بيوت الشعر في الوطن العربي تواصل فعالياتها عبر منصات إلكترونية.. قصـائــد محمّلــة بالأمــل تكســر قيــود «كورونــا»

18 أبريل, 2020


في الوقت الذي يفرض فيه فيروس كورونا -كوفيد 19 حظراً للتجوال في مختلف دول العالم، فقد أطلقت بيوت الشعر في الوطن العربي منصات إلكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى التقاء شعراء ومثقفين وأدباء عرب في أمسيات شعرية وندوات ومحاضرات ثقافية، حيث لقيت مشاركة فاعلة.





سعت بيوت الشعر من خلال منصاتها إلى التكيّف مع اللحظة الراهنة، سواء في الأقصر، أو الخرطوم، أم تطوان، واستقطبت الأمسيات جمهورا عربيا غفيرا، حيث





أكد مدير بيت الأقصر حسين القباحي أن المنصات شكلت ساحة ثقافية فاعلة، أتاحت التواصل مع شعراء من دول عربية مختلفة.





شارك في الأمسية الأولى: عبد المنعم حسن «مالي» و محمد جاد المولى ومحمد العارف «مصر».





خيال محلق



قرأ عبد المنعم حسن «العهد الذي لا يأتي»، وحملت أبياتها الأمل كأنه درع تواجه الخوف، وهو يخاطب البحر في أن يوقف المد والجزر لكي تعبر مواكب الخوف من شاطئه.. يقول: أرعد المستحيل.. لاخضرار الشروق صدى /‏ والندى حارس الكلمات اللطيفة يهبط في درجات المطرْ /‏ قالت النجمة انطلقي. حمحمات الردى انطلقت.. والمدى /‏ المدى مائرٌ في اليعاسيبِ أسود كالبحر.. أحمر مثل انتشاء العميدْ.



قرأ محمد المولى عدة قصائد بينها «بعين كالكاميرا وتبغة في الفم» وجاء فيها:



فتاة شمالية في مزاج غريبٍ /‏ رأت حربها مزحة /‏ وفتى في انتظار القطار يرتّب نسيانه /‏ دون جَرح المسافة بينهما /‏ ربيا قطة /‏ ربيا قصة /‏ ربيا شجرا في المقاهي /‏ أتمَّا بناء الزمان على لوحة من هواء /‏ وسارا على مهل في خيال المؤلف كالذكريات /‏ نما عند ساقيه ريحانها /‏ ونما قلبه عندها /‏ كالتماثيل في يد نحاتها.





رمية فوق خصر الماء





في الأمسية الثانية شارك: نزار الندواي، ومحمد عرب صالح، وأحمد حافظ.





رمى الندواي «رمية فوق خصر الماء»، فكان أول الفجر، وصبح الروح، وحاولت كلماته أن تحل عقدة الغياب، وأن يجد جواباً لأسئلته التي أرهقته.. يقول:





أخذت قلبي أنفاس البساتين /‏ وما سقسقت الطير /‏ ومن شرق البدايات بسحر الخلق /‏ أومى شاعرٌ للرمز فانحلّ /‏ ولكن سقطت شدّةُ رمزٍ في الغيابات /‏ ومهما جرّدَ الفكرةَ من أبعادها الأخرى /‏ ولم يستثن إلا ظلها البكر/‏ ومهما بعثر الأوراق ما بين يديه /‏ حاولت العقدة أن تنفك /‏ ما كانت تفكّ.





