مهرجان المفرق للشعر العربي.. ختام مميز في الشمال الأردني

29 أكتوبر, 2022


 




 



أسدل مهرجان المفرق للشعر العربي الستارة على فعاليات الدورة السابعة التي أقيمت تحت رعاية صاحب السمو  الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونظمتها دائرة الثقافة في الشارقة بالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية في مدن ومحافظات أردنية على مدى 5 أيام، بمشاركة لافتة ومميزة من شعراء وأدباء أردنيين.



حضر حفل الختام سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، وعاقل محمد الخوالدة مدير مديرية ثقافة محافظة إربد، والشاعر أكرم الزعبي رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين ، ومدير بيت شعر المفرق فيصل السرحان، ومثقفين ومبدعين ومحبي الكلمة.



وقال الخوالدة:"الشارقة اليوم نموذج عال من نماذج المدن الحاضنة للثقافة والفنون والداعمة للمبادرات العربية الهادفة للحفاظ على تراث الأمة وهويتها، بفضل رؤى صاحب السمو حاكم الشارقة الرامية للارتقاء بذائقة المثقف والمبدع العربي، وسعيه الدائم لدعم المبادرات الثقافية الجادة، وبيت الشعر في المفرق من تلك المبادرات، وهو يقوم بدور عظيم في اقامة توازن حقيقي في الأدب العربي، والحفاظ على القصيدة الفصيحة والارتقاء بها، كما يعتبر مظلة جامعة للشعراء وفرصة حقيقية للقاء والاستفادة من التجارب المتعددة".



تنقّل المهرجان من العاصمة عمّان إلى محاظفة إربد عاصمة الثقافة العربية، ثم إلى مدينة المفرق، مزيّناً الشمال الأردني بقصائد تضيء بالبهجة والأمل والمحبة، محتفياً في الوقت نفسه بالشعراء ونتاجهم الإبداعي، وسط حضور كبير يؤكد أهمية الحدث الشعري.



أثنى الشعراء المشاركون على جهود الشارقة بوصفها حاضنة للإبداع والمبدعين، وما لمسوه من رعاية متواصلة واهتمام خاص بالشعر، مؤكدين دور الإمارة في إعادة "ديوان العرب" إلى الواجهة عبر منافذ ثقافية عديدة، ومنها مبادرة بيوت الشعر في الوطن العربي التاريخية التي أسّس لها صاحب السمو حاكم الشارقة مكانة أدبية مرموقة في مدن عربية متعددة.



 



"بيت عرار الثقافي"



شهد بيت عرار الثقافي في إربد أولى الجلسات الشعرية للمهرجان في ثالث أيامه، وكان مدير ثقافة إربد عاقل الخوالدة قد استقبل سعادة العويس والاستاذ القصير في البيت التاريخي والآثاري لشاعر الأردن مصطفى وهبي التل (عرار).



وقبل بداية الجلسة الشعرية، قدّمت مديرة البيت فاطمة الصباحين شروحات مفصلة  عن البيت المبني على الطراز الدمشقي القديم في العام 1905، وقالت إنه يضم عدة غرف، حول فناء مرصوف بالحجارة السوداء البركانية. وتجول الحضور في غرف البيت التي تضم صور الشاعر الراحل وبعض مخطوطاته.وشارك في الجلسة الشاعران: لؤي أحمد، وأمين الربيع.



ومن اللافت أن الجلسة جمعت جيلين من المبدعين الأردنيين الذين حصلوا على جوائز وتكريمات الشارقة، وهما: لؤي أحمد الحائز على جائزة الشارقة للإبداع العربي (الإصدار الأول) منذ سنوات، ويشارك شاعراً متألقاً في المهرجان، وكذلك ممن حضر الروائي هاشم غرايبة الذي يتابع المهرجان عن كثب، وقد جرى تكريمه في ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي قبل عام.



ومما قرأ لؤي أحمد:



بـحرٌ وإيــــــقــاعٌ وقـــــافِـــيــــــةٌ أَنــــــيـــقَـةْ هيَ فـــتــنـــةُ الـمهــجـورِ مــن لغـــتـي العَـــتيــــقــةْ



بــيضاءُ في عينـي القَصيدةُ إنْ تَــكُنْ فــيـــها الــــنَّــــوافِـــذُ لا تُــطلُّ على حَديـــقَـــةْ



الشِّعرُ: أنْ يَطوي الـمَكانَ مـعَ الــــــزَّمـــانِ فَـــمٌ سَيخْــتــــزلُ العَــــوالــمَ في دَقــــيـقَــةْ



الشِّعرُ: أنْ تَــهَبَ الـمُـــؤَوِّلَ معنـــيــــيـنِ تـــنـــامُ بـــيـــنــهما الكـــنايـــــةُ مُـــســتَـــفـــيــقَـــــــةْ



الشِّعرُ: ثــالـــثـةُ العُـــيــونِ بـها تَــــرى مـــا لا تَـرى الـعَــيْـــنــانِ في الصــور الدقــيــــقَـةْ 



الشِّعرُ: فَـــنُّ الـمحوِ والإيــــحاءِ إنْ وَجــــدَ الســؤالُ الضَّحلُ أجــوبــةً عَمــيـقــــةْ.



