22 ديسمبر 2023
تونس تحتفي بمهرجان القيروان للشعر العربي الثامن
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهدت مدينة قرطاج في العاصمة التونسية تونس، انطلاق الدورة الثامنة من مهرجان القيروان للشعر العربي، الذي تنظمه دائرة الثقافة في الشارقة بالتعاون مع وزارة الشؤون الثقافية في تونس، بمشاركة شعراء ومثقفين ونقاد تونسيين وعرب من ليبيا والجزائر.
أقيم حفل الافتتاح في بيت الحكمة في قرطاج التاريخية، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، وسعادة إيمان السلامي سفيرة دولة الإمارات لدى تونس، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، والدكتور خالد كشير، مدير عام المكتبة الوطنية ممثلاً لوزيرة الثقافة التونسية معالي الدكتورة حياة القرمازي، وكوكبة من الأدباء والأكاديميين والمهتمين بالشعر، بتغطية إعلامية محلية وعربية.
أدار فقرات الافتتاح الشاعر التونسي عبد المجيد فرحات، ورحّب في البداية بالحضور، وأشار إلى أن بيوت الشعر أصبحت متنفساً للمبدعين، وشرفة تطل على عالم الجمال، موضحاً أن الوصال الثقافي بين القيروان والشارقة يتجدد في هذا الموعد السنوي ليقدّم فضاء ثقافيا جديدا.
وألقى عبد الله العويس كلمة قال فيها: "يجمعنا الشعر مجددا في البلاد التونسية العزيزة، لنترنم بالمعاني مع ألحان الأوزان والقوافي، في مشهد يزداد ألقا عاما بعد عام من خلال مهرجان بيت الشعر القيرواني الذي تنقّل بين المدن التونسية محتفيا بالشعر والشعراء أصحاب المواهب الشابة المقبلة على الشعر والإبداع معتزا بالقامات الشعرية التونسية التي أسهمت في رفد الساحة الأدبية العربية بنتاجها الرفيع".
وأعرب العويس عن شكره لوزارة الثقافة الثقافة التونسية والمؤسسات الثقافية التي تعاونها المستمر لإنجاح كافة الفعاليات، قائلاً: "إنها لمناسبة عزيزة نتقدم فيها بجزيل الشكر والتقدير إلى وزارة الثقافة التونسية، وإلى جميع المؤسسات الثقافية والأكاديمية، التي تتعاون مع بيت الشعر حتى يضطلع بأداء رسالته النبيله، التي تؤكد العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية التونسية، تحت القيادة الرشيدة في البلدين".
ونقل رئيس دائرة الثقافة تحيات صاحب السمو حاكم الشارقة للمشاركين في المهرجان، قائلاً: "اتشرف في هذه المناسبة، لأن أنقل لكم تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتمنياته لكم بالتوفيق".
من جانبه، ثمّن خالد كشير دور الشارقة الثقافي على المستوى العربي والتونسي بشكل خاص، قائلا: "قبل كل شيء أحيي بيت الشعر في القيروان ودائرة الثقافة في الشارقة في الحفاظ على الانتظام الثقافي، وهو أمر يحسب لكم ولا بد من ثمينه، وتعتبر بادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ببعث مشروع رائد تمثّل في بيت الشعر بالقيروان، إلى جانب ستة بيوت للشعر تغطي كافة الدول العربية في عمل فريد من نوعه يعكس مشروعا ضخما".
وأضاف ممثل وزيرة الثقافة التونسية، قائلاً: "بيوت الشعر في هذا الزمن رهان وتحدٍ يفسح المجال للشعراء ليعبّروا عمّا يجول في ضمائرهم، وإن إقامة بيت شعر القيروان في هذه المدينة العريقة معقل الثقافة العربية الإسلامية وموطن فطاحل الشعراء، يعكس أهميتها ثقافيا وإبداعيا، وإن هذا مشروع بيوت الشعر يستعيد الأصالة والعراقة لهذا الفن العربي الراسخ".
وتابع: "هذه المشاريع الثقافية الرائدة أوصلت القيروان بشقيقتها الشارقة.. الشارقة اسم على مسمى إذ تشرق أنوارها كعاصمة للثقافة العربية وبيت مفتوح للتعاون العربي الأدبي والثقافي، وما أجمل أن يكون الموعد الثامن لمهرجانه الشعري في قرطاج حيث تعالت أصوات الشعراء في الآفاق، وإنه من حسن الطالع أن يلتئم المهرجان متزامنا في اتفاق تام مع الشعار الذي أطلقته منظمة اليونسكو بمناسبة الاحتفال العالمي للغة العربية، لسنة 2023 "العربية لغة الشعر والفنون"".
