أمسيات ولقاءات متنوعة على منصته الإلكترونية.. بيت شعر الأقصر: قناديل إبداعية تضيء مساءات رمضان

09 مايو, 2020


يواصل بيت الشعر في الأقصرـ سلسلة الأمسيات الشعرية واللقاءات الأدبية على منصته الإلكترونية، التي بدأها تزامناً مع بدء حظر التجوال في مصر، تلافياً للاختلاط لتجنب الإصابة بفيروس كورونا.



ويشهد شهر رمضان المبارك أمسيات متنوعة، ينقلها البيت على وسائل التواصل الإجتماعي، ويقدّم خلالها عدد من الشعراء المصريين، ومن مختلف الدول العربية، ضمن تجربة إلكترونية لقيت تفاعلاً لافتاً من قبل المثقفين العرب، فيما سجلت متابعات كبيرة من محبي الكلمة.



ويرى مدير بيت الشعر الشاعر حسين القباحي، في هذا الصدد، أن المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعية أوجدت ساحة ثقافية فاعلة، كما أتاحت التواصل مع شعراء من دول عربية أخرى.



ويستضيف البيت يومياً شعراء في قراءات توازن بذكاء، بين النص، وبين الإلقاء، ويتناوب هؤلاء المبدعون في المدارس الشعرية المتعددة، ضمن ألوان إبداعية تذهب إلى ذائقة المستمع، وتحيله إلى أزمنة بعيدة فيما يسمى الحنين والوله إلى زمن مضى، وأخيلة مبتكرة تقدمها الصورة الشعرية في سياقات إبداعية.



شارك مؤخراً الشعراء: محمد الأمين جوب من السنغال، وناصر الغساني من سلطنة عمان، ومن مصر ثابت عبد الراضي، وعمر مهران، وأحمد نناوي.





من "قصاصاتُ الذاكرة الأولى"، وهي عنوان قصيدة الأمين جوب؛ يتجول الشاعر السنغالي بين جنبات اللغة برشاقة وخفّة، كأنه بلا جسد.. يقول:



كَانُوا بِلاَ جَسَدٍ



كُنَّا بِلاَ رُوحِ



لَمَّا امْتَزَجْنَا



اخْتَرَعْنَا الرُّوحَ للرِّيحِ



كَانُوا عَبَاقِرَةَ الفَوْضَى فَآخِرُهُمْ



مَن عَلَّمَ الكَونَ أَشكالَ الأَرَاجِيحِ



كَانُوا حُقُولاً رَبِيعِيِّينَ مُذْ وَجَدُوا



صَدَى الخَريفِ مَضَوْا فِي الصَّيْحِ والشِّيحِ



كَانُوا جوالة كَانَتْ كُلُّ خُطَّتِهِمْ



أَنْ يَنزَعُوا الضَّوْءَ مِن قَلْبِ المَصَابِيحِ



كَانُوا كَمَا شَاءَتِ الأَقْدَارُ يَوْمَئِذٍ



جَاؤوا إِلَى الكَوْنِ لُغْزًا غَيْرَ مَفْضُوحِ



فَمَا وَعَتْهُمْ لُبَابُ الأَذْكِيَاءِ لِكَيْ



أُزْجِي تَقَارِيرَهُمْ فِي شَكْلِ تَلْمِيحِ



قَدْ وَشَّحَتْهُمْ مَوَاوِيلُ الزَّمَانِ



لِذَا تَبْدُو تَلاَحِينُهُمْ



مِن دُونِ تَوْشِيحِ





وبينما تجول جوب في قصاصات الذاكرة الأولى، فإن خطى الغساني كانت شريدة في جهات البدايات، وكان العمر رهن الغيابات، فراوده حزن.. وهكذا قال (يُراوِدُني الحُزْن)، يقرأ:



