مراكش تسدل الستار على فعاليات مهرجان الشعر المغربي الخامس

13 نوفمبر, 2023

 



مراكش تسدل الستار على فعاليات مهرجان الشعر المغربي الخامس



مثقفون مغاربة: الشارقة حاضنة العمل الثقافي العربي 



مراكش- 



اختتم مهرجان الشعر المغربي فعاليات الدورة الخامسة التي أقيمت تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة؛ ونظمتها دار الشعر في مراكش بالتعاون مع دائرة الثقافة في الشارقة ووزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، على مدى 3 أيام بمشاركة واسعة من شعراء ومثقفين ونقاد وفنانين مغاربة.



حضر حفل الختام سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، وعبد الحق ميفراني مدير دار الشعر في مراكش، وعدد كبير من الأكاديميين والطلاب والمهتمين بالشعر.



وشرّع المهرجان، خلال أيامه الثلاثة المميزة، أبوابه للمبدعين القادمين من مختلف المدن المغربية، لتصبح مراكش عاصمة الشعر المغربي خلال فترة المهرجان حيث شهدت زخما شعرياً لافتاً لأكثر من 40 مبدعاً مغربياً..



وتنقّل المهرجان بين مؤسسات ثقافية وأكاديمية ومناطق داخل مدينة مراكش، محتفياً بالقصيدة ومبدعيها، وسط حضور كبير يؤكد أهمية الحدث الشعري.



"نبض القصيدة"



شهد اليوم الختامي جلسة شعرية صباحية شارك فيها الشعراء: زينة بوحيا، ومبارك لعباني، وزينة بوظهير، وحمزة العمري.



ولامس الحضور نبض القصيدة بينما كان ينشد المبدعون مشاعر من أعماق الروح لتصل إلى متذوقيها.



وقرأ مبارك العباني من "حِكايَةٌ على الرمل"، يقول:



سَقَتْنِي عُــيُــــونُ العَارفيــنَ ﻷُبْصِـــرَا



فَكُنْتُ الذي أبْصَرْتُ في الدَّرْبِ أَدْبَـرَا



               أُلوّحُ لـي..فـي البعْـدِ  ثَـمَّـــةَ ٱخَـــــرِي



يُلوِّحُ.. لـكـنْ مـا انْبَـريْتُ وما انْـبَــرى



عَدَوتُ وَرَائِــي أَقْتَفِي أثَــرَ الخُطـى



فإذْ بالّــذي يَـعْـــدُو بِبَعْضِــي تَـعَـثَّـرَا!



وَجَـدْتُ زُهُــورَ الحُـلْـمِ تُلْهِي ذُبُـوْلَها



وَلا ثَــــمَّ مِـــنْ غَيْثٍ يُعَـانِــقُ مُزْهِـرَا.



وقد احتشدت قاعة القراءات الشعرية بأكثر من مئتي طفل ويافع وشاب كانوا قد شاركوا في دورات الكتابة الشعرية ودراسة علم العروض خلال عام كامل، وقد قام عبد الله العويس ومحمد القصير بتكريمهم وتسليمهم شهادات المشاركة تشجيعا لهم. 



وكان لهذا الحضور الكثيف من قبل الطلبة والمهتمين أضافة هامة للمهرجان، وشكّل فرصة لاجتماع أجيال شعرية متنوعة في مكان واحد.



وفي الأمسية الشعرية من نفس اليوم في حديقة "مولاي عبد السلام"، شارك الشعراء: جميلة شكير، وثريا القاضي، ومحمد حمودان، وعبد اللطيف السخيري، وهو أحد الفائزين بجائزة الشارقة للإبداع العربي/ الإصدار الأول، في دورة سابقة.



"الشعر وإبدالات النقد"



شهد ثاني أيام المهرجان ندوة نقدية بعنوان "الشعر المغربي وإبدالات النقد والترجمة"، بمشاركة الباحثين: د. محمد عيناق، ود. عبد العزيز الحويدق، ود. فاطة الزهراء ورّاح، وأقيمت في كلية اللغة العربية في مراكش، وحضرها عدد كبير من الأكاديميين والطلاب وجمهور المهرجان.



وقدّمت د. الزهراء ورقة بعنوان "الشعر وإبدالات اللغة"، وأبرزت أن النص الشعري يجب أن يطرح وجوده كسؤال، مضيفة أن هذا السؤال هو الذي يتخذه النقد موضوعا له مما يجعل مسار النقد مسارا قلقا، ولعل مبعث قلقه هو ما يطرحه النص الشعري كوجود خاص في بنيته المرتبطة بالمرجع الخاص، فالنقد مطالب بتوصيف كيفية بناء النسيج النصي  وبحث خصوصيته الفنية.



