01 أكتوبر 2016
ملتقى الشارقة للسرد
يصح الربط بين انطلاق ملتقى الشارقة للسرد في العام 2002، وبين التراكم الروائي الإماراتي الذي شهدته الساحة الثقافية المحلية في السنوات الخمس عشرة الماضية، وهو تراكم سردي نوعي كان من اللافت في مساره دخول الكثير من الأقلام الشابة إلى هذا الحقل الأدبي، وبخاصة الأقلام النسائية، وبكلمة ثانية يُعتبر ملتقى الشارقة للسرد بمثابة منصة تنظيرية وعملية في الوقت نفسه انطلقت من خلالها الكتابات الروائية الإماراتية، وبالطبع، إلى جانب أثر الملتقى لا نهمل طبيعة الحياة الثقافية وتطورها في الإمارات خلال العقدين الماضيين، ومن محطات هذا التطور معارض الكتب، ونمو حركة النشر وصناعة الكتاب في الإمارات، إضافة إلى انفتاح خريطة الثقافة الإماراتية على التيارات الروائية المتقدمة في الوطن العربي وفي العالم، أضف إلى ذلك، النمو الاجتماعي والتعليمي والاقتصادي الذي يؤثر بشكل غير مباشر في حركة الثقافة نفسها، والكتابة بشكل عام جزء مهم من هذه الحركة.
في تلك البيئة الزمنية الحيوية، وفي قلب تلك المؤثرات والاستقطاب الثقافي الذي عملت عليه المؤسسات المتخصصة في الإمارات، ظهر ملتقى الشارقة للسرد في إطار مشروع الشارقة الثقافي الذي بدأت برامجه المنتظمة منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي، وهو مشروع معرفي إبداعي فكري تنويري اتخذ من الثقافة عنواناً رئيسياً للتوجه إلى المستقبل وقوامه الأساسي الإنسان واحترام كينونته وفكره وإبداعه.
لا ننسى هنا أن الوطن العربي شهد في القرنين الماضيين غزارة روائية بأقلام نسائية على وجه التحديد من منطقة الخليج العربي (بشكل خاص السعودية)، وبكلمة ثانية أصبح فن الرواية في مقدمة النتاجات الأدبية مع تراجع ملحوظ في الشعر، الأمر الذي برر للبعض إطلاق مقولة «الرواية ديوان العرب»، أي أن الرواية حذفت الشعر من هذا الديوان (المفترض أو المتخيل)، ولكن لا يوجد فن قادر على حذف فن آخر، فلا الرواية تلغي الشعر، ولا الشعر يلغي الرواية.
ملتقى الشارقة للسرد، في هذا الإطار الثقافي العام، ومن خلال دوراته المتعاقبة هو ملتقى متخصص محتواه ثقافة متخصصة تتصل بالسرد (الرواية والقصة) ويعزز هذه (التخصصية) الرموز الروائية والقصصية العربية التي شاركت في الملتقى منذ أربعة عشر عاماً بأفكار ومقاربات وأوراق عمل شكلت خلال هذه السنوات (مكتبة سردية) بالغة التنوع والأهمية، ونعتقد هنا، عودة إلى رأس هذه المقالة أن كوكبة من كتاب وكاتبات القصة والرواية في الإمارات وفي الوطن العربي قد استفادت مما أطلقنا عليه (المكتبة السردية) وأكثر من ذلك كرمت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة الأقلام السردية العربية بجوائز أدبية، وطباعة مجموعات قصصية وطباعة روايات أنجزها شباب وشابات عرب، إلى جانب الاهتمام النظري والنقدي بهذا النتاج السردي.
ملتقى الشارقة للسرد تظاهرة ثقافية إماراتية عربية، والملتقى حاضنة استثنائية لفنون السرد وتعميق اعتباريته الأدبية.
الكاتب : يوسف أبولوز