في الأمسية الخامسة لـ"الشارقة للشعر النبطي".. قصائد ترتدي ثوب الحنين وتسافر في الماضي

11 فبراير, 2023



احتضن قصر الثقافة في الشارقة، الأمسية الخامسة لمهرجان الشارقة للشعر النبطي في دورته الـ17، التي صدح فيها الشعراء: علي الهاملي "الإمارات"، ثابت الدهام "الأردن"، إبراهيم ضيف الله "مصر"، أحمد بن حيي الوشاحي "عمان"، عنود القوافي "السعودية"، أسماء العنزي "الكويت"، وهنادي الجودر "البحرين".



حضر الأمسية عبد الله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، وبطي المظلوم، مدير مجلس الحيرة الأدبي، وجمهور غفير من ضيوف المهرجان ومحبّي الشعر.



لغة وصور



الشاعر علي الهاملي، أمتع الحضور بقصائد رفيعة في مستواها، حيث يتميز الشاعر بمفردة قوية ولغة باذخة، ومقدرة على صناعة الصور والمشهديات الشعرية.



ولعلّ شاعرية الهاملي تتجلّى أكثر في ميدان الغزل، وفي إحدى قصائده التي ألقاها، يحتشد النص بمفردات الشوق والحنين وأوجاع الفراق. ويقول الشاعر:



منحرم وصلك وانا قلبي ضعيف           ما اتحمل غيبتك لو ثانيه



ودمع عيني ما يوقف بالنزيف              الحياه بدون شوفك فانيه



لا تشمت بي العدا خلك حليف             والمشاعر كلها لك عانيه



العجايب سبع وانته يا لطيف               من جمالك اصبحت ثمانيه



ينشغل بالي بزينك يا وليف                لو معي ربعي وكل اخوانيه




أيام العرب



الشاعر ثابت الدهام، قدم باقة متنوعة من القصائد الشعرية، وتحفل نصوص الشاعر بالمفردات والعبارات البدوية، وللدهام مقدرة في السفر إلى أزمنة وتواريخ مضت من أيام العرب، فهو يذهب صوب معلقات الشعراء، يجاريها، مستدعياً حرب البسوس، ومعلّقاً عليها، ومحللاً مضامينها ووقائعها شعراً.



في إحدى قصائده التي ألقاها يجاري الدهام معلقة عمرو بن كلثوم، وهي مجاراة بين الفصحى والنبطي. يقول:



ألا هبي ولا عمرك تجينا            فإن الحب بلوة الصادقين



وإني قد كسرتُ اليوم قلبي          قبل لا تسرعي وتكسرينا



وجدتك والجراح هوىً وعتبى         وعينٌ قد تجل الذاهبين



وقلب خانه الأحباب حتى           تعلم كل مكر الخائنين




دعوة لقاء



الشاعر إبراهيم ضيف الله، حلق بالحاضرين إلى عوالم من الروعة والجمال، وهو صاحب حس شاعري فريد، فقصائده تحتفظ بعبارات البداوة طازجة، وتحمل المعاني السامية.



وفي إحدى قصائده المترعة بالحنين، يناجي الشاعر محبوبته، ويدعوها إلى اللقاء والقرب بدلاً عن الغياب الذي طال. يقول الشاعر:



وحي الخيال ومهلم أفكاري كفى وجد وشجن



برد وحنين ودرب يبعد بي ورا طرد السراب



طال الغياب وحجتي تنسج خيوطها من وهن



شرّع دروب الحلم وابوابه إلى صدري رحاب



أن صافحي يمناي يكفي ما من الماضي ارتهن



أبلج صباح الصدر شمسه بددت ليل وضباب




صدر الحكم



الشاعر أحمد بن حيي الوشاحي، ضمّخ المكان بعطرية نفاذة من أريج قصائده الباذخة، وتغنى على طريقة "فن الشلة"، فكان أن نثر الفرح والحبور وسط الحضور الذي تجاوب كثيراً مع إبداعاته.



والوشاحي، صاحب لونية خاصة، ومقدرة على التعبير عن مشاعره بحيث تتسرب إلى قلوب الحضور، وربما بدا ذلك جلياً في نصه بعنوان "حكم الهوى"، يقول فيه:



صدر حكم الهوى ونفِّذ عليّه         وهل يصدر حكم من غير قاضي



نعم خِلّي حكمني بلا قضيه         ولا زله وانا بالحكم راضي



تلقيت الحكم وبحسن نيّه             تقبلته ولا عندي اعتراضي



ويوم انّي طلبت الروف فيّه         أنا المظلوم لكني أغاضي




غدر الليالي



الألق الشعري الأنثوي كان حاضراً، يعطر المكان بطيب بكلمات ومفردات الحب والشوق والحنين، عبر قصائد تفاعل معها الجمهور كثيراً.



الشاعرة عنود القوافي، قدمت قصائد متنوعة، يسكنها الحنين، ويغمرها وهج الحب، وتملك الشاعرة قدرة على التعبير عن مشاعرها وأحاسيسها، حيث إن نصوصها عامرة بالصور والمشهديات والحواريات. تقول:



قلبي تعثر والليالي غْدَرت فيه              مدري من الأيام وش عاد باقي



أحيان تصفي له وأحيان تجفيه             جفت عروقٍ خاذلتها السواقي




أمي الحبيبة



فيما ألقت الشاعرة أسماء العنزي، قصائد يسكنها البهاء والألق، وهي تمتلك مقدرة على تطويع اللغة وانتقاء المفردات، وبراعة في تناول القضايا الاجتماعية.



وفي قصيدة بعنوان "أمي الحبيبة"، تسربت مشاعر الحزن والشجن إلى قلوب الحضور، حيث تذكر الشاعرة في النص والدتها التي ارتحلت عن الدنيا، وخلفت وراءها فراغاً عريضاً. تقول:



انتي اوّل من عطاني حب منحتي                 انتي منبع خير.. روحك لي وهبتي



ما اتخيَر يوم لي مني زعلتي                      احضنيني كم بعطفك لي حضنتي



انتي ضحيتي بعمرك ما تعبتي                    الليالي ضيمها شلتي.. حملتي




أهل الإمارات



أما الشاعرة هنادي الجودر، فقد نثرت ألقاً شعرياً خاصاً عبر قصائد تحمل أبياتها القيم السامية والحكمة، وتحلق في عوالم الغزل والحب، وللشاعرة مقدرة فائقة في إجراء حوارية، عبر النص، مع الذات.



في إحدى قصائدها، ترسل الشاعرة رسالة شوق وحب لأهل الإمارات، وتقول:



نعم فيني وله والشوق زايد           لربعي اللي ربوا في دار زايد 



يا قلب ادعوا لهم حبًّا وزايد          على حبك لهم دون البريّه