"ملتقى التكريم الثقافي" يواصل جولاته العربية .. الشارقة تكرّم قامات ثقافية مغربية في الرباط

22 سبتمبر, 2022



العويس: تعدد المناسبات الثقافية أنتج أنشطة نوعية



عفيفي: التكريم يرسّخ لثقافة تقدير الكاتب



العالي: مشروع الشارقة تأصيل للثقافة العربية



التازي: التكريم مبادرة طيبة للمثقفين العرب




الرباط-



تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، شهدت العاصمة المغربية الرباط النسخة العاشرة من ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي الذي احتفى بقامتين ثقافيتين مغربيتين، هما: الكاتب والمفكر عبد السلام بنعبد العالي، والروائي محمد عز الدين التازي، بحضور سعادة عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والسيد عبدالإله عفيفي، الكاتب العام بوزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، والأستاذ محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، وعمر الطنيجي ممثل سفارة دولة الإمارات لدى المغرب، وأهالي المكرميّن، وعدد كبير من مثقفين وأدباء وأكاديميين مغاربة.



أدار فقرات الحفل الشاعر المغربي مُخلص الصغير مدير دار الشعر في تطوان، مشيرا إلى أهمية الملتقى بوصفه تظاهرة ثقافية ترسّخ لثقافة الاعتراف، مؤكدا أنه ليس مجرد احتفاء وسخاء فقط، بل هو لحظة تدعونا لمراجعة كتابات وإبداعات الشخصية المكرمة والتأمل فيها من جديد.



وأكّد سعادة عبدالله العويس في كلمة ألقاها أن تَتجدد اللقاءات الثقافية، يعزّز أواصر العلاقات الأخوية، التي تجمع بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية، في ظل قيادة رشيدة تؤمن بأهمية التكامل العربي في مختلف المجالات، قائلاً: "ها نحن اليوم نلتقي مجددا في مناسبة ثقافية سامية، تتمثل في ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي في دورته العاشرة، الذي ينعقد للمرّة الثانية في المملكة المغربية الشقيقة".



وأضاف العويس، قائلاً: "إنّه لمن دواعي السرور، أن تتعدّد المناسبات الثقافية بين دائرة الثقافة بالشارقة، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل في المغرب، لتمثل نموذجا للتعاون الثقافي العربي، الذي نتج عنه العديد من الأنشطة الثقافية المتنوّعة، معتزين بهذا التعاون، مقدمين جزيل الشكر والتقدير إلى وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وعلى ما بذله فريق العمل من أجل تنظيم هذه الدورة الجديدة من الملتقى، لنشهد حفل تكريم كل من الأستاذ عبدالسلام بن عبدالعالي، والأستاذ محمد عز الدين التازي، تقديرا لعطائهما وجهودهما في خدمة الثقافة العربية".



ونقل رئيس دائرة الثقافة تحيات صاحب السمو حاكم الشارقة، بقوله: "أتشرف في هذا المقام، بأن أنقل لهما تهنئة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، على هذا التكريم، كما أتشرف بأن أنقل إليكم جميعا، تحيات سموه وتمنياته لكم بالتوفيق".



من جانبه، رحّب سعادة الدكتور عبد الإله عفيفي بالحضور، قائلاً: "لعلّها لحظة متميزة نلتقي فيها جميعا للاحتفاء بالثقافة المغربية، من خلال تكريم رمزين ثقافيين، كتتويج لشراكة فاعلة خلّاقة ومتواصلة، ما بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ودائرة الثقافة في الشارقة".



وهنأ عفيفي المكرميّن "المتوّجين بهذا التكريم"، متمنياً لهما مزيداً من التألق الأدبي والفكري.



وثمّن الكاتب العام في وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، تواصل فصول الملتقى الذي بلغ دورته العاشرة، مشيداً بالمبادرة الكريمة "التي أبدعها صاحب السمو حاكم الشارقة، والتي كرّست اهتماماتها للاحتفاء بالمفكرين والمبدعين، وتقدير انجازاتهم المرموقة، واسهاماتهم في بناء صرح ثقافة عربية معاصرة".



