الثقافة في حكومة الشارقة ووزارة الثقافة الأردنية، وفتح المزيد من آفاق العمل الثقافي والإبداعي، وهو ما أثمر عن العديد من المبادرات المشكورة للشارقة في الشعر والأدب والمسرح، وما بيت الشعر في المفرق الذي أنشىء بمبادرة كريمة من صاحب السمو حاكم الشارقة، إلا مثالاً على هذا التعاون المثمر والبناء".



وأشار العياصرة إلى أن المشروع الثقافي الرائد في الشارقة يسير بخطى حثيثة وواضحة ترجمت على أرض الواقع، فأصبحت الإمارة موئلًا للثقافة العربية ونبراسا منيرًا للأجيال المتعاقبة، مؤكداً أن سموّه أولى اهتمامًا كبيرا بتشجيع جيل الشباب المثقفين والمبدعين العرب في جميع نواحي الأدب والفكر، ما شكّل روافع مهمة للثقافة العربية التي نمت بفضل هذه الجهود التي آمنت بقيمة الثقافة العربية ودورها على مستوى الثقافات الإنسانية.



وتابع ممثل وزارة الثقافة الأردنية بقوله إن :"جائزة الشارقة للإبداع العربي تعد مشروعا رائدا لصقل مواهب الشباب والشابات على مستوى الوطن العربي، فمن خلال هذه النافذة الواسعة سيتمكن الكثير من الشباب العربي من الدخول لباب المشاركات الإبداعية والأفكار الطموحة الخلّاقة التي تولد في أذهانهم، خاصة وأننا نعيش في عصر التكنولوجيا والاتصال".



"تحفيز إبداعي"



وألقى سعادة عبد الله بن محمد العويس كلمة أكّد في بدايتها أهمية تواصل الأنشطة الثقافية العربية، لما تعزّز من أواصر الاخوة والمحبّة، مشيراً إلى أن الساحة الثقافية العربية شهدت خلال الفترة الماضية، زخماً ثقافياً عربياً تميّز بحضور المثقفين والأدباء العرب في مناسبات متعدّدة وفي حقول ثقافية متنوّعة، موضحاً "مما كان له الأثر البالغ في تحفيز الاقلام المبدعة للمزيد من البذل والعطاء الأدبي".



وأضاف العويس، قائلاً: "ها نحن اليوم في ضيافة الأردن العزيز الذي يؤكّد على الدوام ترحيبه بكل ما من شأنه أن يعزّز التلاحم العربي وتشجيع الأدباء من الشباب العرب، وبفضل التعاون الوثيق بين وزارة الثقافة الأردنية ودائرة الثقافة بالشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة، تنعقد الدورة السادسة والعشرون من جائزة الشارقة للإبداع العربي - الإصدار الأول، وهي الجائزة الرائدة في مجال دعم الشباب المبدع في الوطن العربي، حيث تحتفي الجائزة بالفائزين في حقول الجائزة الست: الشعر، القصة القصيرة، الرواية، أدب الطفل، المسرح، والدراسات النقدية، حيث يتجمع الفائزون بالمراكز الثلاثة الاولى في كل حقل لدراسة شأن من شؤون الأدب العربي، ضمن ورشة إبداعية يشرف عليها أكاديميون متخصصون".



وأعرب رئيس دائرة الثقافة عن عمق شكره للتعاون المثمر مع وزارة الثقافة، بقوله: "إنها لمناسبة سعيدة أن نتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى وزارة الثقافة الأردنية على جهودها المخلصة في إنجاز هذه الدورة"، كما تمنيات صاحب السمو حاكم الشارقة للفائزين، قائلً: "أتشرف في هذا المقام بأن أنقل إليكم تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة وتمنياته لكم بالتوفيق".



"التكريم"



سلّم عبد الله بن محمد العويس ومحمد القصير يرافقهما نضال العياصرة وهويدن الفائزين بالجائزة؛ شهادات تقديرية تكريماً لجهودهم الإبداعية.



"الورشة العلمية"



عقب التكريم، بدأت جلسات الورشة العلمية المصاحبة للجائزة، بعنوان بـ"مستقبل تحولات القصيدة العربية"، واشتملت الجلسة الأولى على محورين أساسيين هما: الأول بعنوان: "تحولات القصيدة العربية"، والثاني بعنوان: "الأدب التفاعلي و القصيدة التفاعلية"، فيما تولى الشاعر الأردني د. راشد عيسى مهمة الإشراف على الورشة.



وقال عيسى في بداية تقديمه: "نحن سعداء بتكريم الفائزين، وما تقوم به دائرة الثقافة في الشارقة من فعاليات وأنشطة وهي جميعها بتوجيهات من صاحب السمو حاكم الشارقة، النموذج الأعلى في رعاية الأدب والأدباء".



