وسط حضور عربي لافت افتتاح ملتقى الشارقة للسرد في الرباط

19 سبتمبر, 2018


افتتح سعادة عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومعالي محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال المغربي، أعمال الدورة الخامسة عشرة من ملتقى الشارقة للسرد، في مكتبة مدينة الرباط الوطنية في المملكة



المغربية، تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، في تنقل الحدث السردي



خارج دولة الإمارات، تحقيقاً لرؤية سموه  في الوصول إلى فائدة أشمل وأعم للأدباء والكتاب العرب، وتعزيزاً للتعاون الثقافي بين وزارة الثقافة



والاتصال المغربية، ودائرة الثقافة، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد



السادس.



يشارك في الدورة الحالية 60 أديباً وأديبة من روائيين، وقصصيين، وباحثين،



ونقّاد، وأكاديميين، فيما تضم خمسة أدباء مستعربين، هم: د. إيزابيلا كاميرا (إيطاليا)، ود. باربارا ميخالاك (بولندا)، وديمتري ميكوليسكي



(روسيا)، وباراكا ساكين (النمسا)، ود. محمود العزاني (بريطانيا).





حضر حفل الافتتاح القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات العربية



المتحدة لدى المغرب، سيف الطنيجي، وكاتب عام وزارة الثقافة والاتصال المغربي عبد الإله عفيفي، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، إضافة إلى شخصيات ديبلوماسية خليجية وعربية، والمشاركين وضيوف الملتقى، ووسائل إعلام محلية ومغربية وعربية لتغطية الحدث الثقافي.





قال العويس في كلمته الإفتتاحية:" يسعدني أن أعبّر عن بالغ الإعتزاز



بمناسبة هذا الجمع المبارك من الأدباء والكتاب العرب بصحبة أدباء



مستعربين من الدول الأوروبية في هذا البلد المضياف المملكة المغربية،



التي تستضيف الدورة الخامسة عشرة من ملتقى الشارقة للسرد بعد أن نظم



دوراته السابقة في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة،



وتنفيذاً  لتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو



المجلس الاعلى حاكم الشارقة تتسع مساحة التنظيم لهذا الملتقى، حيث يرى



سموه بأن هذا الاتساع من شأنه أن يحقق فائدة أشمل وأعم للأديب والكاتب



العربي، نظراً لما يزخر به وطننا العربي الكبير من كتاب وأدباء لهم أثرهم



الحميد في مجتمعاتهم".





وكانت الدورة السابقة من الملتقى حلّت في الأقصر في مصر، لتكون مدينة



الجنوب أولى محطات الحدث السردي خارج الدولة، تحقيقاً لرؤية صاحب السمو،



حاكم الشارقة.





وأضاف رئيس دائرة الثقافة :" ماكان لهذه المبادرة المتمثله بانتقال هذا



الملتقى من الشارقة إلى الرباط، لولا الحفاوة الكريمة والترحاب الأصيل



الذي لقيناه من وزارة الثقافة والاتصال المغربية باستضافة هذا الملتقى



بمشاركة أكثر من ستين كاتب وأديب تحت رعاية سامية من قبل جلالة الملك



محمد السادس عاهل المغرب".





ونقل العويس تحيات صاحب السمو، حاكم الشارقة، وفي هذا الصدد قال :" أتشرف



في هذه المناسبة أن أنقل لكم تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن



محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة، متمنياً سموه لملتقى



الشارقة للسرد كل النجاح والتوفيق وهو  ينتقل من مشرق الوطن العربي إلى



مغربه".





وتابع :"كما يسعدني وبالأصالة عن نفسي ونيابة عن الوفد المرافق، أن أتقدم



بجزيل الشكر والتقدير الى معالي الأخ محمد الاعرج وزير الثقافة والاتصال،



وفريق عمله على المجهود الكبير المخلص الذي بُذل من أجل إنجاح هذا اللقاء



الثقافي الأخوي، الأمر الذي من شأنه أن يعّزز العلاقات المتميزه بين دولة



الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية بفضل القيادة الرشيدة في



البلدين الشقيقين".







من جانبه، ألقى كلمة وزارة الثقافة والاتصال الغربية، معالي محمد الأعرج،



ورحّب بدايةً بضيوف الملتقى، قائلاً :" يسعدني في افتتاح الدورة الخامسة



عشرة لملتقى الشارقة للسرد، أن أعرب لكم عن أطيب عبارات الترحيب بكم في



بلدكم الثاني المغرب، وأن أجدد التأكيد على انخراطنا المتواصل في كل



المبادرات الرامية إلى توسيع دائرة الإشعاع الثقافي العربي وتعزيز صلات



التبادل بين المؤسسات والهيئات الثقافية العربية".