وقال عفيفي إن وزارة الشباب والثقافة والاتصال في المغرب لن تدّخر أي جهد للانخراط في مثل هذه المبادرات التي تسعى إلى إشاعة قيم التعاون والتعايش بين مختلف الثقافات والحضارات الانسانية، مؤكدا أن دعم جهود العمل الثقافي العربي المشترك المثمر والراقي مع حكومة الشارقة، لن يتوقف عن إبداع لحظات ثقافية نوعية، وترسيخ تقاليد ثقافية منتظمة.




"شهادات"



قدّم المثقفان المغربيان محمد آيت حنّا ونجيب العوفي شهادات سلطت الضوء على مسيرة المكرّمين الإبداعية.



وقال حنّا: "ما ميّز بنعبد العالي لدينا كجيل فلسفي لاحقٍ، هو أنّنا لم نعتبر قطّ منتمياً إلى جيل سابق، إنّ كتابته ليست كتابة جيلٍ بقدر ما هي كتابة حساسيّة، لذا استطاع أن يعبر الأجيال وأن يسبقنا نحن أنفسنا بخطوة، ولعلّ تلك إحدى ميزات الكتابة الفلسفية الأعمق، أنّها كتابة لا زمنية، كتابة تتجاوز شرط زمنها لفرط ما تضرب جذورها عميقاً في أرض اليوميّ".



ولفت العوفي أن التازي اسم من عيار ثقيل وعريق لكاتب ماراثوني النفس والقلم، وقال"نيّفت تآليفه الأدبية على الخمسين، وهو رقم لم يشترعه فيما أزعم سوى قلة قليلة من الكتّاب المغاربة، وهذا الكم الزاخر، الزاهر من العطاء الأدبي ممهور ومصهور بجودة أدبية ولغوية وبنائية راقية في الكتابة، فهو إذن كمّ معضد بالكيف، بتجويد وتجديد الكتابة".



"تأصيل ثقافي"



أعرب عبد السلام بنعبد العالي عن شكره إلى الشارقة، قائلاً: "أشكر الشارقة لأنها اقترحت اسمي من بين أسماء كان يمكن أن تنالها".



وقال: "قفزت الشارقة قفزات عالية في السنوات الماضية، ولعل ذلك من الأهمية التي يتخذها مشروعها الثقافي، مع التقدم الذي يحصل من سنة إلى أخرى، هذا إضافة أنها كإمارة تتميز بنوع من الأصالة الثقافية، وقد زرتها قبل  15 عاماً وطالعت مجموعة من المخطوطات المذهلة حيث تأكّد لي بالفعل أن هناك تأصيل ثقافي في الشارقة".



وأشار العالي إلى أن التكريم عادة يعتبر محفزاً أو يعتبر نوعا من الاعتراف، وهذه المفاهيم ربما لم تعد موجودة في الثقافة المعاصرة.



من جهته، وفي بداية كلمته، قال محمد عز الدين التازي: "أريد أن أقوم بالواجب أن أشكر صاحب السمو حاكم الشارقة على هذه المبادرة الطيبة، وعلى ما يوليه سموّه للثقافة العربية عامة وللمثقفين والمبدعين والفنانين خاصة حفظه الله".



وأضاف التازي حول تجربته الإبداعية، قائلاً: "وفيما يتعلق بتجربتي، فإنني أستعيد 50 عاماً في هذه اللحظة الفارقة، وهي لحظة أشعر فيها بشيء من التوتر، أستعيد أعواما قضيتها في الكتابة، وبصفة مداومة دون انقطاع رغم أوضاعي الصحية الصعبة. أتذكر أن هذه السنوات كانت على مستوى حياتي الشخصية قاسية وأنا اليوم أتحمل كل آثارها".



وتابع: "في غاية الفرح لحضوركم، ولزملائي الذين تقاسموا معي المرحلة الثقافية التي تشكلت فيها ملامح الشعر الحديث والرواية الحديثة في المغرب والابداع في الفن التشكيلي، تاريخ تشكلت فيه هذه الابداعات بأرق جمعي مشترك عاشه جيلنا، لكن في هذه اللحظة وأنا أرى وجوه أصدقائي وأحبائي الذين يشاركوننا هذا التكريم ويفرحون به معنا، أشعر بأن الحياة ما تزال جميلة، وأننا نستحق أن نحياها".




