شهادات وقراءات قصصية وشعرية ختام "الشارقة للإبداع" تناقش العلاقة بين الرواية والتاريخ

21 أبريل, 2019


اختتمت جائزة الشارقة للإبداع العربي (الإصدار الأول)، مساء الخميس، أعمال الدورة الثانية والعشرين، التي أقيمت في جمهورية مصر العربية للمرة الأولى، تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، في تنقل الجائزة خارج دولة الإمارات، تحقيقاً لرؤية سموه في الوصول إلى فائدة أعم وأشمل للأدباء والكتاب العرب لا سيّما الشباب.



وشهد المجلس الأعلى للثقافة في العاصمة المصرية القاهرة ختام أعمال الورشة العلمية للجائزة التي حملت عنوان "الرواية والتاريخ"، بحضور سعادة عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة، والأستاذ محمد القصير أمين عام الجائزة، مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، وعدد من الأدباء المصريين والعرب، إضافة إلى الفائزين في الدورة الحالية، في ما أدار محاور الورشة الأربعة المشرف العلمي للورشة الدكتور شريف الجيار.



تطرق المشاركون وهم: منى الرزقي، وجراح الموسوي، وزهيرة مجراب، وعادل العناز، وسالي عادل، إلى موضوعاتٍ عدة في المحور الأول الذي جاء بعنوان "التعالق النصّي بين الرواية والتاريخ".



البداية كانت مع الرزقي التي عرّفت التعالق النصّي بأنه كل ما يجعل النص يرتبط بعلاقة ظاهرة أو ضمنية مع غيره من النصوص، موضحة أن المبدع أو الروائي لا ينطلق من العدم بل يبحث عن مرجعيات ونصوص سبقته ليتفاعل ويتحاور معها بحيث يكون معنياً بهذا التداخل أو الحوارية.



من جهته، تناول الموسوي رواية يوسف زيدان "فردقان" نموذجاً لدراسته، محاولاً الربط بين ثنائية التاريخ والرواية من خلال ورقة بحثية معمّقة.



وأشار الشاعر العراقي إلى أن العلاقة بين الرواية والتاريخ اتخذت أنماطاً عدة على مستوى المعالجة الفنية فهي، أي الرواية، مرةً تكون مستلبة أمام التاريخ ولا تتعدى كونها وثيقة، ومرة أخرى تقوم العلاقة على أساس الميتاقص إذ لا يكون التاريخ إلّا خادماً للعمل الروائي.



وقال في موضع آخر إن التخيل التاريخي هو المادة المستعارة من الماضي، وقد أعيد تشكيلها بواسطة السرد، فانقطعت عن وظيفتها التوثيقية وأمست تؤدي وظيفة جمالية ليس من غايتها تأكيد أحداث التاريخ.



بدورها، قدّمت مجراب ورقة بحث بعنوان "استحضار الروائي للتاريخ وإعادة كتابته"، وتحدثت حول الرواية التاريخية في الأدب العربي، مشيرة إلى الروائي جورجي زيدان بوصفه كاتباً متخصصاً في الرواية التاريخية، وأبرزت إلى أن الروائي اللبناني أعاد كتابة تاريخ الإسلام بإسلوب قصصي، كسر فيه الإطار التاريخي، ولكنه في الوقت نفسه حافظ على السياق التاريخي وأعاد تركيب الأحداث وربطها ببعضها.



من جانبه، أبرز العنّاز أن النص الروائي يستنفع من حزمة من الخطابات المختلفة التي يسترفد منها إغناء المنازع الحكائية للإنتاج الروئي، وأوضح أن تعالق جنس الرواية يرتكز على أسس جوهرية، وقسّم تلك الأسس إلى جزئين هما: أسس بنائية داخلية، وأسس بنائية خارجية.



ختام المحور الأول كان مع القاصة سالي عادل إذ أبرزت الجدل القائم بين المؤرخ بوصفه كاتباً، والروائي التاريخي الذي يستند إلى سلسلة أحداث تاريخية في منجزه الأدبي، وأشارت إلى أن الذاكرة والخيال هما مكملين للعمل التاريخي إذ يعدان معينين للكتابة لا سيما التاريخية.



وجاء المحور الثاني بعنوان "التخيل التأويلي للتاريخ في الرواية العربية"، وشارك فيه أحمد أبو دياب، وسعيدي مصطفى، وشاكر ريكان الغزي ، وفيصل حمد، وزينب قاسم.