من جانبها، قالت جميلة الماجري مديرة بيت الشعر في القيروان إن البيت يواصل نشاطه طيلة ثماني سنوات دون انقطاع، وما فتئ اشعاعه الإبداعي يتسع ليطال مختلف أنحاء البلاد التونسية بمشاركة شعراء ونقاد وجامعيين.
وأشارت الماجري إلى أن بيت الشعر حظي بدعم كبير منذ تأسيسه من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مؤكدة أن بيوت الشعر أصبحت مشروعاً ثقافياً عربياً رائداً، بفضل متابعة دائرة الثقافة مواكبتها للعمل الثقافي داخل هذه البيوت.
"قراءات"
شهدت الجلسة الشعرية الافتتاحية مشاركة الشعراء: محمد الغزي، وهادي القمري، وعرّادي نصري، وإسراء النفّاتي من ليبيا، وأنيس الهاني، ورتال الهاني من (براعم بيت الشعر).
إلى جانب الصورة الشعرية، كان ثمّة صورة طبيعية تتكوّن في الخارج حيث الأجواء الشتوية تحيط بالمكان، فكان المشهد ممزوجاً بروح الشعر وعذوبة المطر اللذان يهبطان رويداً رويداً إلى مسامع الحضور في آنٍ معاً، وهكذا، شكّلت القصائد حالة إبداعية، أفصحت عمّا يتخفّى في ذوات الشعراء من حالات عاطفية وإنسانية ووطنية، ورسمت بخيوطٍ من حريرِ الكلمات أجمل المعاني والصور المجازية، الأمر الذي لقي تفاعلاً واسعاً من الجمهور مع القراءات.
وقرأ محمد الغزي قصيدة لمدينته القيروان، يقول:
مهلاً فقد يتعاتبُ الأحْبابُ بعضُ الهوى يا قيْروانُ عتابُ
إنّي الذي ما تبتُ عن وجع الهوى لمّا الكثيرُ من الأحبّةِ تابُوا
إنّي أميرُ العاشقينَ بأرضِكمْ وجميعُكمْ في ساحتي حُجّابُ
ومضى يقول:
لغةٌ هي الأضواءُ بين دروبها لغةٌ هي الشّرفاتُ والأبوابُ
لغةٌ هي النظراتُ تجري خِلسةً لغةٌ هي الأحْداقُ والأهدابُ
وأنشد الشاعر عرّادي نصري، يقول:
وحدي وهذا التيه آخر صاحب واعدته ودّعته ورحلتُ
مع أوّل الغيمات أصعد مفردا حتى متى ضجّ الغياب هطلتُ
مطراً على أبوابها، شبّاكها، وطرقت حتى السطح حين وصلتُ
من؟ لا تخافي مرهقا ومفتّتا كصدى قديم حاد عنه الصوتُ
قضيت عمري هائما ومسافرا وهنا فقط في الهامشي أقمتُ
ومن "لهفة التوت" نقتطف بعض الأبيات الشعرية من قصيدة الشاعر هادي القمري، إذ يقول:
يبدو إليك وينأى كُلَّما طرقا باب القصيدة يشدو هاهنا عبقا
لمّا وثِقْتُ بأَنَّ الكونَ مُذْ ينعتْ فيه المشاهد لمَّا التّيهُ بي وثِقَا
أَلقى الشِّباكَ وأَلْقى نصْف عاصفتي خلفَ المرافئِ حينَ الفُلْكُ بي غَرِقَا
وحاورَ الطِّينَ قبلَ الخلق وانفطرت تلك السَّماءُ ونجمي عاد مُؤتَلِقًا
"إصدارات"
صاحب المهرجان معرض إصدارات دائرة الثقافة في الشارقة وبيت الشعر في القيروان، ومن بينها: مجلة الشارقة الثقافية، ومجلة الرافد، ومجلة القوافي، ومجلة المسرح، وعدد من مؤلفات لمثقفين تونسيين، فيما اقتنى الحضور المجلات حيث اطلعوا على عناوين ثقافية تنوّعت بين المحلي الإماراتي، والعربي، والعالمي.
"توثيق"
تابع الحضور شريطاً مصوراً يوثّق أهم محطات بيت الشعر في القيروان خلال السنة الحالية، وأظهرت المشاهد الحصاد السنوي للعام 2023 للبيت من خلال تنقل الفعاليات بين الأمسيات والندوات والجلسات الحوارية والفقرات الفنية، ليستكشف الجمهور العمل اليومي الذي لا يتوقف على مدار العام داخل وخارج البيت.
"بيت الحكمة"
يعود تأسيس بيت الحكمة أو المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون إلى العام 1983، وأصبح منذ العام 1996 مؤسسة عمومية غير إدارية ومقرّه قرطاج. يهتم هذا المجمع أساسا بعلوم اللغة العربية وتطويرها، ومن الجدير ذكره أن البناء جرى تشييده في أواخر القرن التاسع عشر، وعُرِفَ آنذاك باسم "قصر زروق".