مراكش تحتفي بانطلاق مهرجان الشعر المغربي في دورته الرابعة

12 نوفمبر, 2022






تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة؛ شهدت مدينة مراكش التاريخية، مساء الجمعة، انطلاق فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان الشعر المغربي، الذي تنظمه دائرة الثقافة في الشارقة بالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية على مدى 3 أيام بمشاركة أكثر من 40 مبدعاً من شعراء ومثقفين وفنانين مغاربة.



أقيم حفل الافتتاح في "عرصة مولاي عبد السلام" في قلب مراكش، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ عمر عبد الرحمن الطنيجي نائب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدة المغرب، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، والاستاذ عبد الإله عفيفي الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة المغربية، قطاع الثقافة، والمئات من المهتمين في الكلمة.



بدأ حفل الافتتاح بعرض شريط مصوّر يوثّق أهم لحظات الموسم الخامس لبرنامج دار الشعر في مراكش، ويسجّل محطات الدار الثقافية على مدى العام.



وألقى عبد الله بن محمد العويس كلمة تناول فيها أهمية استمرار الفعاليات الثقافية في تعزيز العلاقات بين مثقفي الوطن العربي، قائلاً: " تتوالى الأنشطةُ الثقافيةُ العربيةُ في انعقادِها وانتظامِها، وتتعزّزُ العلاقاتُ الأخويةُ بين أدباءِ ومثقفي الوطنِ العربي، فمن مشرقِ الوطنِ العربيِّ الكبيرِ إلى مغربِه، تشهدُ الساحةُ الثقافيةُ حراكاً أدبياً فاعلاً، يؤمُّها أصحابُ الكلمةِ و الفكرِ و الإبداعِ".



وأشار العويس إلى دار الشعر في مراكش ونشاطها الفاعل في المغرب، بقوله: "فها هي مراكشُ تحتفي بالشعرِ والشعراءِ في دورةٍ جديدةٍ من مهرجانِها الشعريِّ السنويِّ، متوّجاً أنشطةَ دارِ الشعرِ في مراكش التي أقامتْ أنشطتَها الأدبيةَ والفنيةَ في أماكنَ ومدنٍ متعدّدةٍ من المغربِ العزيزِ، بشراكةٍ متميزةٍ بين وزارةِ الشبابِ والثقافةِ والتواصلِ المغربيةِ ودائرةِ الثقافةِ بالشارقةِ".



وأعرب عن شكره إلى وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربي، لتعاونها المثمر، قائلاً: "إنها لَمناسبةٌ عزيزةٌ أن نجدّدَ الشكرَ والتقديرَ إلى وزارةِ الشبابِ والثقافةِ والتواصلِ على جهودِها المخلصةِ من أجلِ إنجاحِ هذه اللقاءاتِ الثقافيةِ العربيةِ، التي تعبّرُ عن العلاقاتِ الأخويةِ الراسخةِ بين دولة الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ والمملكةِ المغربيةِ، تحت القيادةِ الرشيدةِ في البلدين".



ونقل رئيس دائرة الثقافة في الشارقة تحيات صاحب السمو حاكم الشارقة: قائلاً: "أتشرفُ في هذه المناسبةِ بأن أنقلَ لكم تحياتِ صاحبِ السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضوِ المجلسِ الأعلى حاكمِ الشارقةِ وتمنيّاتِه لكم بالتوفيق".



وفي بداية كلمته أكّد عبد الإله عفيفي أهمية التعاون القائم بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية ودائرة الثقافة في الشارقة، مشيراً إلى أن افتتاح الدورة الرابعة من مهرجان الشعر المغربي في مراكش يعدّ تتويجاً لهذا التعاون المثمر.



وأضاف عفيفي، قائلاً: "وإننا إذا نعتز في المغرب بتنظيم مهرجان للشعر يحتفي بالتنوع الثقافي المغربي، ويكرم عطاءات الشعراء والمثقفين والمبدعين ويشجع الشباب على الكتاب، فإننا نؤكد أن مهرجاننا هذا، وهو يطفئ شمعته الرابعة، قد استطاع أن يتبوأ مكانة مرموقة في خريطة المشهد الثقافي وطنيا وعربيا، متوجا سلسلة لنجاحات دار الشعر في مراكش".



وثمّن عفيفي التميز الذي رافق أنشطة دار الشعر في مراكش منذ تأسيسها، وقدّر الجهود المتواصلة من قبل عبد الله بن محمد العويس وحرصه الشديد على ضمان انجاح الفعاليات الثقافية المشتركة.



واستحضر الكاتب العام لوزارة الثقافة والتواصل بعض الأبيات الشعرية من قصيدة "مراكش الحمراء" التي نظمها الشاعر محمد المدني الحمراوي، مشيراً إلى أن تنظيم المهرجان في مراكش يزكي المكانة التاريخية والحضارية لهذا المدينة العريقة.





"حروفيات وموسيقى"



رافق مهرجان الشعر المغربي معرض "حروفيات 7/7"، وشارك فيه مجموعة من الفنانين المغاربة، وهم: محمد تيفردين، وعبد الرحيم حمزة، ورشيد زيزي، وأرشكيك لمليح، وعبد الإله الهلالي، وعبد الله بوركا، ولحسن الفرسيوي، وقدّموا لوحات تحمل رؤية بصرية لافتة تقوم على نصوص شعرية بخطوط عربية حيوية ومتنوعة.



