ليلة كويتية تتوهج فيها القصيدة في بيت الشعر بالشارقة

19 مارس, 2019


ضمن نشاط ملتقى الشارقة الشهري للشعر العربي، وتزامناً مع فعاليات ورشة فن الشعر والعروض في دورتها 12، استضاف بيت الشعر بدائرة الثقافة بالشارقة " شعراء من الكويت " وذلك مساء أول أمس بمقره في منطقة قلب الشارقة بحضور الشاعر محمد البريكي مدير البيت، وحشد كبير من متذوقي الشعر والإعلاميين، وشارك فيها كل من الشعراء رجا القحطاني وعائشة العبدالله وسالم الرميضي وفالح الأجهر وقدمتها الشاعرة مناهل فتحي، التي رحبت بشعراء الأمسية والحضور، وقدمت نبذة عن دور بيت الشعر في الشارقة، وعن ملتقى الشارقة للشعر العربي وعن مشروع الشارقة الثقافي الذي يرعاه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.



افتتح القراءات الشعرية الشاعر سالم الرميضي المشغول بالزمن والحنين وشغب السؤال المتعلق بالمكان الذي توقف عنده متسائلاً في صمت متخيّل، تساؤلات للذات، لكنها تتعداها إلى الآخر حين يتذكر الماضي وحضوره في الحاضر، والحاضر الذي سيكون في المستقبل جزءاً من الذاكرة:



هنا ذاتَ يومٍ قد أمرُّ مرورا ... وينطقُ صوتُ الصمتِ فيَّ وقورا



أمرُّ على كلِّ الكفوفِ مصافحاً ... وأخفِضُ صوتاً كانَ أمسُ جهورا



يُرحِّبُ بي في الجالسينَ مهذبٌ ... يشيِّدُ من لطفِ الحديثِ جسورا



يقولُ: تفضَّلْ ضيفنا واسترح هُنا ... لقد زادَنا لألاءَ وجهِكَ نورا



أنا الضيفُ؟! هل فعلاً يُخاطبُني أنا! ... نعم ، فأنا وحدي الغريبُ حضورا...





عائشة العبدالله المشغولة بتفاصيل المكان، بالبحر ودواره، والجنون والضياع والتمرد والشتات، بالحلم ورقص الفراشات، مشغولة بأبواب الجوى والمسافة وسُكْر الهوى وهي تقف مكتوفة أمام تأوُّهِ المعنى، لكنها مع هذا لا تتوقف عن رسم لوحتها الشعرية التي تجسد هذا الواقع المرتبك حيناً، والجريء حيناً:





لو كنتَ تعلمُ .. كم صدقتُ وكم خُذلتُ .. وكم تشنّجَ تائِهاً فيَّ الطريقُ بلا مصيرْ



كم هاجَ في صدري العواءُ  .. وكم هَمَتْ أفعى تطوفْ .. وتخشّبتْ فيَّ الفراشاتُ التي



عشقتْ جنونَ الرقصِ .. حرّضَتِ الدفوفْ .. وتألّهَ الحزنُ الشفيفْ ... وسقطتُّ في ثوبي الحريريِّ الممزَّقِ 



بينَ أعناقِ السيوفْ .. أنكرتُ كلَّ حرائقي .. ونهضتُ أشلاءً يرنّحُني الأسى .. في كل شبرٍ كنتُ أُقْتَلُ مرّةً



يا للحماقةِ حينَ نُسرعُ في الوقوفْ





الشاعر فالح الأجهر طرق في نصوصه الحكمة من أبواب السؤال، وطارد غزلان المعنى بجرأة الحرف المعتد بجماله، الذي يحمل ذاته معه في وقت قد لا يجد من يعينه على الطريق وأهواله، لكنه وفيٌّ لزمنه ولذاكرته التي ترك فيها بذرة الإنسان والشعر والقراءة تنمو يوماً بعد آخر، ومما قرأ من قصيدة " أما آن ":



أما آنَ أن يسلو عنِ القلبِ لائمُهْ ... وينفضُّ عن سحرِ البلاغةِ خاتَمُهْ 



سكتُّ طويلًا لا لعيبي وإنَّما ... حقيقٌ بمثلي أن تُعزَّ كرائِمُهْ



وما الشعرُ إلا الدرُّ قدراً وقيمةً ... ويعرفُ قدرَ الدرِّ في البيعِ سائِمُهْ



ومن لا يقي عن موطنِ الذُّلِّ نفسَهُ ... فلا نهَضَتْ أقدامُهُ وقوادِمُهْ



على أنني أُشغلتُ بالدهرِ بُرهَةً ... يُسالمُني حيناً وحيناً أُسالِمُهْ



وأفردني حتى رضيتُ بعزلةٍ ... بها نرجسُ الآدابِ شُقَّتْ كمائِمُهْ



وقد يصحبُ الإنسانُ في العيشِ نفسَهُ ... إذا لمْ يجِدْ في الناسِ خِلاً يلائِمُهْ





اختتم القراءات الشعرية الكويتية الشاعر رجا القحطاني الذي اتخذ من الألم والجرح طاقة تعينه على كسر جدار الصمت، والبوح عن خلجات الروح، واتخذ من أوجاعه مطية لعبور الزمن، لسرد الواقع عبر التاريخ الذي يشكل الكثير من الصور والحكايات الراسخة في الذاكرة، والتي قد تتوكأ عليها الكلمة حين يشيخ الزمن، ومما قرأ:



مسافرَ العمر كم خلّفتَ  لي مُدُناً



على خطاكَ، وكم شعَّبْتَني طُرُقا





تلك المسافات صلصالٌ، تُشَكِّلُها



يدُ اغترابِكَ ما يغري بيَ الأُفُقا





أشبعتَ روحَكَ من نايِ الحنينِ مدىً



فجرَّحَ النايُ في مرآتِكَ الألَقا





إن طوَّقَتْكَ قلاعُ اليأسِ ضيِّقَة ً



فاحفِرْ بحُلْمِكَ في سردابِها نَفَقا





فوضى المدينةِ ما أغوَتْكَ ضجَّتَها



إذْ لمْ تزلْ لوصايا الريفِ مُعْتَنَقا





هناكَ واريتَ جثمانَ الأنا.. وهُنا



قدمتَ أحلامَ من ودعتَهُم طَبَقا 





في ختام الأمسية كرم محمد البريكي مدير بيت الشعر الشعراء المشاركين في الأمسية.