خلال جلسات افتراضية طوال الشهر الفضيل.. ثلاثون شاعراً يزينون ليالي رمضان في الخرطوم

08 مايو, 2020


يقدّم بيت الشعر في الخرطوم ثلاثين شاعراً على مدى أيام شهر رمضان، استمراراً لتجربة "فضاءات إلكترونية" التي بدأها البيت مطلع الشهر الماضي، تماشياً مع الإجراءات الاحترازية التي تفرضها السودان في حظر التجوال، تجنباً لتفشي فيروس "كورونا".



ويبث البيت يومياً منذ بداية الشهر الفضيل، ضمن جلسات على موقع "يوتيوب" ووسائل التواصل الاجتماعي، مقاطع شعرية مصورة تحت عنوان: ثلاثون قمراً وستون قصيدة، يظهر خلالها 30 شاعراً، ومنهم الشعراء: عالم عباس، وأيمان عوف، ومتوكل مرزوق، وبحر الدين عبد الله، وأبو بكر الجنيد يونس، ودفع الله الكردفاني، ومحمد الخير إكليل، وأبو الطيب أبو عوة، ونضال الحاج حسن، وغيرهم من المبدعين السودانيين.



وشهد البيت مشاركة شعراء بنصوص متنوعة لامست نبضت المرحلة، كما طرحت موضوعات أخرى مثل الحنين والوطن والغربة، ضمن سياقات شعرية استندت إلى صور فنية لافتة، تستدعي التأمل والقراءة المتأنية.



شارك في أمسيات بيت شعر الخرطوم خلال الأيام الماضية الشعراء: محمد الحبيب يونس، وعبد القادر المكي المجذوب، محمد الهادي أدم، ومحمد المؤيد مجذوب، وحامد يونس، وابتهاج نصرالدين، والواثق يونس.



وقرأ محمد الحبيب يونس من نص بعنوان "القافية الأولى"، وردد فيها سيرة أحزانه، وقال:



لا تُبحري في الصمت - يا سيدة 



الأحزان - ما للصمتِ من ميناءِ



الآن تنكسر السجونُ بصرخةٍ



نفضتْ رداءَ الأفقِ في الأرجاءِ 



سِيزيفُ قال:  اليومَ أَحْمَدُ صخرتي



فبها رميتُ خرافةَ المومياءِ



الآن ينكشفُ الظلامُ بصيحةٍ



شرراً تطايرُ صيحةُ البؤساء 



شِبْراً وتبتكرُ النهارَ مواجعٌ



يرسمنَ وجهَ الشمس ِبالشهداءِ



الشعرُ صوتُ الشّعبِ يَحْمِلُ أُمّةً



إذ ضاق عنها معجمُ الفقهاءِ 





ومضى عبد القادر المجذوب إلى الغياب يخاطب صور الذاهبون بعيدا دون عودة، وكان طريقه تئن، يقول:



يصفّر من وجع الغيم نايك



أيا بعض ما علل الهم بعضي



وهذي الطريق تئن كأن تلال المغيب



رؤاك 



وأغصانها تلك



ليل تأبط شرا



فقل لي



إلى أي بعث تشير الطريق



وتفضي



وأرضك شماخة في الحنين



ولواحة للندامى وطراقة للطيوف



وخيلك ما جاوزتها الحروف



وما قلّدتها الكفوف



ولا ضللتها الدروب



بسير وركض



تخف من الوقت يسألك الناسكون



كم نحتوا من الصمت تسبيحهم



وكم عرّشوا العمر بالخيل



كم سافروا بأغانيك



شقوا سجوف البحار



وارسوا تصاويرهم



في أحاجي الكهوف



وكم بادلوا الليل نبضا بنبض



هناك علي وطنٍ



رمله ساقطته السماء



وأدواحه نشفت في غصون من الخوف



إِليهِم في عَليائِهم.



، يقول:(ثقبٌ بِخاصِرةِ السَمَاء)وقرأ محمد آدم من  





الآن يَحْضُرُنِي الْمَقَام فَأَحْضُر 



و الشِعْر يملأني نشيداً يُغْمُر 



هَذِي الْوُجُوه السُمرْ تَكْتَحِل الْوَرَى 



لتُزيحَ ظُلْم الأمْس حَتَّى يُبْصِرُوا 





قَلْبِي إلَى النَهرين شَقّ رَحِيلِه 



كَالنِّيل يَجْرِي فِي الرُبَا يَتَبَخْتَر 





و مَعَالِم اللُقيا تُعربِد فِي دَمِي 



فِي كُلِّ بحرٍ  ألتَقيكَ فأبْحر 





و مَلامِح الصِّبْيَانِ فِي لَهْو الصبَا 



تُنْبِي بشئٍ فِي الْقَرِيبِ سَيمْطر.



