18 يونيو 2025
الشارقة تحتفي بأربعة من أعلام الأدب الموريتاني
وسط حضور رسمي وثقافي يشارك في التكريم ويكرّس مكانة المبدعين
الشارقة تحتفي بأربعة من أعلام الأدب الموريتاني
العويس: الملتقى يسعى لتعزيز مكانة الثقافة وتفعيل الساحة الأدبية
ولد مدو: نثمّن جهود حاكم الشارقة في خدمة لغة الظاد وآدابها
المكرمون: الملتقى يمثّل نموذجاً حضارياً في الاحتفاء بالمبدعين العرب
نواكشوط-
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة؛ شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط احتفاءً رسمياً وثقافياً يرسّخ قيم الوفاء للمبدعين ويكرّس مكانتهم، وذلك ضمن النسخة الثالثة والعشرين من ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي الذي نظّمته دائرة الثقافة في الشارقة بالتعاون مع وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان الموريتانية، حيث تم تكريم أربعة من أعلام الأدب الموريتاني تقديراً لعطائهم وإسهامهم في إثراء الحياة الثقافية، وهم: الشاعر محمد فال عبد اللطيف، والأكاديمي في علم اللسانيات د. يحيى الهاشمي، والباحث اللغوي د. محمدو أمين، والشاعر محمد الحافظ ولد أحمدو.
ويأتي الملتقى تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، بتكريم قامات أدبية أسهمت في خدمة الثقافة العربية المعاصرة، ويحلّ (الملتقى) للمرة الرابعة في موريتانيا، بعد أن كرّم 12 مبدعاً موريتانياً خلال الدورات السابقة منه.
أقيم حفل التكريم في قاعة المؤتمرات في العاصمة نواكشوط، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومعالي الحسين ولد مدو وزير الثقافة والفنون والأتصال والعلاقات مع البرلمان الموريتانية، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، ووالي ولاية نواكشوط الغربية ممثلاً عن عمدة بلدية تفرغ زينة، وجمهور كبير من المثقفين والأكاديميين والأدباء الموريتانيين، وأهالي المكرمين الأربعة.
"تعاون ممتد"
وألقى عبد الله العويس كلمة أشار في بدايتها إلى أهمية امتداد التعاون بين الشارقة وموريتانيا، قائلاً:" يسعدنا اليوم أن نلتقي في هذا المحفل الثقافي البارز ، الذي يأتي امتداداً لمسيرة التعاون الثقافي بين دائرة الثقافة بالشارقة ووزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان التي أثمرت عن العديد من الأنشطة الثقافية التي تدعم الثقافة العربية وتعزز دور الفكر والإبداع في مجتمعاتنا العربية".
ولفت أن ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي يعود مرّة أخرى إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية ليشهد تكريم كوكبة جديدة من الأدباء والكتاب الموريتانيين، تقديراً وتثميناً لعطاءاتهم الأدبية الثرية، مشيراً إلى أن ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي الذي يحرص على تواصله مع إدباء أقطار الوطن العربي، يؤكّد على الدوام مساعيه إلى تعزيز مكانة الثقافة العربية، وتفعيل الساحة الأدبية، وتشجيع كاتب كل كلمة سامية بناءه.
وأضاف العويس، قائلاً: "إن استمرار هذا التعاون الثقافي ليؤكّد على عمق العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، التي ترسّخها القيادة الرشيدة في البلدين".
وأغتنم رئيس دائرة الثقافة المناسبة لتقديم أسمى معاني الشكر والتقدير إلى وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان على تعاونها الدائم لإنجاز الأنشطة الثقافية المشتركة، ونقل تهنئة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة إلى مكرّمي هذه الدورة، كما نقل تحيات سموه وتمنياته بالنجاح والتوفيق للجميع.
"مبادرة نبيلة"
رحّب معالي الحسين ولد مدو بالحضور معرباً عن خالص شكره وامتنانه إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، قائلاً: "يشرفني أن أكون معكم اليوم في هذا المقام البهي احتفاء بهذا الملتقى المضيء، وهذه المبادرة النبيلة، كما يسعدني، في المستهل، أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة؛ هذا القائد المثقف، الذي سَخّر جهده وفكره ووقته لخدمة لغة الضاد وآدابها، ودعم قضايا الثقافة والمثقفين في جميع أرجاء عالمنا العربي".
