التراث الأصيل وشموخ الوطن في أصبوحة "شاعرات من الوسطى"

20 أكتوبر, 2019


ضمن نشاطاته الهادفة إلى إثراء المشهد الشعري الشعبي وتنويع فعالياته في كلّ مدن الشارقة، نظّم منتدى شاعرات الامارات بمجلس الحيرة الأدبي التابع لدائرة الثقافة بالشارقة، أصبوحة "شاعرات من الوسطى" أمس في نادي سيدات الذيد ، وشاركت فيها الشاعرات: عائشة الطنيجي، وسلمى الغفلي، وزهرة المازمي، ومطرة بن خصيف الكعبي، بإدارة الشاعرة عائشة حسين.



وأكّدت الشاعرة مريم النقبي مسؤولة أهميّة الأصبوحة، كونها تقام في منطقة الذيد لإبراز شاعرات المنطقة الوسطى وإلقاء الضوء على نتاجهنّ الشعري وإثراء الساحة الشعرية في المنطقة والتواصل مع الجمهور لتقديم وجبات شعرية وثقافية ترتقي إلى ذائقتهم وتثري وعيهم، انطلاقاً مما يحرص عليه مجلس الحيرة الأدبي من تنوّع في إقامة الفعاليات في كل مدن الشارقة. ولفتت النقبي كذلك إلى أهمية صوت الشاعرات في الإمارات وفي الشارقة أيضاً، وهو ما يندرج ضمن خطّة المجلس والمنتدى لإفساح المجال للجميع للمشاركة والإبداع.



وحملت الأمسية أحاسيس دافئة ونبيلة للشاعرات المشاركات في أغراض الشعر العاطفي والوجداني، وفي قصائد الوطن واستحضار التراث والاعتزاز بالبادية وتأكيد مزاياها العظيمة بين الأمس واليوم.





التراث الأصيل



واستذكرت الشاعرة عائشة الطنيجي التراث الأصيل، معززةً أهم مزاياه، بلهجة أصيلة غلب عليها الحنين وأهميّة الاستمرارية التي خطّها مؤسس الدولة الشيخ زايد رحمه الله، كما مرّت  الطنيجي على أبرز عناصر هذا التراث ورجاله، مؤكّدةً قيمة وسجايا البدو وخصالهم وأعلامهم، لترسم صورةً جميلة لبيت الشَّعر والمزايين والحرارة في إكرام الضيف، مبرزةً مشهديات الدلّة والفناجين بطبيعة الحال، ومن أجواء التراث قرأت الطنيجي: "وين التراث لوَّلي وين/ وين البدو لي عاشو وياه/ وين الدماني بو يديلين/ لي مخضّب الحنا في يمناه/ مرّ الزمان ومرّن سنين/ يا حسرتي ع طول فرقاه/ بيت الشعر فيه المزايين/ لي عندهم للضيف مدراه".



وتناولت الشاعرة الطنيجي  موضوع "صلة الرحم"، في قصيدة عبّرت فيها عن عادات الأجداد الأصيلة، والوقت الزاهي، ووصل الرحم الذي تُضرب به الأمثال، ومما قرأت: "اللي قصد حلوين لجبال/ وافضى بما فالجاش ميحود/ طاري الأهل في القلب لا زال/ يدق فالغفلات ويرود/ ما ينسى لو حال ما حال/ بالخص يوم يذعذع النود/ والحيل والفحلين لا زال/ متمسك بعادات ليدود".



وختمت الطنجي بقصيدة مشاكاة أبرزت فيها صورة الفضائل في مقارنة بين الأزمان، واستهلتها بأبيات الشكوى من الوقت، وطلب النصيحة تجاه قضايا كثيرة عبّرت الشاعرة عنها بصور حزينة وأبعاد جماليّة، وقرأت: "يابن محمد ثِيب بالاسعاف/ من قبل لا اولّي ولا اروح/ وقتي غدا لي هوب مسعاف/ كل ماعذلته ابعد الشوح/ عني ابتعد ع راس مشراف/ و(م) البعد يدهاني بالمزوح/ يا زين من هالوقت ينخاف/ لاظن يصفي لك بمنصوح/ينهبك شروى نهب لشراف/ غدّار ماشي فيه مربوح".



