04 مارس 2018
مسرح الشارقة
منذ بواكير العمل الثقافي بشقيه الإبداعي الفردي والمؤسسي الحاضن، كان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الرائد الأول للمسرح في الشارقة، وعند تلك العتبة النائرة انطلقت مساهماته الكتابية ومرئياته الإبداعية لتشمل المسرح العربي، وليدوِّن التاريخ المعاصر للمسرح العربي ريادة سموه في نشر الثقافة المسرحية، وتأمين الأسباب الكفيلة بنجاحها، وتبعاً لذلك ترسَّخت سلسلة من التقاليد الحميدة الموازية لهذا الخيار، ومنها أيام الشارقة المسرحية، وعديد التظاهرت والمهرجانات المقرونة بالمسرح، حيث تمدَّدت في مفاعيلها الأفقية، وتنوَّعت في إبداعاتها الرأسية، ليكون المسرحيون العرب في جوهر الحضور الواسع في الفعل الفني الكبير.
خلال سنوات العطاء الخصب حرص صاحب السمو على المشاركة بمصفوفة واسعة من المسرحيات التاريخية ذات الطابع الإسقاطي المُكاشف لما كان، وما يجري، وما سيكون، مُستجلياً عبرة التاريخ، وحكمة النظر لمتواليات الزمان والمكان، واختار لهذه الأعمال مستويات أداء فني، وإخراج تفاعلي رفيع، كما تجوَّلت أعماله المسرحية تلك في أرجاء العالم لتترجم وتعرض في أكثر من حاضرة عالمية، وكانت بمثابة البديل الأعمق للنظرة النمطية التي وسمت رؤية البعض للثقافة العربية الإسلامية.
اليوم، ونحن نستعيد هذه المآثر والمناقب، نستشعر تماماً أن رسالة سموه قد وصلت بقدر تناميها الصاعد.. الشاهد على مجد المسرح العربي المنطلق من الشارقة، وبالمقابل نستشعر كامل القيم الإبداعية التفاعلية التي تجعل من المسرح رافعة نوعية لفن الفنون الممزوجة، والمقرونة بالرؤية والحكمة والرسالة.
في هذا العام، وككل عام تنطلق أيام الشارقة المسرحية بوصفها ذروة الفعل المسرحي المؤسسي، وبالتوازي معها تعيد الآلة الإعلامية والثقافية والمعرفية، إنتاج الدلالات الشاملة لأيام التظاهرة الثقافية الفنية الكبيرة، فيما تستطرد العقول والقلوب على المعاني النابعة من هذه المحطة المتجددة بقوة الدفع الأُولى، والتي تسعد باحتضان الشارقة، ومرئيات مجدد المسرح العربي، الذي قدم في ذاته ونصوصه ما مهَّد لانطلاقة دونها المدى المفتوح.
الكاتب : د. عمر عبد العزيز