المكرمان في سطور



محمد عز الدين التازي، كاتب وروائي مغربي، ولد في مدينة فاس سنة 1948، ونشأ وفي قلبه حب الأدب، فدرس الآداب، وحصل على الدكتوراه في الأدب العربي الحديث. وعمل أستاذا للتعليم العالي بجامعة عبد المالك السعدي لأكثر من ثلاثة عقود.



         ـ بدأ الكتابة والنشر سنة 1966، وظل مواظبا على الكتابة، فكتب الرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والمسرحية وقصص الأطفال وسيناريوهات بعض الأفلام والنقد الأدبي، ونشر تسعا وعشرين رواية وتسع مجموعات قصصية والعديد من الكتب في النقد الأدبي والمسرحية وقصص الأطفال.



         والتازي عضو اتحاد كتاب المغرب واتحاد الأدباء العرب وعدة جمعيات وهيئات ثقافية.



صدر له العديد من المؤلفات، نذكر منها: رواية "أبراج المدينة"، منشورات اتحاد كتاب المغرب بتعاون مع اتحاد الكتاب في العراق، دار آفاق عربية، 1978، ورواية "رحيل البحر"، طبعة أولى، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1983. طبعة ثانية صادرة عن مؤسسة منتدى أصيلة 2002، ورواية "أيام الرماد"، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1994.



وعبد السلام بنعبد العالي، كاتب ومفكر مغربي، وُلِدَ في مدينة  سلآ  سنة 1945، وحصل على دكتوراة الدولة في تاريخ الفلسفة، وهو أستاذ جامعي بكلية الآداب بالرباط- المغرب.



صدر للعالي العديد من المؤلفات، نذكر منها: "درس الإبيستيمولوجيا" بالاشتراك مع س. يفوت)، دار توبقال، 1985، و"أسس الفكر الفلسفي المعاصر" عن دار توبقال، 1991. ط. 2. 2000، و"ثقافة الأذن وثقافة العين" عن دار توبقال، 1994



كما قام بالعديد من الترجمات، منها: "ميتولوجيا الواقع" عن دار توبقال، 1999




شهادات تقديرية



في ختام الحفل سلّم عبد الله العويس ومحمد القصير وعفيفي "العالي والتازي" شهادات تذكارية، تقديراً لجهودهم الأدبية والفكرية في الساحة الثقافية العربية.




إصدارات الدائرة



صاحب حفل التكريم معرض شمل عدد من إصدارات دائرة الثقافة في الشارقة، وكان من بينها: مجلة الشارقة الثقافية، ومجلة الرافد، ومجلة القوافي، ومجلة المسرح، وحظي الحضور في اقتناء المجلات حيث اطلعوا على عناوين ثقافية تنوّعت بين المحلي الإماراتي، والعربي، والعالمي.






"فرقة ابن عربي"



كما صاحب حفل الختام وصلة موسيقية وغنائية قدّمتها "فرقة ابن عربي" العالمية، حيث تغنّت بقصائد لشعراء من الأندلس وغيرها من الأشعار المغناة بطريقة فنية لافتة.




"علامة فارقة"



يشكّل ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي علامة فارقة في الساحة الثقافية العربية، ويسجّل حضوراً بارزاً بعد 10 دورات عرفت التنقل بين مختلف المدن العربية، وحظي بهذا التكريم المعنوي والمادى عشرات الكتّاب العرب ممن ساهموا في إثراء المكتبة العربية بنتاج إبداعي كبير.



تقوم فكرة التكريم على إعادة الاعتبار للكتّاب والمفكرين والنقّاد والمبدعين العرب، وهي فكرة استحقاق ثقافي أيضاً هم جديرون به، ويتجاوز الملتقى كونه تكريماً معنوياً ومادياً، فبعض الكتّاب يرى فيه التزاماً لتقديم الأفضل خلال السنوات المقبلة.