الشارقة تحتفي بـ"الأدب الموريتاني" في نواكشوط

13 سبتمبر, 2023




نواكشوط-



ثمّن معالي أحمد سيد أحمد أج وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان الموريتاني، الجهود التي تبذلها الشارقة في خدمة الثقاقة العربية، ودورها الريادي في دعم الأدباء العرب، وذلك تحت رعاية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.



جاء ذلك، خلال لقاء جمع معالي أحمد أج وزير الثقاقة الموريتاني مع سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، إيذاناً بانطلاق فعاليات مهرجان الأدب الموريتاني.



وأكد أحمد أج عمق العلاقات التي تربط دولة الإمارات والجمهورية الموريتانية، والمبنية على العديد من التعاون، ومنها التجذر التاريخي الثقافي مع الشارقة، مشيراً إلى أهمية التعاون القائم بين دائرة الثقافة في الشارقة ووزارة الثقافة الموريتانية، وما أسّسه هذا (التعاون) من مشهدٍ ثقافي محليٍ وعربيٍ وإفريقيٍ مشهودٌ له بالحضور المتميّز.



وتحدث وزير الثقافة الموريتاني حول الرعاية التي يوليها صاحب السمو حاكم الشارقة للثقاقة العربية، مؤكداً أن الشارقة أصبحت مركزاً ثقافياً عربياً بل وإفريقياً، مشيداً بالدور الكبير الذي مثّله بيت الشعر في نواكشوط على مدار سنوات من العمل الثقافي الكبير،  آمِلاً في الوقت نفسه أن يستمر التعاون بين الشارقة وموريتانيا ليصل إلى "مكونات ثقافية أخرى".



من جانبه، قال سعادة عبد الله العويس إن تواجد دائرة الثقافة في الشارقة للمرة الثالثة خلال العام الحالي في موريتانيا لتنظيم فعالية مشتركة إنما يؤكد التعاون الثقافي المميز، معرباً عن شكره إلى الجهود المبذولة لتسيير التعاون نحو فعاليات ثقافية متميزة.



وأبرز العويس أن العمل الثقافي يطوي الآفاق، ويقرب المسافات بين البلدان والشعوب، مؤكداً حرص صاحب السمو حاكم الشارقة على إيصال الرسالة الثقافية إلى كافة البلدان، وتحصين الشباب العربي بالثقافة والأدب.



وأشار إلى أن التعاون الثقافي مع موريتانيا يستمر منذ أكثر من عشر سنوات من خلال عدة مشاريع ثقافية، موضحاً أن نواكشوط كانت من أوائل المدن التي رحّبت بمبادرات ومشروع الشارقة الثقافي، مهنئاً باختيار العاصمة الموريتانية عاصمة للثقاقة في العالم الإسلامي للعام 2023.



وبعد ذلك، وتحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، انطلقت فعاليات مهرجان الأدب الموريتاني، بتنظيم دائرة الثقافة في الشارقة وبالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب والرياضة والبرلمان في موريتانيا.



ويأتي المهرجان بمناسبة اختيار نواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي للعام 2023، ويتضمن على محاور أربعة رئيسية هي: مراحل تطور السرد الموريتاني، وراهن القصة الموريتانية، والرواية الموريتانية من التأسيس إلى المشهد المعاصر، والسرديات الغائبة في الرواية الموريتانية، بالإضافة إلى ندوة نقدية تحمل عنوان "الشعر الموريتاني بين الأصالة والتجديد"، بالإضافة إلى جلستين شعريتين، بمشاركة أكثر من 40 مبدعاً ومبدعة موريتانيين.



أقيم المهرجان في قصر المؤتمرات في العاصمة الموريتانية، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، وحسين البلوشي، القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى موريتانيا، ود. سيدي عبد الله أمين عام وزارة الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، والاستاذ محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة،  ود. محمد ولد سيدي عبد الله الأمين العام للجنة العليا لاحتفالية نواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي 2023، وعدد كبير من مثقفين وأدباء موريتانيين وعرب، إلى جانب اساتذة جامعات ومعاهد، وطلاب ومحبي السرد والشعر العربي.



وألقى سعادة عبد الله العويس كلمة أشار في بدايتها إلى مسيرة التعاون الثقافي بين دائرة الثقافة بالشارقة ووزارة الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، مؤكداً أنها تمضي نحو مزيد من التفعيل الثقافي والتعاون المشترك معززة العلاقات الأخوية بين دولة الامارات العربية المتحدة والجمهورية الاسلامية الموريتانية في ظل القيادة الرشيدة في البلدين، مشيرا سعادته الى انعقاد ثالث مهرجان خلال هذا العام بالشراكة بين دائرة الثقافة ووزارة الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان.



وأضاف، قائلاً: "إنها مناسبة عزيزة أن نحتفي بنواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الاسلامي لهذا العام، من خلال مهرجان الأدب الموريتاني الذي يمثل إضافة هامّه إلى سلسلة الأنشطة الثقافية التي انعقدت من خلال التعاون المشترك، وهو ما يعبّر عن حرص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة على استمرار الحراك الثقافي بكافة حقوله في الوطن العربي".



