مهرجان نواكشوط للشعر العربي يختتم فعاليات الدورة الثامنة

16 فبراير, 2023




نواكشوط:



اختتم مهرجان نواكشوط للشعر العربي فعاليات الدورة الثامنة التي أقيمت تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونظمها بيت الشعر في نواكشوط، بمشاركة فاعلة ومميزة من شعراء ومثقفين ونقّاد موريتانيين، وعرب، وأفارقة.



أقيم حفل الختام في بيت الشعر بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، و د. عبد الله السيد مدير البيت، وكوكبة من الأدباء ومحبي القصيدة.



وقال عبد الله العويس: "إن بيوت الشعر في الوطن العربي التي تحظى برعاية ومتابعة صاحب السمو حاكم الشارقة؛ أتاحت لمبدعين شباب ومبدعات شابات أن يقفوا على منابر القراءة، ويكشفوا عن إبداعاتهم للجمهور، وذلك وفق برامج ثقافية منتظمة تقدّمها البيوت، ومنها مهرجانات الشعر".



وأشار العويس إلى أن بيت الشعر في نواكشوط أكمل مسيرة البيوت بتنظيمه الدورة الثامنة من مهرجان الشعر، مؤكداً أنه تميّز بحضور لافت تمثّل بتنوّع شعري واسع، تمكّن من خلاله الجمهور التعرف على تجارب شعرية جديدة، موضحاً في الوقت نفسه أن البيت أصبح، بآفاقه الواسعة، يشكّل محطة شعرية لدى الكثير من المبدعين في موريتانيا والبلدان المجاورة لها.



وأكّد د. السيد في كلمة ختامية أن المهرجان وغيره من الأنشطة يعدّ ثمرة مبادرات صاحب السمو حاكم الشارقة الثقافية، مشيراً إلى أنها أعادت للشعر وللغة العربية مكانتهما في موريتانيا بشكل خاص، وغرب إفريقيا عموماً.



وأضاف السيد، قائلاً: "لقد بدا أثر بيوت الشعر جلياً على كل ألسنة المشاركين في المهرجان، وهذه المبادرة كان من أهميتها أنها أعادت للشعراء الأمل في الكتابة والنشر بدعمهم معنوياً ومادياً، ولا يستطيع ناقد اليوم إلا أن يتكلم عن عودة الشعر ومكانته بعد مبادرة البيوت".



وقال مدير بيت الشعر إن الدورة الحالية من مهرجان نواكشوط تميزت بإقبال جماهيري كبير على الصعيد الموريتاني وشعراء غرب إفريقيا ونقّادها، مشيرا إلى أن المهرجان تلقى إشادة واسعة من السلطات الموريتانية العامة.



"نقد وشعر"



شهد اليوم الختامي من المهرجان تنظيم ندوة نقدية حملت عنوان" القصيدة الموريتانية الحديثة: بنياتها الدلالية والأسلوبية"، وتحدث فيها النقّاد: د. محمد محفوظ، ود الشيخ أحمد البان، ود. مباركة البراء، ود. أحمد آكاه، وعقب عليها كل من: رئيس النادي الأدبي في السنغال فاضل غي، والمنسق الثقافي للنادي الأدبي في غامبيا إسماعيل أحمد دافي، فيما قام د. ابوه بلبلاه بإدارة الجلسة.



تناولت البحوث النقدية تجارب أربعة شعراء موريتانيين، هم: كابر هاشم، ومحمد ولد عبدي، وفاضل أمين، والشيخ ولد بعمش، للوقوف عند البنية الدلالية في القصيدة الموريتانية، خاصة وأنهم من أبرز الأسماء الشعرية في البلاد.



واستعرضت الأوراق البحثية الخصائص الأسلوبية والتخييلية التي ميزت مدونة الشعراء، و أبرز الفنيات التي وظفوا فيها بناء قصائدهم، كما تناولت ظواهر التجديد والتحديث في بنية القصيدة الموريتانية الحديثة من الناحيتين الدلالية والأسلوبية، وذلك من خلال ذكر نماذج ذات دلالة على الجوانب التصويرية المعتمدة على الخيال الأدبي، واللغوية من البنية المعجمية للديوان، وما قد ينجر عن ذلك من شبه ببعض النصوص الأدبية الأخرى، إلى جانب الظواهر الموسيقية الداخلية منها والخارجية على حد سواء.