قصيدة عصفورتي



وبدأت الشاعرة زهرة المازمي بقصيدة وطنيّة بعنوان "عيشي بلادي"، مجدّدةً فيها رفعة الدولة وشموخ الوطن، ودار عز العرب بتاريخها الناصع وعهدها الميمون الذي تصوغه القصائد بخيوطٍ من الذهب: " عيشي بلادي على رفعه وشموخ اوطان/ يا دار عزّ العرب والخير والمضمون/ دولة عظيمة غدت في حاضر الازمان/ تاريخ ناصع تجلّى بعهدها الميمون/ أرض الكرامة الكريمة للعلا تزدان/ كالشمس تبهر عيون الخلق لو يدرون/ عيشي بلادي بشيوخنا الشجعان/ سبع الايادي عطتْ نبراسها المصيون".



وفي قصيدتها "عصفورتي" رسمت الشاعرة المازمي حواراً بارعاً مع عصفورتها الغائبة، والتي بغيابها ضاع كثير من تفاصيل الشاعرة، ولذلك ظلت المازمي تبحث في القصيدة عن صوت مؤنستها العصفورة، حيث لم يعد لها غير القمر تساهره، وهي تستذكر غناء العصفورة التي مدّتها بالكثير من الأحاسيس الرقيقة التي أصبحت اليوم جمراً متوقداً، ليكون البوح عن حال الشاعرة العاطفي هو ختام هذه القصيدة: "أحيان تحسدني الملا كثر صمتي/ واحيان ياخذني شعوري ولا يفيد/ ما بين هم وضيق واحزان وقتي/ عصفورتي ترقب شذى ليلة العيد/ مالي عقب ربي سوى صوتج انتي/ ما عاد لي غير القمر يسهر بعيد/نفس السوالف والعواطف كتبتي/ من فيض بوح الشوق شعرٍ وتجديد/ عصفورتي غنّي عشاني وكنتي/ أوفى الرفاقة في حياتي ولا يقيد/ غير الجمر في داخلي لو عرفتي/ وش عيشتي دونج ولا احتاج تمديد/ راضي بحكم الله مدامج كتمتي/ عني نغم ألحان صوت الأناشيد".





حان الرحيل



وقرأت الشاعرة سلمي الغفلي قصيدتها الأولى سريعة الإيقاع، معبّرةً في أبيات عن حنينها وشكواها وافتخارها في الوقت ذاته بضوء الشمس على رمال الصحراء، والماء الزلال، ونار البدو المضيئة دائماً وبيوتهم وقلوبهم الطيبة وإكرامهم الضيف، ومما قرأت: "مصباح ولا ضيّة/ على ذيك الرمال/ وين الحيا له بيّة/ وماها مثل زلال/ ونار البدو مضوية/ وبيوتهم بالعدال/ وقلوبهم رحبيّة/ ولك قدّموا لدلال/ وثنّولك بالتحية/ وقاموا صوب الحلال/ ويا بو ذبيحة حيّة/ وسو عشا في الحال".



كما قرأت قصيدة رثائيّة موشّاة بالصور العذبة والحزينة والدموع والرحيل: "ناسٍ على فرقاهم اعيوني تنوح/ حان الرحيل ولا مدى يودعوني/ يا رب تسكنهم بجنات وصروح/ في دار خلدٍ بالهنا يسعدوني/ دارٍ بها كل ما تمناه مسموح/ بفردوس ربي يعلّهم خالدوني".



بين الفخامة والخشوع



وابتدأت الشاعرة مطرة الكعبي بقصيدة عاطفيّة، على شكل حواريّة، مليئة بالتشبيهات الجميلة ووصف الدمع والوقت المليء بالفراغ، ومما قرأت: "هيّد وخذني بتأني/ أبهرتني ذي النّضايد/ تشبه الرعد المدنّي/ والحيا بصورة قلايد/ لمثلك يكون التغنّي/ أقنص الفكرة طرايد/ لو أجاري أعجزنّي/ لفظك ومعناك سايد/ والعذر منّك شقنّي/ دمع يهمي ع الوسايد/ قسوة الموقف طحنّي/ أرتشف بعدك شدايد".



كما رسمت الشاعرة مطرة الكعبي صورةً لوالدها منسوجة بالتشبيهات القوية المعبّرة، حيث فاجأت الحضور في ختام القصيدة بشخصيّته، حيث لا يعجز عن المستحيل، وكلامه كالتبر: "يسبك كلامه إن نطق سبك التّبر/ بين الفخامة وابتهالات الخشوع/ والمستحيل إن أدركه بفارق شبر/ ما يعجزه يذعن له بجبهة خضوع/ يسرج متون القاف وزمامه حبر/ روّض مشاعر لو هملها تموت يوع/ يتجرّع الزلات مني ويصطبر/ أسمى طموحه يقتطف جني الزروع/ هذا أبوي بدرب طه معتبر/ الدَّيّن الليّن وبالحكمة يضوع".