وثمّن وزير الثقافة الموريتاني رعاية سموّه للثقافة، قائلاً: "إننا نثمّن عاليا رعاية حاكم الشارقة الكريمة للثقافة العربية، وللأدب واللغة العربيين، وهي سانحة لنخص ما ناله أدباؤنا وكتابنا الموريتانيون من معاملة استثنائية وتقدير رفيع على يد دائرة الثقافة بإمارة الشارقة، التي ظلت تبذل جهدها من أجل تكريس ثقافة الامتنان والوفاء والتثمين لكل المبدعين".
وأضاف: "إن الدور الثقافي الريادي لإمارة الشارقة، يُعدّ أنموذجًا مضيئًا في العمل الثقافي العربي الجاد؛ من خلال ما أطلقته من مبادرات وما احتضنته من مشاريع ثقافية جعلتها منارة للثقافة العربية ومأوىً للأدباء والمبدعين العرب".
وتابع ولد مدو، قائلاً: "إن وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، وهي تشيد بهذا التكريم الرفيع، لتعتبره ملمحا من ملامح التعاون الثقافي المثمر بين بلدينا الشقيقين، كما توّج كذلك باختيار نواكشوط لاحتضان ملتقى الشارقة للسرد في العام المقبل، بما يعكس عمق علاقاتنا وأخوتنا".
وجدّد وزير الثقافة الشكر والعرفان مرة أخرى لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ولإمارة الشارقة، ولدائرة الثقافة، ولكل من أسهم في تنظيم الملتقى الأصيل.
"نموذج حضاري"
عبّر المكرمون عن عميق امتنانهم لهذا التكريم الذي اعتبروه وسام فخر واعترافاً بمسيرتهم الثقافية والإبداعية، مشيرين إلى أن مبادرة الشارقة للتكريم الثقافي تُمثل نموذجاً حضارياً في الاحتفاء بالمثقفين العرب، وتؤكد على التزام الإمارة الراسخ بدعم الفكر والإبداع في مختلف أنحاء الوطن العربي. كما أثنوا على رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة في ترسيخ الثقافة كركيزة للتنمية والهوية، معتبرين أن هذا الاحتفاء ليس تكريماً لأشخاص بعينهم فقط، بل هو احتفاء بالثقافة العربية ومبدعيها في مختلف المجالات.
وقال يحيى الهاشمي: "يشرفني اليوم أن أقف بينكم في هذا الحفل الثقافي البهيج، معبرا عن بالغ شكري وامتناني لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على هذا التكريم الذي أعتز به كثيرا، والذي أراه تكريما للفكر والثقافة العربية الإسلامية".
واعتبر الهاشمي الذي تقوم به الشارقة من جهود في خدمة اللغة العربية والثقافة والأدب والإبداع، وعلى امتداد الوطن العربي، عمل نبيل يستحق التقدير، لما فيه من ربط الماضي المشرق بالحاضر المتحقق استشرافا لمستقبل ممكن يتخلق، مضيفاً :"جزى الله خيرا الشارقة حاكما وإدارة، ودامت للثقافة والإبداع منارة".
وقال محمد الحافظ: " تلقيت بغامر البهجة والسرور والسعادة والامتنان والحبور، الرسالة الكريمة الواردة من دائرة الثقافة بحكومة الشارقة المتضمنة لتكريمي فاستقبلتها بمنتهى الإفتخار، وإني لسعيد بهذه المناسبة أن أوجه أعظم الشكر الجزيل لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي،عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على هذا التكريم العظيم مقفيا على إثر ذلك بشكر وفد دائرة الثقافة بحكومة الشارقة".
وعبّر محمد فال عبد اللطيف عن فرحته بقوله: "سأحاول أن أعبر عن ما أحس به من الفخر والاعتزاز بمناسبة اختياري لأكون من بين من حظوا بتكريم "دائرة الثقافة بحكومة الشارقة العزيزة"، وإنها لفرصة سعيدة لأعرب لهذه المؤسسة الكريمة عن كامل شكري وامتناني على هذا التكريم الذي أرجو أن أكون أهلا له. ولا بد أن أنتهز هذه الفرصة أيضا لأعرب لحكومة الشارقة الموقرة عن خالص الشكر والامتنان على ما تقوم به من جهود قيمة في خدمة الثقافة العربية ولما لها من أياد بيضاء في هذا المجال لا على المستوى الشنقيطي فقط بل على المستوى العالمي. ويحق لي أن أفتخر بهذا التكريم مرتين لأنه تكريم لي شخصيا وتكريم لبلدي موريتانيا هذه البوابة الغربية من العالم العربي والتي هي في نفس الوقت ثغر من ثغور الحوزة العربية تتعين المساهمة في سده على كل مواطن عربي"..
