17 يناير 2024
في "قصر النجمة الزهراء" بسيدي بوسعيد التاريخية.. الشارقة تُكرّم 4 أدباء تونسيين
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهدت مدينة سيدي بوسعيد في تونس تكريم 4 أدباء تونسيين في إطار النسخة الخامسة عشرة من ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي، وهم: الدكتور المنجي الكعبي، والكاتب التّهامي الهاني، والدكتورة فوزية الزاوق، والشاعر سالم الشعباني.
ويأتي الملتقى تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، بتكريم قامات أدبية أسهمت في خدمة الثقافة العربية المعاصرة، ويحلّ للمرة الثالثة في تونس بعد أن احتفى، ضمن دورتين سابقتين، بنخبة من الأدباء التونسيين.
أُقيم حفل التكريم في قصر النجمة الزهراء في مدينة سيدي بوسعيد التاريخية، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومعالي د. حياة قطاط القرمازي، وزيرة الشؤون الثقافية التونسية، وسعادة د. إيمان السلامي، سفيرة دولة الإمارات لدى تونس، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، وكوكبة من المثقفين والأدباء وأهالي المكرمين.
استهل حفل الافتتاح بعرض تناول دور الشارقة في دعم المبدعين العرب، بالاضافة إلى استعراض السير الإبداعية للمكرمين الأربعة، وما حققوه من نتاج أدبي زاخر خلال سنوات من العمل الثقافي الدؤوب.
أدار فقرات الحفل الناقد التونسي حاتم الطرابلسي، ورحّب في البداية بالحضور، وأشار إلى الدور الفاعل التي تمثّله الشارقة في دعم الثقافة والمثقفين العرب في العديد من الفعاليات الثقافية، ومنها ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي.
"حضور متجدد"
ألقى عبد الله العويس كلمة قال في بدايتها: "تتجدّد البهجة والسعادة مع تجدد اللقاء الثقافي في تونس، ففي كل زيارة، يفتح هذا البلد العربي الشقيق أبوابه، ليستقبل مبادرات الشارقة الثقافية بترحاب كبير، مما يؤكد على عمق العلاقات الأخوية التي تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية التونسية، في ظل القيادة الرشيدة التي تؤمن بأهمية التكامل العربي في كافة المجالات".
وأضاف: "ها نحن اليوم، في رحاب الدورة الخامسة عشرة من ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي، الذي يمثل جانبا مهما من التعاون القائم بين دائرة الثقافة في الشارقة ووزارة الشؤون الثقافية، فيمضي الملتقى ليحل في تونس للمرة الثالثة".
وأشار العويس إلى أهمية تجدد اللقاءات الثقافية، قائلاً: "إنها لمناسبة عزيزة أن نجتمع في هذا المكان التاريخي، بينما يجدد ملتقى الشارقة للتكريم حضوره الثقافي في تونس الخضراء، للاحتفاء بأربعة مبدعين تونسيين أثروا الساحة الأدبية العربية بنتاج إبداعي كبير، ونسجوا من خيوط الإبداع أجمل الأشعار، والروايات، والقصص، والنقد الأدبي. وهم: الدكتور المنجي الكعبي، والأستاذ التهامي الهاني، والدكتورة فوزية الزاوق، والشاعر سالم الشعباني"، مؤكداً أنهم كوكبة من المبدعين، أمضوا رحلة طويلة في مسيرة الإبداع إلى كافة الجهات.
ونقل رئيس دائرة الثقافة تهنئة صاحب السمو حاكم الشارقة للمكرمين، قائلاً: "أتشرف في هذا المقام بأن أنقل تهنئة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة للمكرمين في هذه الدورة، كما أتشرف بأن أنقل لكم جميعا تحيات سموه وتمنياته لكم بالنجاح والتوفيق"..
كما عبّر عن شكره لوزارة الشؤون الثقافية التونسية لتعاونها المخلص، بقوله: "ويسعدني في هذا اللقاء، أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى وزارة الشؤون الثقافية، على تعاونِها المخلص لإنجاز هذا الحفل الرفيع".
"مشروع ثقافي يجمعنا"
وفي بداية كلمتها، وجّهت معالي حياة القرمازي برقية شكر إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، قائلة: "اسمحوا لي بهذه المناسبة أن أتوجّه بتحيّة شكرٍ وعرفانٍ لصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمّد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صاحب هذه المبادرة السّامية والحاضر بيننا بجليل عمله، الذي يطال مختلف الدّول العربيّة تكريمًا لمبدعي الثقافة في وطننا العربيّ، والذي يُجسّد التواصل الثقافيّ العربي المُثمر في أرقى تجلّياته".