وأشار إلى أن الجائزة عبر 25 عاماً تمكّنت من تعزيز الموهوبين من خلال دعم الإصدار الأول، مؤكداً أنها تكريم للنص ولصاحب النص، وأن تواجد عدد من مشاركين في دورات مضى عليها أكثر من عشرين عاما في حد ذاته تكريما للمشاركين، لافتاً أن الشاعر الأردني ناصر شبانة أحد الحاضرين في الدورة الحالية؛ هو من الفائزين في الجائزة في دورتها الثانية قبل 24 عاماً، موضحاً أن العاهل الأردني عبد الله الثاني كرّم شبانة احتفاءً بفوزه بجائزة الشارقة للإبداع العربي بمنحه وسام الحسين للتفوق، وهو من تبعات الفوز بالجائزة العربية المرموقة.



"الشعر والتكنولوجيا"



شارك في المحور الأول: غالب أحمد عبده من اليمن، ورهام محمود عيسى من سوريا، وإباء الخطيب مصطفى من سوريا، وإيمان عصام خلف من مصر.



وأبرزت إيمان عصام في ورقتها أن "الانفتاح والعولمة أحد الأسباب الرئيسة في تطور وسائل الاتصال، حيث أصبح العالم كله يرتبط ببعضه البعض عن طريق شاشة حاسوب زرقاء معتمدة على التكنولوجيا، والتي أصبحت عماد الحياة الراهنة بوسائطها المتعددة"، فيما ركزت رهام عيسى في ورقتها على أن "القصيدة العربية لم تكن في عصر من العصور ذات شكل واحد أو نموذج معين بل دائماً ما ظهرت بوصفها مجموعة من النماذج والتشكيلات الفنية المختلفة. و ولكن التغيير الحقيقي لم يظهر إلا مع النصف الأول من القرن العشرين، حيث بدأت الكثير من التغييرات التي ظهرت على الشعرية العربية، وكانت هذه التغيرات إن صح التعبير حصيلة الكثير من التبدلات والتغيرات".



وترى إباء الخطيب أن تطويع التكنولوجيا أدخل الشعر والأدب عمومًا في حالة من الاستسهال في غياب منظومة نقد صارمة، فالجميع على هذه المنصات يسمح لهم أن يكونوا شعراء، ويؤكد غالب أحمد أن الوسيط الرقمي فرض تحولات إيجابية وسلبية على القصيدة العربية، مشيرا إلى أن تجربته في ممارستها فهي قصيدة منفصلة عن الرؤية ومتعلقة بالحدث الآني.



وشارك في المحور الثاني كل من: هناء سعد محمد عبدالدايم من مصر، وعلي عواد عبدالله خضير من العراق، ومحمد حسانين إمام من مصر، ووفاء مفتاح ابنة يوسف من الجزائر.



وسعى علي عواد في مقاربته البحثية إلى معاينة الأدب الرقمي (التفاعلي) عبر اشتراطاته الجديدة التي جعلت منه وافداً جديداً على النظرية الأدبية المعاصرة، الذي يراهن على أدواته التعبيرية الجديدة، وتناولت ورقته (الأدب الرقمي المفهوم وإشكالية المصطلح) التي أثارتها الدراسات النقدية حول مصطلح الأدب الرقمي وما تبعه من مصطلحات أخر، وتوقف حسانين  في ورقته البحثية مع أحدث تجربة للمبدع الشعري الرقمي التفاعلي صاحب الريادة د. مشتاق معن، مشيرا إلى أن هناك تجارب عديدة على الساحة العربية، لكن الباحث سيتوقف عند أهمها تمثيلًا لا حصرًا، خاصة المحققة لشروط الرقمية التفاعلية وخصائصها.



وتناولت هناء عبد الدايم في ورقتها ما اسمته "قصيدة الحاسوب"، مشيرة إلى أنه طرأ على العالم في هذه الأيام وافد جديد وهو الذكاء الاصطناعي والذي بدأ يدخل معترك الصناعة والمجالات البشرية بقوة و"هنا نحن معنيون بالمجال الأدبي ولعل أكثر ما أذهل العالم إطلاق شركة مايكروسوفت حاسوبها الكاتب الجديد، والذي أصبح قادرا على كتابة الأدب والقصائد".



وطرحت وفاء مفتاح في ورقتها أمثلة من كتّاب الرواية الرقمية، قائلة: "ولنا في الأدب العربي تجارب أولى معتبرة في مجال الرواية كالرواية المتخيلة الجماعية وهي أهم ما ظهر من مدونات كرواية: على قد لحافك " على يد ثلاثة كتاب مصريين على موقع التواصل الاجتماعي الفبيبوك مثل رواية "رواية تكملها أنت " لأحمد خالد توفيق " وهذا بمشاركة عدد من الكتاب المشاركين في عملية السرد الجماعي".



هذا، وتستمر فعاليات الدورة الحالية من الجائزة بقراءات شعرية لكل من: غالب أحمد عبده العاطفي من اليمن، وسلام جليل عبدالحسين من العراق، وعبدالله محمود العبد من سوريا ، وقراءات قصصية لكل من: رهام محمود عيسى من سوريا، وكامل محمد كامل ياسين من فلسطين، ونورهان نشأت فكري من مصر.