قصائد غنية المضمون والشكل، حملت اللفظ الكلاسيكي في أمسية شعراء الاردن

25 أكتوبر, 2018



الشعر الفلّاحي وسيط بين اللهجة البدوية والمدنيّة



ضمن فعاليات الملتقى الشهري للشعر الشعبي، نظم مركز الشارقة للشعر الشعبي بدائرة الثقافة بالشارقة أمسيةً لشعراء من المملكة الأردنية الهاشمية، شارك فيها كلٌّ من الشاعر علي الهقيش،  وعبدالهادي العثامنة، ومهند العظامات، والشاعر عازف الربابة تركي العون، بإدارة الشاعر الإعلامي إبراهيم السواعير.



وفي الأمسية، التي حضرها رئيس دائرة الثقافة بالشارقة عبدالله العويس، و القنصل العام المملكة الأردنية الهاشمية ـ دبي شـــــــفاء العموش، ومدير إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة محمد القصير، عبّر مدير الأمسية السواعير عن تقدير شعراء الأردن وكتابه وفنانيه ومثقفيه للمكارم المتعددة التي يزجيها صاحب السّمو عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، في الشأن الثقافي والإبداعي، مؤكداً أنّ هذه المكارم والمبادرات إنّما هي دين في عنق المثقفين وتضعهم بدورهم المنوط بهم وفق رؤية حاكم الشارقة. ثم قدّم السواعير إطلالة على الشعر النبطي في الأردن، متتبعاً مراحل تطوره وقيامه في فترة من الفترات بدور مهم في نقل تفاصيل الناس، وعناية الدولة به، وقال إنّ الشعر النبطيّ الأردنيّ، شأنه شأن غيره من شعر المنطقة العربيّة، يستند إلى تاريخٍ قديم، ويبرر وجوده أنّه كان في فترةٍ من الفترات ينقل تفاصيل القبائل الأردنيّة ومساجلاتها؛ ليتّجه الشعر مع قانون الدولة ومرجعيّتها إلى التغنّي بالوطن وقيادته والفرح بمنجزاته، وبيّن السواعير أنّ البيئة الشعريّة واللهجة البدوية لعبتا دوراً كبيراً في التشابه الكبير بين المناطق الحدوديّة في الأردن والتراث العربيّ، وبطبيعة الحال، فقد ظهر الشعر الفلّاحي، تبعاً للهجة الشعبيّة- والتي هي وسيط تقريباً بين اللهجة البدوية والمدنيّة- فكان هذا الشعر يحتفظ بمفردات تشترك كثيراً وبحور شعريّة متقاربة، لذلك سُمّي بالشعر الشعبيّ، تمييزاً له عن الشعر البدويّ. وقال إنّ تسميّة الشعر النبطي تعود إلى الأنباط الذين بنوا المدينة الورديّة "البترا"، وهناك دراسات لصاحب السّمو حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى للاتحاد الشيخ سلطان بن محمد القاسمي تبيّن ارتباط الأطياف السكانية في الإمارات، على سبيل المثال- بالأنباط، ولذلك فإنّ التقارب أو التشابه اللهجي بين البلدين مثالٌ على ذلك، وعلى كثير من التقارب مع الدول العربيّة الأخرى، كقبائل أصيلة مهاجرة في فضاء وصحارى واسعة في ما مضى.



وأكّد أنّ المهم في الشعر النبطي الأردني أنّه تطوّر واستفاد على أيدي المتعلمين الذين درسوا الشعر الفصيح، وحملوا تقريباً كلّ خصائصه وكنوزه في الصور الفنيّة والفلسفة التي حملها الشعر العربيّ- الفصيح، فكان أن ظهرت أشعار متطوّرة، استجابت لضرورة الابتعاد عن النظم باتجاه الإبداع في الاستعارات وربّما في "الذهنيات" والتراكيب الفلسفيّة.



إلى ذلك، اتسمت القصائد بكونها انعكاساً لبيئة الشاعر ومنطلقاته الجمالية، وصوره ومشهدياته التي يرسمها تبعاً لمدرسته الشعرية التي ينتمي إليها،  فقد قدّم عازف الربابة تركي العون معزوفات آسرة  تفاعل معها الجمهور وانسجموا مع غناها الموسيقي وأصالتها وأنماطها الكلاسيكيّة المتنوعة، ومما حملته المعزوفات قصيدة قال فيها " شبيت ناري والحطب قلب وضلوع/ واوقدت نار الشوق واستوقدتني/ لين الحشا جمّر بدت روحي اتموع/ نار النوى زادت سنا واحرقتني/الشوق جمره والنوى لاعني لوع/ والبعد يذبح والمواجع فنتني/ ياصاحبي شفني عن النوم ممنوع/ عبرات عيني ياخويي حدتني".



كما ألقى الشاعر علي الهقيش قصائد غنية المضمون والشكل، حملت اللفظ الكلاسيكي ولكنها جددت على مستوى المضمون، خصوصاً في قصيدة "الهقوة" التي قال فيها: الهقوه ان الطيب من منقع الطيب/ ولا الردي مافيه عز وحميه/ بعض البشر/لو يدّعي بالتراحيب/ قفرٍ محاسه والدلال محميه/ ما اجيه لو انه يوزع مكاسيب/ النفس جزله والملامه رديه/ يا هونها تبقى جروحي معاطيب/ من جية اللي وقفته لي ونيه/ ما قلتها شد انتباه المعازيب/ الحر  حر  ودلته  شاذليه".



كما قدّم الشاعر عبدالهادي العثامنة قصائد عذبة عبرت عن تجربته الأصيلة  في الشعر النبطي، وعذاباته مع الألم الذي كثّفه في قصائد برزت فيها صور المحسوسات  التي يحرص عليها الشاعر، خصوصاً في قصيدة " حدود الظما" التي قال فيها:  لقصا حدود الضما والخوف والحرجه/ طــردت بـعـد الـسـراب لـقرب وهـاجه/ ارهـي وصـوله وهـم واقـول مـنفرجه/ والـبـيد عـجله بـضوح الـلال سـجاجه/ والـمـزنه الـلـي بـكـف الـريح مـندرجه/ فــوقـي تُمــرً بــشـح ابـــروق لـعـاجه/ طــويـت بـيـدا تـكـلل قـاطـع الـفـرجه/ خـلـوه مــن الـخـلق مـامـره ولا داجـه/ ادوشني الحلم حتى ضقت من هرجه/والـجـال تـدمـي ذراه صــوات لـجاجه".



كما ألقى الشاعر مهند العظامات قصائد وجدانية عبرت عن حلم الشباب وطموحهم وآمالهم، والبقاء على الوعد، في بحور قصيرة الوقع أقرب إلى الشعر المغنى، ومن قصائده في هذا المجال" مرت الايـــــــام" التي قال فيها: لو يمر الوقت لو شابت ســـــــــــنيني/ لو كبرنا لو دنا يوم الرحيـــــــــــــل/ ما يشيب الحب ما بينـــــــك وبيني/ جمّله ماضيك والحاضـــــــــــــر جميل/  انت يا روحي ويــــــا قلبي و عيني/ من عرفتك والفرح خير الحصـــــــــيل/ تذكري يوم التقينا من حنـــــــــيني/قمت اناظر بك وعـــيني ما تميل/ تذكري في وقتها رعــــــشة يديني/ ورعشة العاشـــــــــــق على حبه دليل". في الختام كرّم عبدالله العويس المشاركين في الأمسية.