حكومة الشارقة - دائرة الثقافة

  • English

البحث

الأكثر بحثاً

21 ديسمبر 2025

مهرجان القيروان للشعر العربي يتوشّح برداء العقد الشعري العاشر

 

في ختام الدورة العاشرة

مهرجان القيروان للشعر العربي يتوشّح برداء العقد الشعري العاشر

مثقفون: بيوت الشعر تؤكد على وحدة الثقافة العربية

سيدي بو سعيد- تونس

توشّحت الدورة العاشرة من مهرجان القيروان للشعر العربي برداء الاحتفاء بختام عقدٍ من الإبداع الشعري، تجسيداً لمسيرة 10 أعوام من العمل أسّست لبيت الشعر في القيروان مكانة بارزة في قلب المشهد الثقافي التونسي والعربي.

وعلى امتداد ثلاثة أيام، عاشت مدينة "سيدي بو سعيد"، في العاصمة التونسية، حراكا إبداعياً لافتاً احتضنه قصر "النجمة الزهراء"، حيث طوى بيت الشعر في القيروان صفحة الدورة العاشرة من المهرجان، وسط تفاعل جماهيري لافت رافق القراءات والجلسة النقدية، مؤكّداً عمق الذائقة الأدبية لدى الحضور.

وأُقيمت فعاليات المهرجان تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونظّمتها دائرة الثقافة في الشارقة، بمشاركة نوعية لشعراء ونقّاد وأدباء تونسيين وعرب من الجزائر وليبيا.

حضر حفل الختام، الذي أُقيم في قصر "النجمة الزهراء"، سعادة عبد الله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والأستاذ محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، والشاعرة جميلة الماجري، مديرة بيت الشعر في القيروان، وجمعٍ من محبّي الشعر والكلمة.

وقالت جميلة الماجري في كلمة ختامية: "تجسد رعاية الشارقة المستمرة للثقافة العربية، والاحتفاء بمرور عشر سنوات على تأسيس بيوت الشعر، الأهمية البالغة التي يوليها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لدعم الحركة الثقافية وتعزيز حضور الشعر والأدب في الوطن العربي. وعلى مدار هذه السنوات، ظلّ بيت الشعر في القيروان منفتحاً على الدول العربية، مستضيفاً مواهب شعرية شابة وفرصاً لتبادل التجارب الأدبية والثقافية، ما أسهم في تعزيز الروابط بين الشعراء العرب وإتاحة فضاء خصب للإبداع والحوار الفني بين مختلف الأجيال".

وأضافت: "يواصل بيت الشعر في القيروان دعمه المتواصل للمواهب الشابة، من خلال برامج التدريب وورش العمل وقراءات الشعر المنتظمة، مما ساهم في صقل مهارات الشعراء الناشئين وتمكينهم من المشاركة في المشهد الثقافي العربي بفاعلية، كما عزز البيت شراكاته مع المؤسسات الثقافية المحلية، واستضاف فعاليات مشتركة، ما أتاح تبادلاً ثقافياً وفنياً واسع النطاق، وأسهم في نشر الشعر العربي وتعريف الجمهور العربي والعالمي بالإبداعات الشعرية العربية".

 

"الأشكال الشعرية"

استعادت الندوة النقدية المصاحبة للمهرجان الحضور موضوعاً شعرياً لافتاً في مسيرة "ديوان العرب"، من خلال ندوة حملت عنوان "الأشكال الشعرية في مدوّنة الشعر العربي"، تحدث فيها د. مبروك المناعي، ود. فتحي النصري، فيما قامت د. نور الهدى باديس بإدارة الجلسة.

وأسهمت الندوة في تعميق فهم أهمية الأشكال الشعرية وثرائها، عبر قراءة نقدية انشغلت بسبر تحولات أشكاله، وتتبع ملامح بداياته الأولى.

وتطرّقت الندوة إلى تحليل أنماط الشعر العربي، انطلاقاً من الرَّجز، وكما يصفه الباحث المناعي "العتبة الأولى لتحوّل السجع إلى الشعر"، مروراً بالانتقال من الرجز إلى القصيدة، ثم المقطوعة الشعرية، فالمُصمَّد والموشّح وغيرها من الأنواع، وصولًا إلى التجربة الشعرية الحديثة.