يذكر أن محمد تيفردين (1960) فاز بجائزة الفنون الخطية الحديثة في ملتقى الشارقة للخط في دورته العاشرة "ارتقاء" المقامة حالياً في الشارقة، وتيفردين خطاط مغربي تأثر بكتاتيب تحفيظ القرآن الكريم منذ طفولته في القرية حيث كان يعيش، وقام على مدى سنوات بتوثيق علاقته مع الخط العربي كمسيرة إبداعية واسعة الآفاق والرؤى الجمالية.



كما صاحب حفل الافتتاح معزوفة فنية على آلة الناي للفنان المغربي رشيد زروال الذي قدّم مقطوعات موسيقية لافتة.





"جائزتا الدار وتكريم الفائزين"



أعلنت دار الشعر في مراكش عن أسماء الفائزين في الدورة الرابعة من جائزتي "النقد الشعري"، و"أحسن قصيدة"، وتأتي الجائزتان ضمن فعاليات الدار وفي سياق اهتمامها بالتجارب والأصوات النقدية والشعرية الجديدة، ودعمها للمواهب الشابة، والعناية بنتاجهم الإبداعي.



وفي جائزة "النقد الشعري"، نال المركز الأول الناقد مبارك أبا عزي عن البحث "الانزياح في الشعر الأمازيغي"، وحلّ في المركز الثاني الناقد عبد الحق وفاق عن بحثه "جماليات الابداع في شعر السهيلي"، فيما جاء ثالثا الناقد سعيد موزون عن بحثه "التشكيل النصي وبناء الخطاب في ديوان "حدثنا مسلوخ الفقروردي لأحمد بلبداوي".



وفي جائزة "أحسن قصيدة" جاء المركز الأول مناصفة بين الشاعرين حمزة الخازوم وفريد عبد الرحيم، وتناصف يوسف كوزاغار وعبد الله آيت بوذب المركز الثاني، وحل في المركز الثالث مناصفة عمر راجي وعيني امنيصير.



والشعراء الفائزون هم نتاج ورشات الشعر التي تنظمها دار الشعر في مراكش، وفاز بعضهم بجائزة الشارقة للإبداع العربي (الإصدار الأول)، فيما يشارك بعضهم الآخر في مسابقات شعر عربية.



وكرّم العويس والقصير يرافقهما الطنيجي، وعبد الإله عفيفي؛ بتسليمهم الفائزين في جائزتي "النقد الشعري" و "أحسن قصيدة"  شهادات تقديرية، ثمنياً على جهودهم الفكرية المبذولة، وتشجعياً لمواصلة الكتابة الإبداعية.



كما سلموا، ضمن برنامج أسماء ثقافية احتفاء بالتنوع المغربي، الشعراء: خديجة لعبيدي الناها، وأحمد بلحاح آيت وارهام، ومحمد إكرار، شهادات احتفاء بنتاجهم الإبداعي على مدى سنوات.





"الشعر يعانق الطبيعة"



في أولى أمسيات المهرجان قرأ الشعراء: أمينة المريني، وحمزة الخازوم، وعبد الدين حمروش، قصائد متنوعة في الحديقة المنفتحة إلى أفاق الطبيعة الساحرة، حيث الشجر الكثيف يشكّل مشهدية جمالية.



وقد أضنت أسرار الليل المريني، وكشفت عن تلك الدواخل بذات إبداعية تقول:



بِليْلِ السّرِّ أضناكٓ الشجِيُّ                وخاتلَ طرفكَ الطيفُ البهيُّ



تَرى منه الوضاءةَ في حجابٍ         ويَقطع كفّك الحُسنُ الوضيُّ



وتُغرقُ ليلك العاصي بدمعٍ         لعل الوصلَ يُسبغه العصِيُّ



لعل الكأسَ أشربُها دِهاقاً                     إذا جادت غيوثُك يا غنيُّ



إذا رُفعتْ ستورُك يا حبيبي           وأسفر وجهُك، الشمسُ، السّرِيُّ



سنيٍّ في  خفاء أو شهود                   خفيٌّ في لطائفكُمْ جٓليُّ



شقيٌّ عبدُكَ الفاني المُعٓنّٓى               وليس له شبيه أو سٓمِيُّ





ونسج الخازوم من حروف قصيدته أجمل الأبيات، حيث يشتد الليل كلما مرّت ذكرى في خاطره، يقول:



لِأَجْلِ لَيْلٍ شَدِيدٍ مَا بِـهِ شُهُـــبُ        أطِلُّ منْكَ شَجِــيًّا أيُّهَا الْحَطَـــبُ



وأقتَنِي مِنْ حَمَامِ الأَيـــكِ أرْوعَهُ         لكَيْ أدُسَّ بِهِ مَا قَالَهُ القَصَـــــبُ



قَلبِي علَى أملِ الذكْرى يَنامُ ومَـا        بهِ غيرُ شوقٍ للأُلَى اغتَربُــــــــوا





"وصلة فنية تراثية"



في الختام، أحيت الفنانة المغربية ماجدة اليحياوي وفرقة الجيلالي (امثريد لفن الملحون)؛ حفلاً موسيقياً قدّمت خلاله أغان تراثية.





"عرصة مولاي عبد السلام"



يعود تاريخ إنشاء "عرصة مولاي عبد السلام" إلى القرن الثامن عشر، وهي بالإضافة إلى كونها مكاناً للتأمل، فهي حديقة تاريخية وثقافية لما تضمه من مرافق متعددة، كما توجد ممرات ‬تؤدي ‬إلى ‬حديقة ‬أميرية ‬قديمة ‬يعود ‬تاريخها ‬للقرن ‬18، ‬فيما تعكس جمالية ‬الفن ‬المغربي ‬الخاص ‬بالحدائق.