أما مجذوب فذهب إلى عتاب صديقه، فقرأ من نص بعنوان "تعاتبني ؟ لماذا ؟ يا صديقي"، يقول في مطلعه:



سيبقى الشعر مابقيت خروقي



لتعلمْ ،هذه الدنيا انطفائي 



فما بال الذي يضفي بريقي 



انا سقف المكان وليس بيني



وبين الله الا من مضيق 





تعذبني الحياة ولا أبالي 



وانزف ياسمينا من حروقي



قلبي بخيل بالحكاية أنصفي..



فالحب لم يُعرَف ولم يَتكَشّف



أشلاءُ ذاكرتي ترتب نفسَها 



وتعيدُ ذِكر الحب ..بعدَ تعسف



نورٌ يقبّلُ وجنتيكِ يحضني



نحو التقاء مَجرتين بأحرُفي 



للشعر عرشٌ غامضٌ لاينتمي 



الا لمن بالحبّ يبني عرشَه.



انتظارات حامد يونس تجلت في "انتظارٌ على حافةِ الثورة" التي اختارها عنوانا لقصيدته..يقول فيها:



كشغلي بشوقي غيهبُ الشكِ نالها



وأرهقَ من خوفِ السلوِ خيالها



كأنَّ النوى ألقتْ مرايا كواذباً



عليها وكانَ الصدعُ فيها احتمالها



ولو علمتْ أني ونيتُ مشجرا



من الشوقِ واستهجنتُ نفسي حيالها



فلو كنتُ مختاراً لنفسي حياتها



لما كنتُ إلا قولها وفعالها



يطيرُ وراءَ اللا مثالِ ويجتبي



لي الغدَ في سوحٍ حجاي استحالها



مهٍ يا كمانَ الحزنِ لو أنها النوى



وتأنيبُ ذاتِ الحسنِ هومتُ قالها.



وروت اتبهاج نصر الدين "مآلات الغرق" منذ أن اقتسمت الغيم والبروق لتدرك معنى الغيث.. تقول:



كنا على مرمى المحبة ...



مذ شروق الحس



في عين القصيدة والرهق



منذ اندفاق الأبجدية



في دم الحبر المسال على



شرايين الورق.... 



منذ اقتسام البرق والغيمات 



معنى الغيث .... 



في أبهى مآلات الغرق



كنا لطافاً .... 



من سلاف الدهشة الأولى



وخد الشمس محمر الشفق



يا سدرتي يا منتهاي...



دنوت 



بل... 



و مددت ملح الآن والغد والألق 



سيضوع تهدال اليمامة



كلما اتّبعت أمانيّ العِذاب



السمع عند المفترق



هي هذه النجمات



تقطف دربها، والبدر وجهك



كيفما الحال اتسق



أما الواثق يونس فقد "أغنيةٌ كُرْدُفَانيةٌ بين موسمين" وأنشد يقول:





كردفانُ تقدم مرمرةَ التِبْرِ للأزرقِ المخمليِّ مرتحلاً في الأُفُقْ



وإذْ يغرقُ الراحلونَ بشِبْرٍ من الآلِ أو تَتَمَاها مع الغيم لؤلؤة من عرق



يسرع الطبل والنسوة الخيل يسفرن عن فضة بين نحر وجيد



يرحل الصوت كالماء منهمكا في التجاعيد نحو البعيد



يتلفع سندسه جبل كان قبل قليل هنا غارقا في الضباب الرمادي والأرض تصحو على مهلها



كل شيء هنا نغمة في نشيد الطبيعة



لا تني صورة الحقل تسحب أذيالها في خيال البعيدين



الطيور توزع ألوانها فرحا بالخريف



ثم ترفض أجنحة الغيم في غابة الضوء والنوء



من أين تأتي الغيوم ومن أين تأتي طيور الخريف



قال لي صاحبي والسماء استعدت بآفاقها للبكاء.