تَركْتِ سماءَ العُمْرِ رَهْنَ الغياباتِ 



وخطْوي شريدًا في جهاتِ البداياتِ



أنا مُوغِلٌ في الليلِ لا شيءَ أقْتَفي 



فهذا الظلامُ المَحْض بعْضُ انْكِساراتي



سأتْلو على الأطلالِ أسْفارَ وحْشَتي 



أأغْرَقُ مَنْسِيًّا بجُبِّ انْتِظاراتي 



مشيتُ إلى المجهولِ زادي مواجِعي



وأنْفُضُ عن روحي غُبارَ المفازاتِ 



وفي وجَلٍ أُصْغي إلى غيبِ حَيْرتي



وأطْرُقُ بالأحلامِ بابَ المتاهاتِ 



أُحَدِّقُ في المرآةِ لا شكْلَ لي بها



وأبْحَثُ عنِّي في بقايا طُفولاتي



فهذي تضاريسي حنينٌ وغُرْبةٌ



أُرَمِّمُني حينًا بطينِ المجازاتِ 



غريبًا ، وحيدًا ، سادِرَ الروحَ ، هائِمًا



وتُؤنِسُني في حَضْرَةِ الوجْدِ ناياتي.





وروى ثابت عبد الراضي عطش الورد بنص أسماه "أمّيّة الورد"، وتوّج قلبه عاصمة للحزن.. يقول:





قلبي كعاصمةٍ للحزنِ 



مذ نشأتْ



أعيش فيها ليبقَى السعدُ منسيَّا



ما قلتُ للحزنِ : أمهلْني 



لعيشِ غدٍ



لأسبقُ الريحَ



لم  اكسر جناحيَّا



لي دمعةٌ مِن صدَى جُرحي مرصعةٌ



أن كنتُ أزهو



تَرى  فى اليمّ  عينيّا



بغدادُ عطشَى 



، ولا ماءٌ بجرتِها



(أو قمح يملء من صنعاء كفّيّا)



ما قلتُ لليلِ :



هَبني دمعةً وطنًا



أو قلتُ للنومِ :



لا ترفقْ بجفنيَّا



هو امْتثالِي لأمرِ اللهِ  محتسبًا



مِن أنْ اعيشَ أمامَ الريحِ محنيَّا



للهِ .... غربتَنا ،



أنَّ الفؤادَ غدَا



من وحشةِ الوقتِ 



.. بالأوجاعِ منفيَّا





غردً على وجعي 



زيتونةً بصدَى



رصاصةٍ وهبتْ للدمعِ خديَّا.



وعزف مهران لحن قصيدته (على وترِ الخليليةِ)، وشيّد خيالات المسافر بسيرة الحنين.. يقول:



مثلَ زنبقةٍ في خيالِ المسافرِ 



تَعبقُ في رِئةٍ من حنينْ 



مُذْ تَرَبَّتْ على الخَدِّ معزوفةُ الوردِ 



دندنَ عودٌ 



وغَنَّتْ غُصونْ 



لمْ يَعُدْ في فمِ الشِّعرِ إلا السكونْ 



والّتي من زنابقَ 



من أمنياتٍ



تهادتْ على خيمةٍ 



كالندَى 



تستحمُّ بحَفْنةِ أقمارِها 



وتُعِدُّ على كفِّها العائدينْ 



...





صامَ خيلي 



عن الحمحمةْ 



والبلادُ على بُعْدِ رَمْيةِ قلبٍ.





وجاءت أخيراً "مرافعة" نناوي في سطور واضحة، وهو لا يدري إن كان متيماً.. يقول:





مِنْ أيِّ وادٍ



أستَهِلُّ سطوري؟



واللاشعورُ



هو اختزالُ شعوري!



.



أدري ولا أدري



أكنتُ متيمًا...



أمْ كنتُ في اللاوعي



منذُ دهورِ...؟!



.



مرتْ بيَ الأزمانُ



دونَ توقفٍ



وتوقفَ التاريخُ دونَ مرورِ!



.



وبقيتُ وحديَ



لا أنيسَ لوحدتي



إلا ظلامٌ



حالمٌ بالنورِ!



وكأنني زمنٌ



تلاشى ذكرُهُ



وأنا سجينٌ



خلفَ هذا السورِ



.



يا أيها القاضي



إليك قضيَّتي



وفروعُهَا ممتدةٌ لجذوري



.



هَلْ في مُحاكمَتي



قضاءٌ عادلٌ؟



وَشَهَادةُ الراوي شهادَةُ زورِ!



.



إنْ كنتُ قد أجرمتُ



أين جريمتي؟!



أو كنتُ مغرورًا



فأين غروري؟!



.



فارقتُ



من لا أستطيعُ فراقهمْ



لـمَّا تسَاوى



بالغيابِ حضوري...