رسالة إبداعية

20 ديسمبر, 2017

الشارقة الباسمة بمعمارها المميز والفريد، والذي اتخذ الفن الإسلامي واجهة له، أشعلت الشمعة العشرين لمهرجان الفنون الإسلامية في دورة 2017 - 2018، هذا المهرجان الذي يمثل فناً عريقاً جميلاً جاذباً لكل من تقع عيناه عليه، استطاع وبنجاح أن يكون وجهة لجمهور الفن ومحبيه، وبالأخص الفنانين غير المسلمين، لما رأوه من دقة و عراقة في هذا الفن.
مهرجان الفنون الإسلامية بشعاره الجديد «أثر» بان أثره خصوصاً نحو الأفق الذي كان سبباً في اختياره، مما حقق له هذا العام انتشاراً وحضوراً إعلامياً فاق التوقعات، سواء كانت هذه التغطيات محلية أو عربية أو عالمية (مقروءة، مسموعة، مرئية)، مما يدل على تعزز الذائقة الجمالية لدى المجتمعات واهتمامها بالفن الإسلامي الأصيل والمعاصر، حيث خلق المهرجان ساحة واضحة وغنية لمحبي هذا الفن للبحث والنقد وإشباع الذائقة البصرية، كل ذلك جاء وفق رؤية واضحة واستشراف لراعي الثقافة والأدب والفن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث وضعت اللبنة الأولى للمهرجان قبل عشرين عاماً، وها هو اليوم بدا كصرح بارز لمع اسمه بين المهرجانات الثقافية المختلفة.
من خلال التمعن في الأعمال المشاركة في مهرجان الفنون الإسلامية نجد منظوراً و رؤية تتباين بين فنان و آخر، مما أدخل على المعارض الفنية حالة من التنوع، حيث يصوغ كل فرد منهم لغته البصرية التي تحاكي الأثر الذي اختاره المهرجان كموضوع له، و كأن لكل فنان لغته الفنية الخاصة التي تعبر عن الفن الإسلامي، وتترجم بأعمال فريدة أثرت الساحة الفنية.
ضم المهرجان لقاءً حوارياً بين الجمهور والفنانين تحدث فيه الفنانون عن تجاربهم وأعمالهم التي يعرضونها ويتطرقون بها إلى حال الفنون البصرية المعاصرة، وما هو الأثر الذي تركه الفن الإسلامي بشكل خاص على أعمالهم، فكانت إجابة الفنان توماس أدام و زوجته جين تشوي اللذين قدما العمل المميز (المسجد الطائر) أكثر ما شدني، خصوصا عند قولهما بأنهما تأثرا بأدب وأخلاق العرب والمسلمين بعكس الصورة التي تم غرسها في الأذهان عن طريق الإعلام الموجه ضد المسلمين، هذا ما شدهما للتوجه والتعرف أكثر على الإسلام والفن الإسلامي، حيث يعبر عملهما الذي قدم في المهرجان عن مسجد طائر يعرض في الباحة الخارجية بمنطقة مسرح المجاز، قائلين: خلال هذا العمل يمكنك أن تشاهد المسجد من أكثر من زاوية وكل زاوية لها جمالها الخاص، والمسجد معلق بخيوط رفيعة لا ترى، تعبر أن السلام يحلق نحو الأعلى ويسمو دون توقف، وأنه مهما اختلفت وجهات النظر حول الإسلام، يتفق الجميع على جمال قيمه و قوة رسالته نحو السلام.
إن أعمال المهرجان تشكل بمجموعها وإن تباينت لوحة جمالية متكاملةً دللت على نجاح هذه الدورة وتميزها وفرادتها، وقدرتها على إيصال الفن الإسلامي إلى خارج حدوده الجغرافية ليتواصل مع الآخر ويتفاعل معه.