وقدّم أبو دياب دراسة تحمل عنوان "دراسة في تشكلات التيمة التاريخية في روايتي :كوكو سودان كباشب لسلوى بكر، وكتيبة سوداء لمحمد المنسي قنديل، وعرج فيها إلى أن الفرق بين عمل المؤرخ وعمل الروائي يكمن في رغبة الأول في التطابق مع الوثائق وعدم انصياع الثاني لهذه الرغبة، فيما ذهب مصطفى إلى رواية الموريسكي كنموذج لدراسته وهو نص روائي مترجم للكاتب والمفكر المغربي حسن أوريد، بناؤه يقوم على سيرة أحمد شهاب الدين أفوقا.



وقال الغزي إن الأحداث التاريخية لا يمكن نقلها إلّا من خلال ذاكرة سردية يتحكم في التأويل والتخيّل، مشيراً إلى المرويات التاريخية ستتحول إلى تاريخ مروي.



وعرج حمد إلى الحديث عن مفهوم التخيل التأويلي، وقال إن الجمع بين هذين المصطلحين تحت سقف واحد يستلزم علينا أن نكشف العلاقة القائمة بينهما، بوصفها تمثل مفهوماً متجانساً يقع في دائرة التطبيق والفحص الآني.



وفرّقت قاسم بين الوثيقة التاريخية والرواية بقولها أن الكثير من الكتاب يميل إلى سرد القصص التاريخية في رواية، لكن كثيراً ما يقع التباس بين الرواية والوثائق التاريخية، ومن هنا تبدأ المقارنات.



وتضمن المحور الثالث الحديث عن "آليات التوظيف التاريخي في الرواية العربية" كعنوان رئيس، وشارك فيه نورس إبراهيم، ومحمد مختاري، وعيسى الصيادي، ومصطفى مطر، وجابر النجادي.



وشملت ورقة إبراهيم البحثية موضوع الآليات والطرق التي استخدمت من قبل الكتّاب في توظيف التاريخ في خدمة الرواية العربية، لكون التاريخ وما ينطوي عليه من أحداث يستخدم عند السرد كحامل لرؤية أخلاقية أو إجتماعية يريد الكاتب إيصالها للقارىء من خلال إعادة توظيف سياقات تاريخية معينة.



وأتى مختاري على ذكر أنه ومن خلال التأمل ببعض الروايات العربية، سيبدو لنا أن ثمة توظيفين مختلفين للتاريخ في الرواية، وهما شكلان ينطلقان من رؤيتين متباينتين. عل  اعتبار الغاية التي تحاول كل منهما تقصدهما.



وأشار الصيادي بدايةً في ورقته أن الرواية التاريخية أكثر أنواع الرواية رقياً، فهي تسمو بموضوعاتها لتحقيق أهداف ذات أهمية بالغة.



وأشار مطر إلى أن للرواية مرتكزات متنوعة يقدمها الروائي إلأى قرّائه من خلالها، كما أن الاستدلال التاريخي أو استحضار أحداث أو شخصيات أو وقائع معينة فإنه لا يكون بغية خدمة المادة التاريخية، بقدر ما يكون الهدف جعل الرواية مادة تؤرخ الأحداث.



وقال النجادي إن ورقته تسعى إلى الحديث عن آليات التوظيف التاريخي في الرواية العربية، وبدأ بلمحة موجزة عن مراحل توظيف التاريخ عند الكتاب العرب.



"تحولات الرواية التاريخية العربية" هو عنوان المحور الرابع الذي شارك فيه علي حسان، وياس السعيدي، وهبة فاروق، وهناء المشرقي.



وعرض حسان في ورقته التسلسل التاريخي للرواية العربية التاريخية، وذكر إن أول رواية تاريخية ظهرت عند اللبناني سليم البستاني.



وتناول السعيدي التحول من الحكاية إلى الرواية، مستشهداً بروايات جورجي زيدان، وأوضح أن من يقرأ زيدان سيرى أن التاريخ هو السيد على حساب الفن.



وتقول فاروق إن الذي تراه صائباً لمن أراد التأكيد على تاريخية روايته، أن يغلق على نفسه مستعيناً بكتب التاريخ وذلك قبل الشروع في الكتابة.



ورصد المشرقي تطور الرواية التاريخية ومسيرتها، وقالت إن مشوار الرواية ليس طويلاً بالمقارنة مع الشعر العربي، واتسمت الخطوات بالتقليدية.



وكان اليوم الأوّل شهد ندوة بعنوان "أهمية جائزة الشارقة للإبداع العربي ودورها في التكوين الثقافي والإبداعي العربي"، أعرب فيها أكاديميون ونقاّد مصريين عن سعادتهم باستضافة مصر للجائزة، نظراً لما تمثله من أهمية بالغة في الساحة الأدبية العربية، وناقشوا ما أضافته من نتاج أدبي نوعي، فيما أقيمت أمسيتين قصصية وشعرية للفائزين في حقلي القصة القصيرة والشعر