وقالت في هذا الضوء "تظهر أهمية التجربة الشعرية في إطار ارتباطها بالممارسة النقدية، فهي تجربة ترتكز بالضرورة على القول المختلف، وإبداع طاقة تعبيرية تفصح عن هذا المختلف، قد تنجح هذه الطاقة نحو المبالغة طلبا للاختلاف وإبداع طواعية تعبيرية.



وتناول د. محمد عيناق ورقة بعنوان "ظاهرة الشعر العمودي والأشكال الجديدة"، وقدّم جملة من العناوين ركّزت على إبراز الفروقات بين الشكلين، وأشار في البداية أن الشكل القديم هو الأصل والأساس، وهو تراث فني إنساني.



وأضاف أن التجديد يجب أن يروم ما يلائم النفس الإنسانية من جميع نواحيها المتعددة في كل زمان ومكان، وركّز على أن الشكل لم يكن أبداً لم يكن أبدا مقياسا وحيدا لتمييز الشعر.



وجاءت ورقة د. عبد العزيز الحويدق بعنوان "العلاقة بين الشعر والنقد"، واستعاد فيها بداية النقد العربي القديم، انطلاقا من محطات بارزة تعكس تلك التفصيلات التي تُبين عن هذه العلاقة الجدلية بين الخطاب الإبداعي والخطاب النقدي الواصف.



وكان اليوم الثاني تضمن قراءات شعرية شارك فيها الشعراء: مصطفى ملح، وعبد العظيم حيداوي، وحسن بولهويشات، ودامي عمر، وحمزة الخازوم، ونزار كربوط، وفاطمة حاسي، وسعيد الباز.



في قصائد الشعراء تشكّلت النصوص من المادة الخام للغة، تلك اللغة التني ينسل خيطها ولا يعرف التوقف إلّا لحظة اكتمال النص، فيتكدّس المعنى، وتتعالى الصور كأنها لوحات زاهية الألوان، تصوّر مشهدية غزلية مرة، وتنقل ذكرى عالقة في البال مرة أخرى.



وقرأ الشاعر الشاب عبد العظيم حيداوي، صاحب الـ21 عاماً، من قصيدة بعنوان "مرثية النجم الأخير" يقول فيها:



المناراتُ كلها لا تراكَا



فاخلَعِ الضوءَ واسترح من هواكَا



كنتَ نجما تُذيب ألف سماءٍ 



قبل أن يخلق المجاز سماكَا



كم تشظّيتَ في القلوب



إلى أن حُرم الحب أن يكون سواكَا



منذ فجّرتَ في الظلام الثريّا



أوشك الليل أن يجِفّ هَلاكا 



ومن مرثية حيداوي إلى الطفل المخضّر حمزة الخازوم حيث قصيدته "ليخضّر طفل ما"، يقول:



كما امتدّ في دمْعاتنا شجْوُ آسفِ



دَعُونا نجيرُ الحبَّ في كل وارفِ



دعُونا نقول الآن للأرض



هكذا نرى الوقتَ معراجًا إلى كُنهِ خائفِ



نمسّحُ عنه الفقدَ نُصلحُ صمتَه



كما تُصلِحُ الحضراتُ موقفَ عارفِ



تمنيتُ لو أنّ الزمانَ ربابة



وأن سماءَ (الناسِ) نُوتةُ عازفِ.



"الشارقة حاضنة إبداعية"



أكّد شعراء ونقاد وباحثون مشاركون في مهرجان مراكش للشعر المغربي أن الشارقة غدت حاضنة للإبداع من خلال أنشطة دائرة الثقافة الفاعلة في الوطن العربي، مثمّنين الدور الفاعل الذي تشكّله دار الشعر في مراكش على المستوى المحلي والعربي.



في هذا السياق، قال الشاعر والناقد عبد اللطيف السخيري حول مهرجان مراكش للشعر المغربي: "إن الدورة الخامسة من مهرجان الشعر المغربي، بالنسبة لي، عنوان على إصرار  دار الشعر بمراكش على لم شمل كل الواعين بمكانة الشعر في ترسيخ انسانية الإنسان، وبذلك، تكون دار الشعر منارةً للثقافة تضيءُ في سماء "الحمراء"، فيُلبي نداءَها كل جهات الوطن ".