كما توقّفت الندوة عند الخصائص الفنية والجمالية لكل شكلٍ شعري، مبيّنةً السياقات التاريخية والثقافية التي أسهمت في تشكّلها وتحوّلاتها، ومناقشة علاقة الشكل بالمضمون، وقدرته على استيعاب التحوّلات الفكرية والاجتماعية عبر العصور.

وركزت الندوة إلى التأكيد على حيوية مدوّنة الشعر العربي واتساعها، بوصفها فضاءً مفتوحًا للتجريب والتجديد، دون الابتعاد عن الجذور الإيقاعية والبلاغية التي شكّلت أساس التجربة الشعرية العربية.

 

"قراءات"

بعد الندوة كان الجمهور على موعد مع مجموعة قراءات جديدة، لكن قبل ذلك، صعد البراعم مجددا إلى منصة المهرجان، لتكون بداية الجلسات من تلك الأصوات الناشئة، وهم: ميارى اللبنان (10 سنوات)، ومحمد علي خضر (10 سنوات)، ومرام مثناني (10 سنوات)، وأمين مثناني (12 سنة).

شارك في الجلسة الأولى الشعراء: منصف الوهايبي، وشريفة بدري، وشعيب كوسة (الجزائر)، ومحمد عادل الهمّامي، ونهاد المعلاوي، وسهاد الحمراني.

قدمت القراءات تجربة فنية متميزة، حيث استعادت لحظات الماضي، واستلهمت الصور الجمالية من تلك المشهديات الراسخة في الذاكرة، لتترجم المشاعر والتجارب الإنسانية إلى نصوص نابضة بالحياة.

وقرأت شريفة بدري:

 

كأجمل مَن للمستحيلِ تشوَّقا

وأوَّل من في الفقدِ واليُتمِ حَدَّقا

كمن جرَّدَ الأشياء من رجفاتها

وهادن أوجاع الحياة ونمَّقا

معاني المَدى هَبَّت إليه، وكلَّما

تَعمَّقَ في معنًى تمنَّاهُ أعمَقا

نُطلُّ على الأصداءِ سرب بلابلٍ

ونَكبُرُ في بالِ الحدائقِ زَنبَقا.

 

تواصلت القراءات الشعرية، حيث شارك في الجلسة الثانية الشعراء: مختار محمد أحمد (موريتانيا)، ونبيهة السويسي، وفاضل المهري، وتوفيق الحمزاوي، وحسين ممادي (الجزائر)، ومنير مصدّق، وحسيبة القنوني.

وأنشد مختار يقول:

قلبِي الطفلُ ظل دوما حفِيّا

مثلما تُخلق المِياهُ نَقِيّا 

سارَ في فكرة الحياةِ حَكيمًا

علَّهُ يُدركُ الظُّهور الخَفِيَّا

صادَ تُفاحةً لكي لا يَظُنّوا

أنه ليس كائنا آدميّا

هو قلبٌ يُنقّحُ الروحَ بالحُب

ويرفو من السماوات زيّا.

 

وقرأت نبيهة السويسي:

أمضي وصوت المتعَبين بداخلي

يعلو كيَمٍّ لمْ يُحدَّ بساحلِ

يا صوتهم خرق الفؤاد ولم يزل

جمرا يفيض على فؤاد ذاهل.

 

"وحدة الثقافة"

ثمّن شعراء ونقاد مشاركون في مهرجان القيروان للشعر العربي أن بيوت الشعر في الوطن العربي مثّلت حدثاً نوعياً منذ أن دعا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة إلى تأسيسها، وأكدوا أن بيوت الشعر تؤكد على وحدة الثقافة العربية.

وعبّر مشاركون عن شكرهم إلى الشارقة بوصفها حاضنة ثقافية للمبدعين العرب، لافتين أنه في الوقت الذي يجد فيه بعض المثقفين صعوبة في إبراز إبداعهم، تأتي الشارقة لكي تأخذ بأيديهم وتدعمهم وتقدّم لهم كل ما يحتاجونه.

وقال الناقد والأديب التونسي حاتم الفطناسي: "نُهنّئ أنفسنا كمثقفين، ومبدعين، وأكاديميين، ونقاد؛ بمرور عشر سنوات على تأسيس بيوت الشعر في الوطن العربي التي كانت حدثاً نوعياً في الثقافة العربية منذ أن دعا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة إلى تأسيسها، وسعى سموّه من تلك اللحظة التاريخية الفارقة إلى إقامة هذه البيوت، التي هي بمثابة حواضن إبداعية للشعر العربي، ونقد الشعر، والتدريب على كتابة الشعر لدى الناشئة والأطفال، وهذا حدث  جلل في الثقافة العربية".

