مشروع الشارقة الثقافي

23 يناير, 2017

الذين تابعوا كلمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في افتتاح الدورة التاسعة والعشرين من معرض الشارقة الدولي للكتاب، وحديثه عن رؤيته للتنمية الثقافية والخطة التي تتبناها الإمارة في ما وصفه بعبارة “مشروع الشارقة الثقافي” التي كررها سموه مراراً، لا بد أنهم تعرفوا عن قرب إلى جوهر هذا المشروع وسماته العامة فهو “مشروع وطني إماراتي عربي” جوهره تفعيل الحركة الثقافية العربية في الإمارات والوطن العربي وخطاب الآخر من خلال هذه الثقافة وبآلياتها هي ومفاهيمها وليس بآليات ومفاهيم ثقافات الآخرين، وتلك نقطة مهمة تدل على وعي بحدود الأصالة وضروراتها، ومعرفة مخاطر الاستلاب وسبل التحصن منه . وهو مشروع “للمثقفين والمبدعين” يهتم بتوفير الظروف المناسبة لهم للعطاء والإبداع، وقد ضرب سموه مثالاً دالاً على ذلك، وهو أنه يوم دعي لإلقاء كلمة “رسالة المسرح” في يوم المسرح العالمي الذي تنظمه اليونسكو في باريس اختار أن يكون وفده مكوناً فقط من مسرحيين عرب من المشرق والمغرب اعتزازاً بهم ورفعاً لشأنهم كما قال سموه، ويتمثل هذا الدعم في أوجه كثيرة منها جوائز التكريم في المعرض وفي مهرجان أيام الشارقة المسرحية، ومهرجان الإمارات لمسرح الطفل ومهرجان الشعر العربي والبيناليات الفنية، وكل صنوف التكريم الأخرى وأهمها دعمه بنشر مؤلفاته في إطار إصدارات دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة . وهو مشروع متنوع يتكامل فيه الأدب مع الفكر مع المسرح مع الفنون التشكيلية ولا يحتاج المرء لضرب أمثلة لذلك فهي عديدة . وهو أيضاً مشروع مفتوح على الآخر مهتم به يسعى للتواصل معه، وتوصيل صوت الثقافة العربية إليه، بعد أن ظلت غائبة عن المحافل الدولية نادرة الحضور فيها، وضرب مثلاً على ذلك الغياب بتجربة عاشها سموه شخصياً حين دخل أحد المتاحف الكثيرة في لندن فوجد العالم كله حاضراً إلا العرب فلم يجد لهم أثراً، مع أن الآخر مستعد لتفهم هذا المشروع والتفاعل معه إذا قدم له على أصالته وهو ما ظهر في تفاعل الجمهور الياباني بقوة مع أيام الشارقة الثقافية هناك . وهو كذلك مشروع يقوم على العمل الدؤوب المتواصل “العمل الثقافي” وليس التنظير مع ما للتنظير من أهمية كما قال سموه، العمل المتمثل في إقامة المؤسسات الثقافية وتنظيم المهرجانات الدائمة التي تتربى الأجيال في كنفها وتخرج مثقفين، وأهمية هذه المؤسسات والمشاريع أنها لا تسعى إلى البهرجة، بل تتأسس على فعل ثقافي حقيقي ومتطور، والمعرض أكبر مثال على ذلك . يمكن إذن وصف رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة لمشروع الشارقة الثقافي بأنه “عمل ثقافي إماراتي عربي متكامل منفتح على الآخر”، وتلك رؤية أصيلة تجعل كل من له أدنى انتماء لهذه الثقافة العربية يسعد بهذا المشروع ويعتز به أيما اعتزاز .