كما شهد اليوم الختامي أمسية شعرية شارك فيها: د. خالد عبد الودود، وعبد الله درامي، وداوود تيجان جا، وصلاح الدين الخو، وتوقيع ديوان «أغنية الحنين» للشاعر محمدن محمد سالم.



استهل الشاعر الموريتاني عبد الودود القراءات بقصيدة حملت عنوان "جفون المرايا"، يقول فيها:



نحَتَ الدمعُ في الخدود أخاديدَ             وأنَّتْ .. بالمفرداتِ يدايا



وبِقلبي للعالَمين ضياء                            وهُدًى من ضلالة النفسِ آيا



وعلى ضفة القصيدة شجوٌ                    يُغرقُ الصمتَ في شغاف الحنايا



وتجاوز الشاعر المالي عبد الله محمد درامى"الفـخّ" بفطنة الشاعر، يقول:



قد مسّني القرحُ، قَبْلِي مسّ من عشقوا                في الحبِّ عُمياً غدونا لم نَعُد بُصَـرا



أخبـرتُ أنّ الهـوى للـوقت مَضْيَعةٌ                        الآنَ صـدّقـتُ فِـعــلاً ذلك الخـبــرا



سواجِعُ الأيك تبكـي أنْـهُـراً يبِستْ                       والـدمـع دمـعٌ ســواءٌ قـلّ أو كثُـرا



أبيتُ جنباً إلى جنبِ الغصونِ أسًى                    أَسْتَحْلِفُ العُشَّ أن لا يهجُر الشجرا



وألقى الشاعر الموريتاني ماء العينين الشيخ الأديب قصائد من ديوانه، من ضمنها قصيدة بعنوان: "سباحة بلا توقيع"، يقول فيها:



الضوء في عينيك ينثر سحره              يهدي الضياء إلى الصباح المتعب



وأنا، ومذ نثرت عيونك سحرها             وانساب عرفك بالعبير الطيب



أيقنت أن العشب في صلواته                    للغيم خبأ في توهجها نبي



وفي ختام المهرجان كرّم عبد الله العويس ومحمد القصير الشعراء المشاركين في الدورة الثامنة، تكريما لدورهم الفاعل في المجال الثقافي، وتقديرا على إبداعاتهم الشعرية.




"اليوم الثاني"



في ثاني أيام المهرجان أقيمت جلسة شعرية شارك فيها: محمد عبد الله عمار، وماء العينين الأديب، وعباس بده، كما شهد ركن التواقيع سلسلة توقيعات لدواوين جديدة، هي: "في الغيب متسع" للشاعر محمد محمود محمذن، و"عيون المها" للشاعر محمد أحمد المختار.



واستمع الجمهور لقصائد متنوعة في الأغراض والمضامين للشاعر السنغالي محمد انيانغ تضمنت قصيدة بعنوان: "رحلة أخرى"، يقول فيها:



مُسَافِرٌ وَطُقُوسُ اللَّيْلِ تَرْسُمُهُ          خُطًى لِيَنْشَقَّ مِنْ آثَارِهِ الفَلَقُ



وَمُنْذُ مَسْرَى جُرُوحِ الْقَلْبِ يُوصِلُهُ          كَهْفَ الْمَتَاهَاتِ فَانْدَاحَتْ بِهِ الطُّرُقُ



غَازَلْتُ نَبْضَ عَذَارَى الْمَجْدِ أُغْنِيَةً                     تَقُولُ لِي الرِّيحُ: هَذَا الْبَابُ مُنْغَلِقُ.



كما أقيمت أمسية شعرية شارك فيها: جاكيتي الشيخ سك، وأحمد الوالد، وسيسي محمد كافومبا، وصلاح الدين أحمد.



وارتكزت القصائد إلى العديد من المواضيع، منها: الفلسفية، والغزلية، والإنسانية.




"امتداد ثقافي"



ثمّن شعراء ونقّاد مشاركون في المهرجان امتداد رعاية الشارقة للثقافة على المستوى العربي، مؤكدين أن بيت الشعر في نواكشوط أهم مؤسسة ثقافية موريتانية انطلاقاً مما يقدّمه من برامج حيوية في البلاد،  معبّرين في الوقت ذاته عن شكرهم إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، راعي الثقافة، وصاحب الدعم المتواصل للمثقفين من كافة البلدان.