وأكد الفطناسي أن الشعر يعلّم الاعتدال، والابتعاد عن الغلو، لافتاً أن هذا ما كرّسته بيوت الشعر على امتداد الوطن العربي، وبيت الشعر في القيروان الذي كان البوابة الإبداعية لدول الإقليم المغاربي، والوطن العربي، مضيفا أن إحدى العلامات التي بصمها بيت الشعر تمثلت بدوره الدراسي خاصة وأنه دعا النقاد لتدارس قضايا الشعر، والفكر العربي.

وقال الشاعر والناقد التونسي المنصف الوهايبي: "بيت الشعر في القيروان وفي ذكراه العاشرة، وقد حضرت تقريبا كل فعالياته وأنشطته الثقافية والشعرية، ينهض بدور ثقافي منقطع النظير، ويرسخ تقاليد الشعر وحب اللغة العربية، وجعل الجمهور يعود إلى الشعر".

وأشار الوهايبي إلى أن بيت الشعر استطاع، بدعم إمارة الشارقة له، أن ينهض بكل هذه الأدوار التي تقوم بها أيضا بيوت الشعر في الوطن العربي.

وتحدثت الشاعرة الجزائرية خديجة الطيب بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس بيوت الشعر، وقالت: "إنّ بيت الشعر بالقيروان، منذ تأسيسه، شكّل إضافة نوعية للمشهد الثقافي التونسي، والمغاربي والعربي عموما، بوصفه فضاء حيًّا للاحتفاء بالشعر العربي في تنوّعه الجمالي واللغوي، ووجهةً للتفاعل بين التجارب الشعرية المختلفة، من أجيال وأساليب ومرجعيات أدبية متباينة".

وأضافت الطيب: "أما الشارقة، فأراها نموذجا عربيّا متفرّدًا في رعايتها للثقافة العربية وللشعر على وجه الخصوص، وحاضنة مميزة للمشاريع الأدبية والفنية، تقوم على رؤية استراتيجية بعيدة المدى، لا تكتفي بالدعم الرمزي، بل تؤسس لبنى ثقافية مستدامة، تحتضن الإبداع وتحفظ كرامة المثقف وتمنحه مقوّمات الاستمرار والتألق، وهو ما يتجلى بوضوح في مشروع بيوت الشعر، الذي نجح في خلق شبكة ثقافية عربية تتجاوز الجغرافيا، وتؤمن بوحدة الثقافة العربية في تعدّد أصواتها، وتسعى للنهوض بالهوية العربية من خلال الاحتفاء بلغتها الغنية وبالشعر بوصفه ديوانها المتفرد على مر الحضارات والعصور".

وقال الشاعرة التونسية شريفة بدري: "فتح بيت الشعر بالقيروان الرابض في أزقة المدينة العتيقة بالقيروان والذي أنشأته دائرة الثقافة بالشارقة الباب على مصراعيه للقصيدة على امتداد عشر سنوات، ووفر بذلك الفرص للشعراء من مختلف أقطار الوطن العربي لتقديم تجاربهم الشعرية".

وثمنت الجهد الذي تبذله الشارقة "من أجل النهوض بالمشهد الثقافي العربي باعتبارها حاضنة هذا البيت وغيره من بيوت الشعر، وبالنظر إلى اهتمامها الملموس بدعم الإبداع والمبدعين في العالم العربي، لتصبح بذلك أندلس الثقافة العربية".

 

"المسابقة الشعرية"

أعلن بيت الشعر في القيروان عن أسماء الفائزين في "المسابقة الشعرية المغاربية دورة 2025"، وتأتي الجائزة في سياق انفتاح البيت على تجارب وأصوات شعرية جديدة، ودعمها للشعراء الشباب، والعناية بمواهبهم.

وتعد المسابقة محطة أساسية في مسار دعم المواهب الشعرية الشابة، وفرصة حقيقية لاكتشاف أصوات جديدة تحمل نبض الابداع، وقد آلت الجائزة في دورتها الحالية إلى الشعراء التالية أسماؤهم: في المركز الأول الشاعرة أفراح الجبالي من تونس، وفي المركز الثاني الشاعر شعيب كوسة من الجزائر، وفي المركز الثالث الشاعر جمال عمائمي من تونس.