كما عبّرت عن شكرها لدائرة الثقافة في الشارقة، وقالت :"الشكر موصول لدائرة الثّقافة بإمارة الشّارقة لحرصها الدّؤُوب على تكريم المبدعين العرب من رموز الفكر و الأدب من خلال "ملتقى الشّارقة للتكريم الثقافي" الذي أصْبح من التَّقاليد الحميدة التي يتواتَر تنظيمها دورياً في مختلف الأقْطار العربيّة، وقد نالت شرف التّكريم في سابق الدّورات أسماءٌ تونسيّة لها صيتها المعرفيّ ومكانتها العلميّة والفكريّة والأدبيّة التي فاضت عن حدودها الوطنية إلى آفاق العالم العربي كلّه، ليضاف إليها هذا المساء تكريمٌ جديدٌ لأربعة أعلامٍ من القامات الذين أثْروا المكتبة العربيّة بإسهاماتهم الفكريّة والأدبيّة ومؤلّفاتهم العميقة والثريّة، معْنًى ومبْنًى، كلٌّ في مجال اخْتصاصه".
وتابعت القرمازي: "أنا على يقينٍ من أنّ هذا الاحتفاء لا يشمل فقط أربعة مُكرّمين بل يَشمل جميع الأُدباء والمؤلّفين والباحثين والمثقّفين، وكلَّ من نحت له في نهر الإبداع العربي مجرًى مخْصوصا يترك به جميل أثره، وكلَّ الدّاعمين للأدب العربي في مُخْتلف أجْناسه والعاملين على إشْعاعه وشيوعه في أرجاء العالم، والاحتفاء يشمل كذلك كلّ من آمن بحاجتنا إلى مشروع ثقافي عربيّ يجمعنا من المحيط إلى الخليج، ليكُون حِصْنًا لنا ولأبْنائنا ومَلَاذًا آمنًا كمشروع الشارقة الثقافي".
وأضافت: "حقيقةً، إن في حضور مثْل هذه المبادرات الثقافية النوعية التي نحتفي فيها بالكتاب والكُتّاب والمؤلفين والشعراء على غرار "ملتقى الشّارقة للتكريم الثقافي "، وقعًا وأثرًا طيّبًا في النّفس وإمتاعًا ومؤانسةً قد لا يعادلها ما تحقّقه تظاهرات أخرى".
وثمّنت وزيرة الثقافة التونسية مبادرات الشارقة الثقافية، بقولها: "وإنّنا نثمّن كل المبادرات الثقافية، التي تكرّس الوعي بالأدوار بالغة الأهميّة التي يمكن أن تضطلع بها الثقافة في التعريف بالشعوب ومدى تحضرّها وجعل الدول العربيّة نقاط جذب ووجهات مُفضّلة".
وهنأت القرمازي المكرمين بالملتقى، قائلة: "نهنئ هذا التّكريم المستحقّ لأسْماء في قيمة وقامة الكاتبة الباحثة الدكتورة فوزيّة الصفّار الزّاوق، والدكتور منجي الكعبي، والكاتب التهامي الهاني، والشاعر سالم الشعباني، تثْمينًا لمسيرتهم الزّاخرة بالعطاء والإبداع ومُؤَلّفاتهم المهمّة كُلٌّ في مجاله".
"قمة التكريمات"
أكد المكرمون في ملتقى التكريم الثقافي أن الشارقة تقوم بجهد ثقافي كبير في خدمة الإبداع والمبدعين، وعبّروا عن سعادتهم بالتكريم معتبرين أن تكريمهم بهذا الملتقى يعد قمة التكريمات.
وعبّر التهامي الهاني عن سعادته بالفوز وشكره للشارقة، قائلا: "تشرّفت كثيرا لأن أكون ضمن الذين تم اختيارهم للتكريم في هذا الملتقى، واعتبر أن عليّ واجب الشكر للشارفة لما توليه من أهمية ورعاية للثقاقة والمثقفين".
وتابع: "لا بد لي أن أشكر الجهود التي تقوم بها الشارقة في خدمة الثقاقة العربية، ويظهر ذلك خصوصا من نشاط دائرة الثقافة في الشارقة، وما يصدره من مجلات ثقافية حيوية مثل "الشارقة الثقافية" و"الرافد" و"المسرح"، وغيرها من المجلات، كما أثني التقدير والشكر للشارقة على ما يقومون به من نشاط ثقافي بارز على المستوى العربي والعالمي ".
وأعرب الهاني عن شكره وامتنانه لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ، على دعم سموّه للمتلقيات الشعرية في إفريقيا التي تقام في 9 دول، مثل مالي وتشاد وساحل العاج، موضحا "وهذا في الحقيقة أخط تحت هذه الملتقيات باللون الأحمر لأن لها أبعادا مهمة تخدم الهوية العربية الإسلامية وتنمية اللغة العربية في تلك الربوع".
قال المنجي الكعبي :"يسرّني في البداية أن أشكر الشارقة، برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على رسالتها الكريمة التي زفّت إلي نبأ التكريم شخصية عربية مكرّمة في ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي لهذه الدورة في تونس، اعتبارا لما ساهمت به في خدمة الثقافة العربية".
وأضاف: "هذا التكريم يتجاوزني ليشمل تونس، وبلدان الشرق والغرب التي درست فيها ولها فضل كبير عليّ، فكل الشكر والتقدير لأصحاب الأيادي البيضاء في الشارقة حيث يتم تقدير الثقافة والمثقفين".