وقال محمدو أمين: "لا يسعني إلا أن أسدي جزيل الشكر وبالغ الامتنان لصاحب السمو حاكم الشارقة على تشريفي بهذا التكريم وعلى العناية الفائقة التي يوليها للثقافة والفكر من جهة وعلى المكانة المتميزة التي يخص بها موريتانيا من جهة أخرى. إن هذه المكانة التي يمنح سموه لبلادي والتي تتجسد الآن وبشكل ملموس في "ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي" وفي "بيت الشعر-نواكشوط" وفي "مجلس اللسان العربي بموريتانيا"، والبقية تأتي".
"إضاءات"
ولد محمد فال عبد اللطيف 1952، حفظ القرآن في سن مبكرة، ودرس الآداب العصرية الفرنسية، ثم أنهى الإجازة في علوم الإدارة والقانون.
من مؤلفاته الشعرية نذكر: "ديوان الواردات"، و"يدوان الجذاذات"، كما قام بتأليف أعمال سردية، منها: "معروفين في البلاد"، "وبلوغ الأمل من زيارة فرنسا وبروكسل رحلة أدبية"، "وعشر سنين في وزارة الداخلية".
ولد الشاعر محمد الحافظ في العام 1956 في وسط اجتماعي حافل بالعلماء والشعراء، فحقظ القرآن منذ البواكير، وقفّى على إثره بمتون السيرة النبوية، وموسوعات الشعر الجاهلي والأموي.
وانتقل الشاعر إلى العراق حيث أخصب أيام حياته، وهناك عكف على مترجمات الأدب العلمي والفسلفة العالمية، ثم أكمل دراسته العليا في السعودية.
من دواوينه الشعرية: عودة الهديل، والرباعيات، وديوان الصبابة، ومن أبرز أبحاثه: في رحبا الأدب، وواحة الشعر، والصيد والطرد في الشعر العربي.
د. يحيى الهاشمي من مواليد 1957، استاذ اللسانيات وفقه اللغة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة نواكشوط، واستاذ مشارك في قسم اللغة العربية جامعة القصيم سابقا، وهو باحث في مجال اللسانيات التطبيقية وفقه اللغة.
من تأليفاته البحثية: مدونة العربية في الشعر الموريتاني، والعلاقة العضوية بين العربية والإسلام، والمدراس اللغوية بين العرب والغرب، وغيرها الكثير من المؤلفات.
أما محمدو أمين فهو من مواليد 1959، وهو استاذ جامعي وباحث بقسم التاريخ والحضارة في جامعة نواكشوط، واستاذ زائر لدى مركز الدراسات الشرقية الحديثة ببرلين. وقام أمين بتأليف أكثر من 40 مؤلفا من الأبحاث والدراسات التاريخية.
وكما يقال عنه فهو ابنُ الوثيقة، رفيقُ الأرشيف، صديقُ المخطوطة التائهة، يضيء ليلَ التاريخ بفوانيس العقل الناقد، ويشيّد للمرويات جسورًا من التمحيص والدراية والإدراك.
"شهادات"
في ختام الحفل، سلّم عبد الله بن محمد العويس والحسين ولد مدو ومحمد إبراهيم القصير، شهادات تقديرية للمكرمين الأربعة، ممهورة بتوقيع صاحب السمو حاكم الشارقة، تكريماً لجهودهم الإبداعية.
"إصدارات الدائرة"
صاحب حفل التكريم معرض لعدد من إصدارات دائرة الثقافة في الشارقة، وكان من بينها: مجلة الشارقة الثقافية، ومجلة الرافد، ومجلة القوافي، ومجلة المسرح، وشهد المعرض اقبالا كبيرا من الحضور على المجلات، حيث اكتظ بجمهور القراء والأدباء الذين قادهم شغف القراءة إلى الاطلاع على عناوين الثقافة المتعددة.