بذور الحق وحقول النور

02 سبتمبر, 2015

«كلٌّ في فلك يسبحون» وفي الشارقة فَلكُنا عقل إنسان نريد له عبور الحياة بنور إلى مرافئ وظلال وسرور، وهكذا بُذِر الطريق ومُهِّدت سُبل العبور نحو آفاق تتسع لتحقيق حلم الحاكم المؤرق بالفكر والثقافة، وحامل راية ولواء (اقرأ) منذ عقود على عاتقة من أجل إبصار الخليقة للنور.

 وفي كلمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة في ختام المهرجان الخليجي للمسرح بالشارقة في 16 من فبراير، بذور خير من نور طالعت نتاجها على خشبات المسرح الذي تلألأ بالحضور، وقد جاء فيها: (مسؤولية الأفراد العاملين في المجال الفني والمسرحي، القيامُ بالدور التنويري وتقديم عمل جاد في  نشر الهوية العربية ونشر الفكر التنويري لمواجهة الفكر الظلامي، و بذل خطوة جادة في هذا المجال من قبل المفكرين والمثقفين من أصحاب القلم والفكر(

.. وما المسرح ولا المناشط الثقافية في الشارقة والتي تربو على 8000 فعالية في العام حسب إحصائيات 2014 لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، إلا بارقة أمل في القادم، وأن النبت قد أزْهر ورفرفت طيور الخير على أغصان النبت الجديد.

حين تكون الرؤية واضحة والأهداف نبيلة، تكون الخطوات واثبة نحو أبعد من تحقيق الطموح والأحلام. وما اعتقاد  البعض  أن المسرح ولحظة التمشهد على الخشبة طرقٌ من لهوٍ،  وفسحةٍ للتحرر من إكراهات عدة، قد تكون نتاج التحولات والتغيرات المحيطة بذات الفرد وبعوالمه الخارجية،  وبالأفكار والانطباعات المنبثقة من الانفتاح العالمي وموجة التصدير للهو والفرجة والتمشهد غير المدروس، كان مجرد اعتقاد تحول مع الوقت لحقيقة ماثلة أن المسرح كفعل ثقافي تنويري، وما يشهده من دافعية وقوةٍ موجّهة نحو التأثير،  يعد محركاً فاعلاً من محركات الثقافة المؤثرة؛ إذا ما اعتبرنا أن الإنسان بطبيعته متمسرحٌ في كل مشاهد الحياة، من منظور مقاربة صورة الآخر والبحث عن النموذج والمثال، ومن جهة أنه لا يكف عن محاولات النبش في ماضيه من أجل الحاضر واستشراف الآتي والتماهي مع الذات والذات الأخرى ورغائب النفس.
 

الرسالة المنضوية خلف أستار المسرح هي ذات الرسالة  المندسة في نفس كل واحد منا، ولكنها تختلف في  قيمتها وقيمها وصياغتها وتأويلها وتأدية أدوارها وكواليسها أيضاً، وتختلف في مدى قدرة وتأدية كل واحد منا دوره على خشبة حياته، التي اختار موقعه فيها أو أجبر على أن يكون فيها لظرف قاهر.

الظروف المحيطة ومفارقات المعرفة الملتبسة من حيث دقتها وصحتها وتضليل بعض فصولها، تجعل حالة الواحد منا ملتبسة هي الأخرى،  فلا تستقر قدماه على عتبة حتى يرتبك، سالكاً مسرباً آخر نحو وجهة على خشبة قد تكون هي الأخرى لبساً وتيهاً وضلالاً، ولذلك كانت الرؤية في الشارقة هي التنوير، كان المراد من البذر في حقول الثقافة والإبداع والفعل حصاد إنسان فاضل نبيل خيّر، قادر على الفعل والتجديد والتنوير وقادر على البذر والبذل.

... لأنها الشارقة  المسرح الحيّ، الذي يدعونا للتمشهد في كل الأحوال، والتماهي  مع صورنا الجديدة والتي نرغب أن تكون على هيئتها المثالية في ظروف متحولة مع تبدل الأوضاع الاجتماعية، وواقع الحياة في منطقة باتت كالقصعة  تتخطفها الأيدي، وهي ما تزال  قابضة على قيمتها وهويتها وعلى رهاناتها.