وأشار الكعبي إلى أن الملتقى الذي يحقق ما يسعى إليه من تكريم نبيل للمثقفين العرب، له أثر في النفوس تشجعيا على النجاح بتميز في مجالات المعرفة والإبداع، وكل دورة يكرّم الملتقى الثقافة قبل أن يكرّم المثقفين.
وقالت الدكتورة فوزية الزاوق: "سررت كثيرا، وأنا أتلقى نبأ اختياري "الشخصية المكرّمة" للملتقى، ولا أخفي على حضراتكم أن مثل هذا التكريم، يعدّ علامة بارزة في مسيرتي ورحلتي مع البحث المضنية، بعد مشوار متواصل مع الحرف تجاوز الخمسة عقود، لذا أتقدم بخالص الشكر لصاحب السمو حاكم الشارقة، راعي الثقافة وسند المثقفين، ولرئيس دائرة الثقافة في الشارقة سعادة عبد الله العويس، والشكر موصول لكل من ساهم ودعم هذا الملتقى ولجميع أعضاء اللجنة الموقّرة التي خصّتني في الدورة الخامسة عشرة بهذا التميز".
ولفتت أن مثل هذا الملتقى التكريمي الثقافي يساهم في استعادة التراث العربي واثراء الثقافة العربية، بما يتحقق الاشعاع الفكري، وبها ترقى الأمم وتزدهر الحضارات الانسانية، مشيرة "لعلنا نسهم في تغذية ثقافاتنا العربية والانسانية معا".
واعتبر سالم الشعباني أن تكريمه يعدّ قمة التكريمات بالنسبة له، وعبّر عن سعادته، قائلا: "هذا التكريم سرّني كثيرا لأنه جاء من الشارقة عاصمة الثقافة العربية التي سخرت كافة امكاناتها لخدمة الإبداع والثقافة، وقد تلقيت خبر التكريم بكل فرح وسرور".
"شهادات"
في ختام الحفل، سلّم عبد الله بن محمد العويس ومحمد القصير، يرافقهما القرمازي والسلامي، شهادات تقديرية للمكرمين الأربعة، ممهورة بتوقيع صاحب السمو حاكم الشارقة، تكريماً لجهودهم الإبداعية.
"المكرّمون في سطور"
الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي من مواليد العام 1942، أنهى درجة الدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السوربون- فرنسا، في العام 1971، وعمل استاذ التعليم العالي والبحث العلمي، بجامعة تونس خلال الأعوام من 1971- 1998.
قام الكعبي بتأليف أكثر من أربعين كتابا صدرت في تونس، ومصر، وبيروت، وباريس، نذكر منها: القيروان مدينة الإسلام الأولى بإفريقيا، وتاريخ العباسيين لابن وادران (تحقيق وتقديم) طبعة ثانية بعنوان "دولة الرشيد من بني العباس وبنيه"، وتاريخ إفريقيا والمغرب للرقيق القيرواني (تحقيق وتقديم).
الكاتب والباحث التّهامي الهاني من مواليد العام 1946، عمل من سنة 1990 ولغاية 2010 محررا لأبواب جريدة الشعب التونسية، وكانت الأبواب تحمل العناوين التلية: قناديل منتصف الليل، والأنوار، وشؤون عربية.
أصدر أكثر من 50 كتابا، ومن مؤلفاته نذكر: "هذا توقيعي: زمن القبائل" شعر في العام 1996، و"دروب الشمس"- في العام 2003، و"الشاعر واجب الوجود- دراسة نقدية في العام 1986، و"دراسة في أدب الأطفال" في العام 2004.
الدكتور فوزية الزاوق من مواليد العام 1948، استاذة محاضرة مختصة في النقد والأدب العربي الحديث، المعهد العالي للغات بتونس- جامعة قرطاج، من مؤلفاتها: "قراءات في الأدب التونسي المعاصر: دار الخدمات العامة للنشر بتونس 1997، و"جماليات السيرة الشعبية العربية، الدار التونسية للكتاب 2016، و"نظرات في الأدب التونسي الحديث المعاصر "السيرة والمذكرات نموذجا"، في العام 2009.
سالم الشعباني من مواليد العام 1951شاعر من الجنوب التونسي، وله اهتمامات في الهندسة والفنون، من إصداراته: "أحزان" شعر في العام 1976، و"أغنيات منجمية" شعر في العام 1977، و"فَرِح أم حزين" في العام 2014.
"النجمة الزهراء"
النجمة الزهراء، أو قصر النجمة الزهراء، أو قصر البارون ديرلانجي؛ من أبرز معالم التراث المعماري في تونس، وتجمع هندسته بين خصائص المعمار التونسي الأصيل وعناصر معمارية وزخرفية تعود إلى الفن الأندلسي، وقد شيّده البارون ديرلانجي بين الأعوام 1912 و1922، وسط حديقة شاسعة تُطل من فوق هضبة مدينة سيدي بو سعيد على خليج تونس. يحتضن قصر النجمة الزهراء مركز الموسيقى العربية والمتوسطية.