وأضاف السخيري حول الشارقة قوله: "لا شك في أن إمارة الشارقة  غدت حاضنة للإبداع بكل تلاوينه من خلال أنشطة دائرة الثقافة التي  لا تفتُر، ولا تتوقف  إلا لتُبدعَ بداية جديدة من خلال مهرجاناتها ومسابقاتها وبيوت الشعر التي بذرتها في التربة العربية فجاءت أثمارُها  يانعةً، و يشهد على ذلك العدد الوفير من المبدعين والنقاد الذين يتابعون ويشاركون في فعالياتها من كل العالم العربي والإسلامي، وإن دعم الثقافة  الذي رعته الشارقة، هو المسارالحقيقي لكل تنمية محلية وعربية وعالمية".



واعتبرت الناقدة فاطمة الزهراء أن الدورة الخامسة لمهرجان الشعر تشكل ملتقى لفعاليات ثقافية منتجة لكل ما يرتبط بالشعر على مستوى الإبداع والنقد الذي يشكل نشاطا فكريا ينتج معرفة  بالنص، وأشارت إلى أن دار الشعر اضطعلت بدور ريادي بتنوع الأنشطة، مما أضفى تنوعا فكريا وإبداعيا على الساحة النقدية بمراكش والمغرب بشكل عام. 



وأكّدت الزهراء أن كل ذلك في إطار تعاون فاعل ومنتج مع دائرة الثقافة بالشارقة، وفي ذلك  تشجيع للعمل المثمر للشاعر المغربي والممارسات النقدية المتساوقة  مع هذا الإنتاج من خلال الانفتاح على روافد ثقافية مختلفة تعكس تنوعا فكريا. 



وقال الشاعر محمد مستاوي إن "الفضل الثقافي اليوم يرجع إلى الشارقة، لأن مشروعها ينتقل من الإمارة الباسمة إلى كافة أنحاء الوطن العربي، لرعاية الشعر هنا وهناك، لذا هنيئاً للشارقة إذ تسخّر كافية الإمكانيات للتشجيع على الثقافة العربية التي هي بأمس الحاجة اليوم إلى مثل هذه السواعد".



واعتبر مستاوي أن الثقافة، في ظل هذه الرعاية الواسعة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تُجمّع أبناء العالم العربي، وتمنح دفعة للأدب والإبداع العربي.



وقالت الشاعرة نجاة الزبير إن دار الشعر في مراكش فتحت حدائقها، فكان مطرها الربيعي فاتحة خير على الثقافة المغربية، وأصبح ديوان الشعر المغربي عبر هذه السنوات، كبيرا تقلب صفحاته فتجد العديد من الأبواب التي كلما فتحت واحدا أسرك الآخر بتميزه.



وأشارت إلى أن الشارقة هي ذلك النور المُنبجِس من بين أصابع الحياة، ووطن لكل من يبحث عن الحرف متدثرا بلحاف الكتابة، وأضافت أن الشارقة تفتح عوالمها الإنسانية من خلال تلاقح كل الثقافات، فكانت مرآة عكست قيمها الأصيلة التي جعلت المثقف العربي فخورا بلغته وإنجازاته، مؤكدة في الوقت أنها إحدى أهم اللبنات الأساسية في جدار الحضارة العربية.



وقال نجيب خداري: "لا شك أن دار الشعر في مراكش نجحت في بث روح جديدة في المشهد الشعري المغربي بمختلف خصوصياته وأجياله، في خلقحوار شعري ثري عميق، وقد قدم المهرجان الشعري من خلال نسخه الخمس تتويجا سنويا لجهود الدار في تكريم رواد القصيدة المغربية، وفي تنشئة طفولة مغربية تبتهج بالشعر وتتنافس على إبداعه".



وأشارت الشاعرة حليمة الإسماعيلي إلى أن دار الشعر في مراكش قامت بدور فعال   في تعزيز الشعر المغربي،  كما قدمت الفرصة للشعراء لتقديم أعمالهم والتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم من خلال احتضان الكثير من التجارب المختلفة في العديد من الفعاليات. .



 وأضافت أن الشارقة إمارة رائدة في المنطقة في تعزيز الثقافة والفنون العربية، وهي رؤية واقعية وملهمة للمبدعين العرب إذ تساهم في توفير بيئة حاضنة لتطوير أعمالهم وإبداعاتهم وتعزيز هويتهم الثقافية.



وقال الباحث والأكاديمي محمد عيناق إن ما تقوم به دار الشعر في مراكش عمل جبار بكل المقاييس، وأضاف حول دور الشارقة بقوله :" الحقيقة ما تقوم به الشارقة في هذا المجال عمل مشكور شجع عددا من المبدعين على الاستمرار في الإبداع الراقي الهادف وفتح المجال لأسماء شابة واعدة لشق طريقها في المجال الثقافي.. الشارقة الحاضنة الأوسع عربيا للعمل الثقافي".