واسقرأ محمد صالح سؤال الوطن، وهو الذي من كثرة ما أحصى المنافي كان يظنّ أنها بلاده.. يقول:





مِنَ الحَنينِ لِأَقْصَى حانَةٍ فِيهِ /‏ أقامَ صَرْحًا مَهِيبًا مِنْ قَوافِيهِ





وقالَ للنَّائِمِينَ اسْتَغْرِقوا فَعَسَى /‏ حادِي النِّيامِ غدًا يُبْدِي خَوافِيهِ





وقرأ أحمد حافظ من قصيدة بعنوان مُنَمْنَمَةٌ:





أتحاشَى التفرُّسَ في كُلِّ شيءٍ /‏ ولا أتذكَّرُ شيئًا تمامًا /‏ وأُغضي عن النجمةِ الآفلةْ /‏ لأنَّ عيوني ملآنةٌ عن أواخرِها بالينابيعِ والأخيلةْ /‏ ولي صورةٌ أتمثَّلُها كلَّ حينٍ - إذا التبستْ خُطوتي /‏ لأحاولَ أنْ أتهجَّى ملامحَها /‏ وأًفسِّرَ أجفانَها الغافلةْ. وبعد إطلاق أول أمسية رقمية، في نهاية مارس الماضي، تواصل دار تطوان فعالياتها عن بعد، بإشراك أكاديميين حاضروا في تقديم ورش في عروض وموسيقى الشعر العربي بينهم:





الدكتور أحمد هاشم الريسوني، ود. محمود عبد الغني، سبق أن بدأت «تطوان» قبل أربع سنوات في تقديم الورش التي أصبحت تبث اليوم عبر «اليوتيوب» حيث اعتبر





مخلص الصغير، مدير دار الشعر بتطوان، أن الحجر الصحي الذي نعيشه اليوم لا يمنعنا من مواصلة الإصرار على الشعر والعناية به وتقريبه من الأجيال المقبلة، ومن الباحثين وعموم المهتمين. والغاية من ذلك، يقول الصغير: هي الوصول إلى الناس حيث هم، ونقل قصائد الشعر وفنونه إلى بيوتهم.





رسالة الشعر





واستمراراً لرسالته في خدمة الشعر والشعراء، سلك بيت الشعر الخرطوم مسلكاً جديداً لاستئناف نشاطه، وفق خطة إلكترونية، حيث يبث على قناته الرسمية عبر اليوتيوب حلقة أولى من تسجيلات حديثة وسمت ب (فضاءات إلكترونية.. نبض الشعر والشعراء) جمعت بين ثلاثة شعراء من أجيال مختلفة بين الفصحى والعامية السودانية وهم: عالم عباس محمد نور، وعزمي أحمد حمد، وعمار حسن سعد الدين الذي أطل لأول مرة عبر منصة الأمسيات الرسمية المستمرة خاصة في ثوبها الإلكتروني.





وإلى جانب نصوصه: (بعض الطيف إذا يغشى) و(في الطريق إليها)، قدم الشاعر عالم عباس محمد نور الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون نصوصاً مطولة تنوعت بين الرثاء والعاطفة والحنين إلى المحبوب، حيث بدأ قراءاته بنص (مرثية) إذ يقول في النص:





نهارُكَ مِن حُمّى، وليلُكَ مِن شَجَنْ





فَلِمْ تشتري الأحزانَ يا أيها الوطنْ





وليلٍ كموجِ البحرِ أرخَى سدولَه





عليك بألوانِ التباريحِ والمِحنْ





تمرُّ بك الأحداثُ من كلِّ جانبٍ





كأنك جلمودٌ من الصخر أو وثنْ





أمِتَّ فلم تحفلْ بمن ضجَّ أو سكنْ





أصبرٌ؟ فهذا أيانَ يُمتحن





شاعر العامية المتميز عزمي أحمد كعادته متفرد في أسلوب الإلقاء بمفردات تجذب الانتباه، انتقاها من عمق البيئة السودانية الواسعة بتعددها مشاربها الثقافية، وتميز الثراء المتنوع المحمول، وتطرق في نصوص الأخرى (ست الناس) و(الغربة تحجيم الوطن) إلى وجع الغربة والشوق وأنين البعد بين الأم والوطن والمحبوب.





أما عمار حسن سعد الدين، الذي يطل لأول مرة عبر منصة بيت الشعر الرسمية فتغنى في مستهل قراءته للثورة المجيدة بقصيدة وسمها ب(معزوفة الثورة).