وتابع: "لقد شهدت الساحة الثقافية العربية حضوراً لافتاً للأديب والكاتب والشاعر الموريتاني، ومن هنا يأتي تنظيم مهرجان الأدب الموريتاني تقديراً لدور المثقف الموريتاني، وتعزيزاً لإسهامه الثري في رفد الثقافة العربية بالنتاج الإبداعي، وسيشهد محاور متعدّدة في القصة والرواية والشعر الموريتاني، تتخلّلها دراسات نقدية وجلسات أدبية وقراءات شعرية، عنصرها الاساس هو المبدع الموريتاني وجمهوره الوفي".



ونقل رئيس دائرة الثقافة تهنئة صاحب السمو حاكم الشارقة بمناسبة حصول نواكشوط على لقب عاصمة الثقافة الإسلامية، قائلاً: "أتَشَرّفُ في هذا المقام بِأن أنقُلَ لَكم تهنئة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة بمناسبة حصول نواكشوط على لقب عاصمة الثقافة في العالم الاسلامي لهذا العام، كما أتشرف بأن أنقل لكم تحيات سمُوّه وتـمنِّيَاتِه لكم بالتوفيق".



ورحّب  د. سيدي عبد الله بالحضور قائلا نشكر اخوتنا القادمين من امارة الشارقة وهي سانحة كذلك لشكرهم أيضا على ما تجشموا من عناء السفر من أجل تنظيم هذا المهرجان ونجاحه، ومشاركتنا أفراح الفعالية الاحتفائية بنواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي.



وأشار د. سيدي عبد الله إلى تنظيم هذا المهرجان بالتنسيق مع دائرة الثقافة يدخل في سياق الرعاية المكثفة، قائلاً: "وهي فرصة أعبّر خلالها عن تثمين هذه الشراكة وتقدير الجهود التي تقوم بها الشارقة برعاية صاحب السمو حاكم الشارقة.



وأشاد الأمين العام للجنة العليا لاحتفالية نواكشوط عاصمة للثقافة بدور الشارقة في موريتانيا، قائلا: "لا مراء اطلاقا في أن الدور المشهود الذي تضطلع به الشارقة ساهم في خلق حراك أدبي ثقافي في العاصمة، وأن الانشطة الثقافية استطاعت خلال ظرف قياسي أن تحتضن أصحاب المواهب والملكات، وهي مناسبة للاشادة بجهود صاحب السمو حاكم الشارقة، ودائرة الثقافة في الشارقة في الحفاظ على الثقافة في كافة الدول بشكل عام وفي موريتانيا على وجه الخصوص".



وأضاف: "إننا في احتفالية نواكشوط عاصمة للثقافة، لنشيد بمشروع بيوت الشعر في الوطن العربي لما لها من أثر طيب في الحفاظ على هذا الإرث الأدبي والحضاري الذي تمتلكه هذه الأمة التي جعلت من الشعر أداة للاعراب ووسيلة للافصاح، ولا شك أن هذا المهرجان سيكشف عن مواهب جديدة".





"السرد الموريتاني"



استهل المهرجان فعالياته بالمحور الأول "مراحل تطور السرد الموريتاني"، حيث الجلسة الأولى التي حملت عنوان "القصة بين الأجناس الأدبية في موريتانيا"، وشارك فيها كلا من: د. أحمد حبيب الله بورقة بحثية جاءت بعنوان "منزلة السرد في النثر الموريتاني: المقامات والأشكال الموازية للأدب القصصي نموذجاً"، ود. الداهي محمد المهدي بورقة "الرحلة الشنقيطية: نصاً قصصياً"، ود. سيداتي سيدي الخير بورقة "القصة في موريتانيا: من التراث إلى الحداثة"، ود. زينب عابدين بورقة "منزلة القصص في الثقافة الموريتانية"، في حين تولى د. محمد بو عليبة إدارة الجلسة.



وفي ورقته، حاول د. حبيب الله مقاربة السرد الموريتاني الحديث والقديم، مشيراً إلى أن الحفر عميقاً في ذاكرة الزمن الأدبي الموريتاني، يوصلنا إلى التربة التي نستعيد فيها أجواء النثر الفني في وقت مبكر من دخول القبائل العربية الحميرية في القرون الخمسة الأولى للميلاد، موضحاً أن النثر الفني ازداد قوة ونتاجاً بعد ذلك في المغرب العربي والأندلس حيث اشتد التبادل الثقافي والأدبي بين سكان المغرب العربي الذين هم ذرية بعضها من بعض.



وذكر الباحث الموريتاني حبيب الله أن النثر الموريتاني أبدى مرونة كبيرة واستعدادا أكبر للتطور، "إذ استطاع أن يستقبل ويحتوي كل الينابيع التي تتدفق نحوه من المغرب الأقصى والأندلس بل صار مثل نهر ترفده جداول متعددة لغوية، وأدبية وكل جدول من جداوله يصب في ذلك النهر فتستحيل موريتانيا مضمونا وروحا، محافظا على كثير من أشكاله وقوانينه، بل يتحول معه كل ما يحمل منه من سيول المعارف والعلوم النافعة".