وحول الملتقى تابع الأعرج :"



يعد ملتقى الشارقة للسرد، الذي كان لسنوات تظاهرة عربية التنظيم، تجسيدا



للانفتاح والرغبة في إشراك التجارب الناجحة مع مختلق أقطار الوطن العربي.



وفي هذا الإطار يأتي ملتقى الشارقة للسرد بالرباط مدينة الأنوار عاصمة



الثقافة المغربية، الذي تنظمه دائرة الثقافة بالشارقة بدولة الإمارات



العربية المتحدة بتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال بالمملكة المغربية



كمحطة ثانية في مسار انفتاح هذه التظاهرة على أقطار عربية مختلفة.



وكتجسيد للمكانة التاريخية والحضارية التي تحظى بها عاصمة المملكة



باعتبارا تراثا عالميا للإنسانية".





ووجه وزير الثقافة المغربي التحية إلى صاحب السمو، حاكم الشارقة في



قوله:" بهذه المناسبة، يسرني أن أعرب لسعادة الأستاذ عبدالله العويس رئيس



دائرة الثقافة بالشارقة ومن خلاله لصاحب السمو الدكتور سلطان بن محمد



القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة على تفضله باختيار



بلادنا لتنظيم هذا الحدث الثقافي الكبير، وعلى كل الجهود التي مافتئ يقوم



بها سموه لتعزيز العمل الثقافي العربي، مؤكدا لكم جميعا أن انخراط



المملكة المغربية في هذا الأفق يجسد بحق عمق الروابط التاريخية التي تجمع



بين المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتعبر عن تصميم جماعي لدفع



العمل الثقافي العربي المشترك نحو آفاق تعاونية واعدة".





وتابع :"لا شك أن الإدراك في توارد العلاقات التبادلية حاضر بكل تبصر من



خلال الملتقى الذي يجمعنا اليوم والذي يقارب موضوع "الرواية الجديدة:



تحولات وجماليات الشكل الروائي".





"جماليات الرواية الجديدة"



تمحور مدخل الملتقى حول أبعاد "جماليات الرواية الجديدة"، وكان المتحدث



الرئيسي د. عبد اللطيف محفوظ (المغرب) في ورقة حملت عنوان "ملاحظات حول



جماليات الرواية الجديدة"، وعقّب د. حسين حمودة على دراسة محفوظ بورقة



جاءت تحت عنوان "قضايا جماليات الرواية العربية الجديدة"، فيما ترأس



الجلسة الصباحية سليمان المعمري (سلطنة عُمان).





دراسة محفوظ جاءت في 11 ملاحظة انطلاقاً مما اسماه "الدليل التفكري"،



تركزت معظمها حول قراءة عميقة في متون روايات عربية متنوعة.





يذكر د. عبد اللطيف في ذات الصدد :" يُعَدُّ الدليل التفكري منظورا إليه



من زاوية تلقي العالم "تحليلا ممارسيا"، وفق تحديد سورل ، يحول الشكل إلى



فكرة، ثم يحول الفكرة إلى شكل. ويتطلب هذا الإجراء، في الغالب، استعارة



مادة التخييل  من نفس مادة الواقع الذي كان موضوع تلقيه. وذلك ما يفسر



تعدد تمظهراته النصية على الرغم من كون المرجع موحدا )العالم أو



الواقع..( ولأنه أساس التمثيل، فإنه، أيضا، أساس الجميل".





ويضيف ":سنحاول، من خلال هذا التصور، مقاربة تطور جماليات الرواية



العربية، عاملين على كشف تمظهرات الهوية والاختلاف فيها، وذلك من خلال



بعض التجارب التي بدت لنا قادرة على أن تمثل الاختلاف الممكن بين تمثلات



واقع شبه مشترك".



وتناول الأكاديمي 7 نصوص سردية، ناقش فيها الأبعاد الجمالية للرواية،



ويوضح محفوظ :"من أجل تحقيق ذلك انتقيت النصوص التالية: عزازيل ليوسف



زيدان، وشوق الدراويش لحمور زيادة، وساق البامبو لسعود السنعوسي، وحفيد



سندباد لحبيب عبد الرب سروري، وحذاء فلليني لوحيد الطويلة، وجيرترود



لنجمي حسن، والحجر والبركة لعبد الرحيم جيران".



