بيئة الإبداع في الشارقة

26 نوفمبر, 2017

 
 
انتقالات الشارقة الثقافية تختصر العلاقة بالمكان والزمان، لتنتصب في أُفق دهري يضع الثابت والمتحول في سياق صاعد للتطور المتنامي، والشاهد أن الظاهرة الثقافية المؤسسية بالشارقة تتَّسع تباعاً، لتشمل أقاليم الجغرافيا المعرفية والذوقية على المستويين العربي والعالمي، فيما تنبري المؤسسات الحاضنة للفعل الثقافي ببرامجها النوعية، وتواتر حضورها الأفقي على مدار العام، فمن النشاط الثقافي الشامل في تنويعات حضوره ومعناه، إلى البرامج التراثية الإحيائية لقيم الماضي، إلى بيوت الشعر العربي بشقيه الفصيح والعامِّي، فالإصدارات الثقافية بتعدد مستويات محاورها الشيِّقة، وحتى النشاطات المسرحية والفنية، وصولاً إلى المهرجانات والمعارض وذروتها معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي نسعد هذا الشهر بانتظام برامجه العاكسة لمعنى التمازج الخلاّق بين المعارف والفنون والآداب.
 
هذه الصفة المركبة للفعاليات والبرامج والمهرجانات والملتقيات والمعارض والإصدارات، تستمد قوة دفعها من المبادرات والاجتراحات الشخصية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وها هي الشواهد تُتْرى، والوقائع تتنامى، فمن الحضور المباشر لسموه في معارض الكتب الدولية، من خلال تواجده وحواراته الضافية مع المفكرين،  إلى الترجمات المتنوعة لمؤلفاته النابعة من الثقافة العالمية، إلى التمدد المفاهيمي لذلك الحضور الذي يشمل العالم العربي وأوروبا، وصولأ إلى آسيا من خلال بوابة الهند الكبرى .
 
كل تلك الملحمة الثقافية الحضارية تلتمس دربها السالك من خلال التواشج الإنساني، بحثاً عن الجواب الناجز  لسؤال الماضي والمستقبل، والنظر لحكمة الأرض وإلهامات السماء، والاعتقاد الراسخ بأن خيار الثقافة والمعرفة هو السبيل الأمثل لتعمير منصة الإخاء والتضامن والتعاون .
 
هكذا هي الشارقة، الصادرة عن هذه المرجعيات السابقة على الفعل، وعن المزايا النائرة القائمة على أُسس معرفية وممارسية تتوسَّل أفضل معايير النجاح، وبهذا القدر من الاحتياط المتصاعد حدَّ السخاء الرسالي الكبير، تساهم الشارقة في الثقافة العربية والإنسانية من منطلق الاعتداد بالمبادرات الخلاّقة، وتعمير بيئة الإبداع التفاعلي المتجدد، لتقدم البديل الحميد، وتلهم الأغيار في البحث عن الخيار والاختيار.