واستعرض د. محمد المهدي الرحلة الشنقيطية في النص القصصي، مشيراً إلى أن هذه الرحلة عبارة عن مؤلف، كتابٌ قصد به صاحبه التأريخ لحجته والتعريف بمدة رحلته وبطرقتها وغاياهما، موضحاً أن الكاتب الموريتاني حرص فيه على ذكر كل ما عن له وما شاهده وعايشه أثناءها، وما استفاده من الأحاديث النبوية الشريفة، ومن الحكم البليغة والأمثال السائرة والأشعار خلالها، كما حرص على ذكر عادات شعوب الأمصار، وتقاليدها ومعتقداهما، وطبائعها في كل الأقاليم والنواحي التي يمر بها، أو يسكنها مدة، وكيفية تعامل الناس معه، ومع أمثاله، وحرص على ذكر تفاصيل ودقائق الحياة من أنواع المعايش، إلى طرق كسب الرزق.



وتطرق سيدي الخير إلى الحديث عن القصة القصيرة في موريتانيا، ورحلتها التاريخية والموضوعاتية، المنطلقة من التراث الموريتاني والعربي والإفريقي والعالمي، وما واكب هذه الرحلة من روافد ثقافية، واجتماعية وفكرية نحو تموقعها في الأجناس الأدبية، وذكر أن رحلة القصة القصيرة في موريتانيا تطرح عدة أسئلة تتعلق بتاريخ ظهورها، وخصائصها الفنية التي تميزها عن نظيرتها في المنطقة العربية، وكذا الموضوعات التي شغلت روادها وما هي خلفياتهم الثقافية والفنية، وكيف تأثر هذا الفن بالتحولات الاجتماعية التي عرفتها.



وقامت ورقة عابدين على ثلاثة محاور رئيسية هي: أنماط القصص في الثقافة الموريتانية، والوظيفة الجمالية في القصص الموريتانية، وعينات من نصوص القصص في الثقافة الموريتانية.



وأشارت الباحثة إلى أن المتتبع للسرد في الثقافة الموريتانية يدرك أن ثمة كماً ضخماً من الأساليب القصصية ذات الأنماط والقوالب المختلفة، مبينة أن هذه القصص تختلف أساليبها وآلياتها فمنها ما يتشابك مع التراث القصصي العربي، ومنها ما ينبع من الثقافة الشعبية في البلاد، ومنها ما يحاول الجمع بين المرجعين.



وقالت عابدين إن الوظيفة الجمالية للقصص في الثقافة الموريتانية لا تنحصر على البعد الأدبي السردي وحسب، وإنما تتجاوز ذلك لمستويات جمالية أخرى ذات أبعاد تربوية وثقافية واجتماعية، خاصة على مستوى القصص الشعبي أو الحكاية الشعبية، مؤكدة أن ذلك أمرا تشترك فيه معظم الحكايات والقصص في كافة الحضارات، في حين تناولت عينات لنصوص من قصص موريتانية.





"شهادات"



بعد ذلك، استمع الحضور إلى شهادتين من الكاتبين: محمد فال عبد اللطيف بعنوان "رحلتي مع الكتابة السردية التراثية"، والشيخ بكاي بعنوان "معاناة كتابة القصة في مجتمع ذائقته شاعرية".



واستعاد عبد اللطيف نشأته في المنطقة الغربية من موريتانيا التي تحمل اسم ولاية الترارزة، وهي منطقة- كما يقول- استحوذ الشعر فيها على الساحة الثقافية بحيث لم يبق فيها للنثر مكان يذكر بالرغم من بروز ناثرين مشهورين ممن تعاطوا فن المقامات وفن الرسائل.



وقال إنه كان من الممكن أن ينصاع لهذه الوضعية، إلا أن عوامل عدة تضافرت لتجعله يتنبه للقصة، فدخلت في صلب اهتماماته.



  وقال بكّاي: "لعل العنوان الأفضل لهذه الورقة هو "رحلتي بين القصة الصحفية والرواية والقصة القصيرة جدا". فأنا سأستعرض فيها بعض جوانب تجربتي المتواضعة في كتابة النصوص الأدبية من قصة ورواية وقصة قصيرة جدا، لكن مرورا بالقصة الصحفية التي أعتبرها الباب الذي دخلت منه إلى الرواية والقصة".





"معرض اصدارات دائرة الثقافة"



صاحبَ اليوم الأول من المهرجان افتتاح معرض كتاب لعدد من مطبوعات دائرة الثقافة في الشارقة، ومنها: مجلة الشارقة الثقافية، ومجلة الرافد، ومجلة القوافي، ومجلة المسرح، والدواوين الشعرية، ومؤلفات الرواية والقصة القصيرة والمسرح، فيما تمكن الحضور من اقتناء المطبوعات.