الشارقة ذلك الاسم الممهور  بالإشراق والارتقاء.. بهذه الكلمات بدأت د. الموريتانية مباركة البراء حديثها، وأضافت: "تلك الإمارة التي اتخذ صاحب السمو حاكم الشارقة  من خدمة الثقافة شعارا، وجعل من رعايتها  هدفا مختارا، لتصبح وجهة للمفكرين والأدباء والباحثين، ومصدر اعتزاز وفخر لكل العرب والمسلمين، ولا يمكن اليوم أن نتحدث عن  الثقافة العربية الإسلامية والسهر عليها ورعايتها ونشر الإصدارات حولها  إلا إذا كنا نعني الشارقة".



وأكّدت البراء أن أهم مؤسسة ثقافية عرفتها البلد منذ الاستقلال هي بيت الشعر في نواكشوط، خاصة وأنه عقد الصلات مع كل الشعراء والأدباء، وشجع واحتضن كل المواهب الشابة، ونظم أنشطة مستمرة على مدار السنة، وطبع الكثير من الإصدارات الشعرية، والأهم أنه جعل الأدباء يؤمنون برسالتهم ويواصلون العطاء.



من جانبه، قال د. الموريتاني محمد ولد محفوظ: "بات من الجليّ اليوم للمهتمّ بالشأن الثقافي العربي أنّ للشارقة جهدا مذكورا ومشكورا في مجال تنشيط وتثمين الفعل الثقافي العربي، والشعري منه خاصة.. وهو أمر يترجمه الوجود الفاعل للبيوت الشعرية في كافة الأرجاء العربية".



وتابع: "ليس المثال الرائد الذي يقدّمه بيت الشعر في نواكشوط إلاّ دليلا ساطعا على هذه الحقيقة الواضحة، ولا تقف الأنشطة فيه عند الشعر وحده بل تتناول كافة مواضيع الثقافة العربية، كلّ ذلك هدفه خدمة هذه الثقافة في القطر الموريتاني، بل إنّ الأمر تجاوز الحدود الموريتانية، فبات بيت الشعر في نواكشوط قبلة يرتادها المشتغلون بالشعر العربي في البلدان الإفريقية المجاورة، وتلك خطوة جبّارة تعبّر عن رؤية عميقة وهدف نبيل غايته خدمة اللسان العربي حيثما وجد".



وعبّر الشاعر الغامبي يوسف ساغو عن سعادته بالمشاركة للمرة الأولى في مهرجان نواكشوط للشعر العربي، مؤكداً أنه حقق جزءا من حلمه الإبداعي بالمشاركة خاصة وأن أصداء المهرجان تمتد إلى أوساط إفريقيا، معرباً عن شكره للشارقة على اتاحة الشعراء فرصة ثقافية واعدة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المهرجانات الشعرية تحفز المشاركين، وتمنح مساحة للتعارف وتبادل الخبرات بين المبدعين.



بدوره قال د. الموريتاني أحمدو آكاه: "ترتبط الشارقة لدى العرب بالثقافة والعلم ارتباطاً متيناً، فعندما تذكر الشارقة فإنها تحيل بصورة تلقائية إلى الثقافة، ويتجلى ذلك في العديد من المبادرات ومنها بيوت الشعر العربية، التي انبثق منها بيت الشعر بنواكشوط، وعمل خلال السنوات الماضية منذ إنشائه على الاهتمام بالشعر ونقده وترقية الحس الأدبي، وقد نظم الكثير من الأماسي الشعرية، والندوات العلمية، واللقاءات الثقافية، فكان بذلك منارة إشعاع امتد نورها إلى المحيط الإفريقي المجاور".



وأبدى الشاعر السنغالي فاضل غي سعادة غامرة بالمشاركة الثالثة في المهرجان، قائلا: "نثمّن دائماً المواقف التي يقوم بها صاحب السمو حاكم الشارقة منذ سنوات طويلة بدعم الثقافة العربية، ودعم الأفارقة بمنح دراسية، إلى جانب بيوت الشعر وهي بادرة تذكر فتشكر بكل المقاييس، ونحن ممتنون لسموّه بالشيء الكثير".



فيما أعرب الشاعر الغامبي إسماعيل دافي عن شكره إلى بيت شعر نواكشوط لما يمنحه من فرصة إبداعية كبيرة لشعراء وكتّاب إفريقيا، مؤكداً أن الشارقة كانت سببا في اظهار شعراء وكتابا في جنوب إفريقيا بفضل رعايتها للثقافة العربية والإفريقية.