 



وقرأ الربيع:



في جانبي بحر يموج من السنابل أخضر الايقاع



مشدوه المسافة مثقل بالذكريات



نيسان يا رحم الحياة وأمها فلتحتضني



كم يضيق بحضنك الهزّاز حرف الأمنيات.



وتواصلت القراءات الإبداعية في بيت عرار خلال جلسة مسائية شارك فيهاالشعراءمها العتوم، وأكرم الزعبي، وعلي الفاعوري، ولؤي أحمد، وقدّم لها الشاعر صالح حمدوني، في حين شهد البيت فقرة فنية للفنان نزار عيسى.



وأهدى الفاعوري قصيدة إلى والدته، يقول فيها:



لأن الحب يا أمي صباح الزيت والزعتر



وصبرك رغم شقائي على الأيام كي أكبر



أفتش في أقلام الحبر عمن تكمل الدفتر



وترسم لي لأعشق بقايا ثوبك الأخضر



وتغلقني بآخره كما أحببت لا أكثر.



وقرأت العتوم من قصيدة بعنوان "شغف"، تقول فيها:



ليست حياتي حقيقية 



لأدير مخاوفها



منذ عشر حوادث أنجو



لأكثر من سبب



ليس من بينها حكمتي.



وتوالت القراءات، وتنوعت في طرحها الإبداعي بين مواضيع شعرية عديدة.



 



"أم قيس"



استضافت مدينة أم قيس في إربد رابع أيام المهرجان، حيث الأمسية الشعرية التي شارك فيها الشعراء: عاقل الخوالدة، ومحمد العموش، ومحمد دلكي، وعبد الرحمن الفحماوي، وقدّم لها الشاعر موسى النعواشي.



وأظهر الخوالدة "أمنيات الشاعر البدوي"، في قصيدة يقول فيها:



لوْ كُنتُ طَيرا... ما ضَمَمتُ جَناحا 



أو كنتُ غيمَاعابِرَا ورِياحَا



فَسَرَقْتُ مِنْ شمسِ الشّروقِ مَلامِحي



 أو كُنتُ نجما  لامِعا وضّاحَا



رافقتُ أسرابَ الحمامِ  فلمْ أعُدْ



 للأرضِ ثانية لكيْ أرتاحَا



ومللتُ من سيري و  غزلانَ المها 



واشتقتُ وجه الظبي.. حينَ أشاحا



وسريت في ليلٍ أُحاولُ وَصَلَهُ



وتَخَذتُ من قلبي لهُ مِصْباحَا



 



وقرأ الدلكي من عذب ألحانه:



يا صبحُ جُدْ خَلِّنا مِنْ نايِ أحزاني



فطُولُ لَيْلي يُناجيني بأشْجاني



خاصمْتُ نومِيَ في جَرْحي، وخاصمَني



في الجَرْحِ قلبي، فأَغْرى بي وخَاناني



ضاعَتْ حروفي، وتاهَ الّلحنُ في شَفَتي



وحارَ قَلبِي على شطآنِ أَجْفاني



فَذِي دموعي حروفًا صِرْتُ أَنْظِمُها



دَقّاتُ قلبيَ أمسَتْ صوتَ أَلْحاني.



وتقع مدينة أم قيس على بعد 28 كم شمال مدينة إربد، وهي أكبر مدن لواء بني كنانة في محافظة إربد. يحدها من الشمال ويفصلها عن هضبة الجولان نهر اليرموك ومن الجنوب وادي العرب الممتد من إربد حتى الشونة الشمالية غربا، ومن الغرب بحيرة طبريا. وهي مدينة آثارية، قديماً كانت تسمّى جدارا وتعني"التحصينات" أو "المدينة المحصنة"، ومن أهم البقايا الأثرية فيها: المدرج الغربي وشارع الأعمدة وكنيسة المقابر المزينة.



 



 



"المفرق"



في بيت الشعر في المفرق، أختتم المهرجان فعالياته بأمسية شعرية شارك فيها 4 شعراء، هم: جاسر البزور، وحسام شديفات، وأميمة يوسف، وطي حتامله، وقدّمت لها ميرنا حتقوة.



وقرأ حتاملة من قصيدة تحمل أحكاماً حياتية، يقول:



  كرام الناس أحصنهم لساناً



وشر الخلق من يهوى السبابا



وخير القوم عفوهمُ محيطٌ



وبحرُ الحقدِ تلقاه يـبابا



فإن غضبَ اللئيمُ على كريم



 وأغلق دونه بابا ً فبابا



وأعرضَ بالجفاءِ بغير حق 



وأبعدَ كارها ً منه اقترابا



 



وقرأت أميمة يوسف بنت الضحى من قصيدة بيّنت اعتزازها بنفسها، تقول:



ما زلت أسعى في الدروب أضيئها



أُلقي على القلب الحزين وشاحي



عمقي كغيماتِ الحقيقةِ طاهرٌ



والصدقُ في وجهِ الغبارِ سلاحي 



قد كنتُ أحلام المنى وتأسطرت



كينونتي في مجدها الصداحِ



أنا إذ أقولُ أنا فنزفُ قصيدةٍ



شكّلتُ منْ كلّ النساءِ جراحي



ومضى بقية الشعراء بقراءات لافتة، مؤثثين آخر الليالي بأجمل المعاني والمشهديات الشعرية، حيث قلّبوا صور الماضي تارة، فيما استلهمت سطورها من مجازات الكلمة تارة أخرى.