ثلاثة تيارات شعرية صاحبت تطور القصيدة الشعبية العمانية قصائد حملت موضوعات انسانية محملة بالمعاناة والشعر والرمزيّة والخيال في أمسية شعراء سلطنة عمان

18 ديسمبر, 2018


محمد عبدالسميع (الشارقة)



ضمن فعاليات الملتقى الشهري للشعر الشعبي، نظم مركز الشارقة للشعر الشعبي بدائرة الثقافة بالشارقة أمسيةً لشعراء من سلطنة عُمان، شارك فيها الشعراء: عامر الحوسني،  ونبهان الصلتي، وشاعر الشلات محمد البادي، ومنذر الفطيسي، بإدارة الشاعر الإعلامي عبدالحميد الدوحاني. وفي الأمسية، التي حضرها مدير إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة محمد القصير، والشاعر بطي المظلوم مدير مركز الشارقة للشعر الشعبي عبّر مدير الأمسية الدوحاني



عن تقدير شعراء السلطنة ومثقفيها للمكارم المتعددة التي يزجيها صاحب السّمو عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، في الشأن الثقافي والإبداعي، مؤكداً أنّ هذه المكارم والمبادرات  لها دورها الكبير والمؤثر في تفعيل وإثراء الساحة الشعرية الخليجية والعربية.



ثم قدّم الدوحاني إطلالة على الشعر النبطي في السلطنة، متتبعاً مراحل تطوره ودوره في نقل تفاصيل الناس واحداث المجتمع، وقال الدوحاني: يتعدد الشعر الشعبي العماني سواء في الحواضر أو في البادية بتعدد أماكنه ومناسباته وطرق أدائه، الجماعي منه والفردي، المنغم أو المصحوب بايقاع الطبول، و منه ما يقدم عن طريق الإلقاء الفردي أو ذلك المصحوب بحركات الأجساد وهزِّ السيوف. وتابع الدوحاني: من أبرز فنون الشعر في الحواضر الرزحة بمختلف أنواعها والعازي والهبوت. أما فنون الشعر في البادية فالطارق وتغرود الإبل والهمبل . واوضح الدوحاني أن هناك ثلاثة تيارات شعرية هامة صاحبت تطور القصيدة الشعبية العمانية؛ هي: التيار الحداثي، التيار الوسطي، التيار التجديدي المحافظ. وبين الدوحاني أن هذه التيارات الشعرية الثلاثة لم تكن تيارات متضاربة، أو متنافرة، بل كانت جميعها تصب في صالح الاتجاه الشعري الجديد للقصيدة النبطية العمانية الحديثة، ولكن كل تيار يرى التجديد حسب زاوية تصوره، وفهمه وهذا ما أعطى التجربة العمانية خصوبة وخصوصية وفرادة على مستوى الشعر الخليجي بشكل عام.



وقد اتسمت قصائد الأمسية بكونها انعكاساً لبيئة الشاعر ومنطلقاته ورؤاه الابداعية والجمالية، وصوره ومشهدياته التي يرسمها تبعاً لمدرسته الشعرية التي ينتمي إليها،  فقد قدّم الشاعر عامر الحوسني مجموعة من القصائد المتميزة النابعة من تجربة ذاتية، والمتضمنة موضوعات انسانية محملة بالمعاناة والشعر والرمزيّة والخيال في بناء الصور الشعريّة. حيث ومما قرأ: باب الغزل، سكر قصب، إغـــــــــــــــواء؛ يقول فيها:



حــْن نفتكــــــــــر انــّا في هالعالم احياء/ لكنــــــــــنا امـــوات مـــــــــا حد عرفها / من كثر ما تحتاج هـــــــــــالبنت لأشياء/ قامت تبيع الــ بعض ناس ٍ شرفها/ أغراء سوت " كل  ما سمُي أغــــــراء/ الصخر في دامس مغاره عـــــــــرفها/ هم طبـّـلوا في أذنها كلمة  "أصـــــــداء"/ حتى طمى وادي الغرور وجــــــــــرفها



كما ألقى الشاعر نبهان الصلتي قصائد غنية في الشكل والمضمون، مهمومة بكل قضايا الإنسان والشعر وقضايا الوطن، متأثرة بالفنون الشعبية العمانية، حاملة اللفظ الكلاسيكي ولكنها جددت على مستوى المضمون، فقرأ قصائد: حلم، دلهم الليل، يا نوره، الموقف؛ والتي يقول فيها:



الوقت دورات والموقف يصفّي الرجال/ والريـح تبقي الجبال وتستثير الرمــل/ علّمني الوقت مـ آعير السواليف بال/ ما تعرف الطيّبين إلا بـ طيب العمل/ ياما كبير والى من شدّ بالحمل..مال/ وياما صغيرٍ على ثقل الحموله صمل/ من قبل ما ينزل الوحي ويأذن بلال/ اصل الثقيله ثقايلها على من حمل



وقد برع الشاعر الشاب محمد البادي في تقديم  العديد من الشلات الشعبية المعبرة  بصوت عذب ، من خلال مجموعة من القصائد الوطنية والوجدانية في بحور قصيرة الوقع، معبراً عن الهوية العمانية بعمقها وخصوصيتها وكذلك بسعيه الدؤوب إلى الابتكار والتجديد ووضع بصمته الخاصة على قصائده، فتغنى بمجموعة قصائد منها: البيت متوحد، انت اول حب، وبين بين، احساس الكلام؛ يقول فيها:



ما اشوفك غير في وسط الزحام / اي زحام وهو فيه غيرك بشر / عاد قلي من اشوفك كيف انام / من طلوع الفجر لطلوع الفجر / اعترف بان النسا بعدك حرام / لو غزاني الشيب واتعبني الكبر / واعذريني مابقا عندي كلام / عاشقج معذور حتى مالعذر



وقرأ الشاعر منذر الفطيسي  قصائد تتميز بالدقة والجمال في الصورة الشعرية، عذبة عبرت عن تجربته الأصيلة في الشعر النبطي، برزت فيها صور المحسوسات  التي يحرص عليها الشاعر، حيث قرأ قصائد: أطمّنك، دقيقة بس، ميلاد، النصيب؛ ويقول فيها:



وينـــك .. جروح تمــر والأعــذار شمّــاعة نصـيب/ مشتـــاق عينــك تسبــر آلامـي و تقــرأ عن كثـب/ عن فقْــد ليّـــل كــل شمـسٍ صبحـها لونــه كئيـب / عن هـمّ لـو رمّـد جمـرْه  إتسلّـف أقلامـي حطـب/ عن حــزْن يتسلّـل ملامــح وجهــي المملـي نحيـب/ عن شعْــر  لا يمّمتــه الدفتـــر عن الفرقـــى كتـب/ عن دمعـــةٍ متعلقّــــه ما بــين رجــْـل وْ بــين عيــب/ عن ذكريـــاتٍ دمّهــــا لو ســـال بـ يْسيل بْــ عتـب..



في ختام الأمسية كرم محمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية، والشاعر بطي المظلوم مدير مركز الشارقة للشعر الشعبي الشعراء المشاركين في الأمسية