تعقيب



يبرز الأكاديمي المصري د. حسين حمودة أهمية دراسته وقيمتها، في قوله.."..



ترتبط أهمية هذه الدراسة وقيمتها، أولا، بأهمية الموضوع الذي تتناوله؛



فهو موضوع موصول، كما نعرف جميعا، بنوع أدبي ـ هو الرواية ـ استطاع، خلال



فترة تاريخية قصيرة نسبيا، بدأت فيما بعد "توطينه" في الأدب العربي خلال



العصر الحديث، أن يجتاز مسيرة فنية حافلة، وأن يتعاظم نتاجه وحضوره، وأن



"يزاحم" ـ ولا أقول: وأن "يزحزح" أو "يزيح" ـ أنواعا أدبية أخرى راسخة



كان لها، ولا يزال، تاريخ ممتد واهتمام لافت..".





ويردف :" تتصل أهمية هذه الدراسة وقيمتها، ثانيا، بكونها تطمح إلى أن



تحيط بتجربة واسعة المجال، يصعب الإحاطة بكل جوانبها؛ فـ"جماليات الرواية



العربية الجديدة" عنوان مفتوح على تجارب أدبية هائلة، وعلى ظواهر فنية



مراوغة، كما تتعلق أهمية هذه الدراسة، ثالثا، بالمنهج الذي انطلقت منه في



معالجة موضوعها المتسع، مترامي الأبعاد، وبالطريقة التي التزمتها في هذه



المعالجة. فوقفت، منذ البداية، عند التحديد الاصطلاحي لمفردات عنوانها



الاستهلالي "ملاحظات حول جماليات الرواية الجديدة"، وتقصّت الدلالات



المتعددة في المفردات المركزية بهذا العنوان، وقامت بذلك خلال حرص على



الانتقال دائما من الجزئي إلى الكلي".







"الرواية الجديدة والخصوصية الثقافية"





إنطلاقاً من تساؤلات تحديد مفاهيم محور "الرواية الجديدة والخصوصية



الثقافية"، أجمع عدد النقاد والكتاب العرب التباس مفهوم (الرواية



الجديدة)، "لاسيما وأن السرد فن صاحب أفق مفتوح غير مؤطر، خلافاً للصرامة



التي نجدها في الشعر العربي المقفّى المتكىء إلى العروض والأوزان التي



تحكم سيره.





شارك في الحديث: د. معجب العدواني (السعودية)، وفهد حسين (البحرين)،



ورشيد الإدريسي (المغرب)، وأدار الجلسة الناقد المغربي د. يوسف فهري.



يشير العدواني بدايةً إلى أن مفهوم الرواية الجديدة يبدو ملتبساً، ويمكن



استبداله بالرواية الراهنة أو المعاصرة أو الألفية الثالثة، على أن تكون



أحد الحلول في معالجتها،



ويرى الناقد السعودي أن الرواية العربية لم تصل إلى المستوى التي يؤهلها



الآن، في هذه الحقبة، لتكون موازية للرواية الجديدة في الأدب الغربي.





في قراءة مستفيضة حول الرواية الجديدة يبرز الناقد البحريني حسين أنه عند



الحديث عن مفهوم العنوان نعود إلى إشكالية فلسفية ذكرت في كتاب "الرواية



والزمن"، حيث أن الأفعال والأزمنة (الماضي والحاضر والمستقبل).. هل الفعل



الموجود نسميه مضارعاً؟، لأن الماضي والمستقبل إن يوجد بينهما زمن فإما



ينتقل الفعل إلى المستقبل أو يكون ماضياً، وكذا الرواية الجديدة تبقى



مفهوما ملتبسا على جميع الدارسين، لأن كلمة جديدة ماذا تعني، هل تعني



الرواية التي صدرت في الألفية الثالثة، هل الرواية التي تتناول قضايا ما



بعد الحداثة؟.





ويرى حسين أنه من الأفضل الابتعاد عن تسمية جديدة، وقراءة المضمون والعمل الروائي.



بدوره، يشير الادريسي إلى أن تسمية الرواية بالرواية الجديدة تسمية



ملتبسة، ويوضح" عند ذكرها لا يعني ذلك استخدام تقنيات جديدة، بل، ربما



تكون العودة إلى الرواية الكلاسيكية نوع من أنواع التجديد"، والتسمية



مرفوضة لأن الرواية فن مفتوح في أفق واسع ليس له قواعد مثل الشعر العربي



المقفّى.