شهادات حول أثر بيوت الشعر على المشهد الثقافي العربي في "ملتقى الأدب"

04 نوفمبر, 2018


قدّم عدد من مدراء بيوت الشعر في الوطن العربي شهادات حول أثر البيوت على المشهد الثقافي العربي، وكيف باتت حلقة وصل بين مختلف المكونات الثقافية، وكشفوا في الوقت نفسه عن التطلعات والرؤى التي تؤسس البيوت إلى بلوغها مستقبلاً. من التساؤل حول الأثر، إلى الإجابة على لسان: مدير بيت شعر نواكشوط الدكتور عبد الله السيد، ومدير بيت شعر المفرق فيصل السرحان، ومدير بيت شعر تطوان مخلص الصغير، والمنسق الثقافي لبيت شعر القيروان عبد العزيز الهمامي، فيما أدارت الجلسة المنسق الثقافي لبيت شعر الخرطوم الشاعرة ابتهال تريتر.



جاء ذلك في جلسة حوارية أقيمت في "ملتقى الأدب" في معرض الشارقة الدولي للكتاب، أمس، بحضور محمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية، ومحمد البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة، ومديري بيوت الشعر في الأقصر، ومراكش، والخرطوم، إضافة إلى مثقفين وأدباء عرب، ووسائل إعلام محلية وعربية.



ولأن الحدث شعري بامتياز، فقد قرأ الشاعر والإعلامي رعد أمان في افتتاح الجلسة قصيدة بعنوان "نبض الشعر" مهداة إلى بيوت الشعر، تحيةً ومحبة،



يقول في مقطع منها:



حَللتُم دارَ سلطانِ القوافي



لِعبقرَ ههنا سكنٌ وقُوتُ



يُغَرِّدُ كلما فجرٌ تَجَلَّى



وفي أكنافِها جَذِلاً يَبيتُ



مَرابعُ يرتعُ الإبداعُ فيها



وأمّا الشِّعرُ فهو هنا بَخيتُ.





تحدث السيد مشيراً بداية إلى أهمية إنشاء بيتا للشعر في موريتانيا، وفي هذا الصدد قال:" بيت الشعر في نواكشوط يعدّ المحطة الثانية لبيوت الشعر، ومنذ تأسيسه استطاع أن يؤسس للشعر العربي في هذا الركن العربي القصي (نواكشوط)، عن طريق فعاليات وأنشطة مستمرة، فضلاً عن سلسلة من الإصدارات؛ من أن يكون منبراً أدبياً ثقافياً يرتاده سدنة الحرف وأصحاب الشعر، ويتطلع إليه الجميع من أجل النهوض بهذا الفن العريق".



من جانبه، أبرز الصغير المبادرة التاريخية التي منحت القصيدة دينامية كبيرة وزخماً عارماً في تطوان والمغرب، مستشهداً بقول صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة في قوله "نحن لا نشتغل على الثقافة هنا في الشارقة فقط، بل نشتغل حتى في تطوان".



وقال مدير بيت تطوان :"من هذه الأرض المشرقة، جعلت المبادرة من الشعر شأناً يومياً، وأعدات إليه ألقه وللإنسان العربي قلقه الشعري الخلّاق، ومن هنا أمكن الحديث عن دور هذه البيوت الشعرية في اثراء الثقافة العربية، لأنها لا تحمل برنامجاً أو مشروعاً شعرياً محلياً وطنياً، بل مشروعاً عربياً متكاملاً، ولا تكتفي بمجرد تقديم وتكريس الأسماء الشعرية القائمة، وإنما تسعى إلى الكشف عن أصوات شعرية جديدة". بدوره، أوضح الهمامي كيف بات بيت القيروان حضناً دافئاً للشعراء التونسيين والمبدعين العرب، قائلاً " إن البيت منذ تأسيسه استطاع أن يستقطب عشاق الكلمة والحرف وأصحاب الذائقة الشعرية، وتكوّنت داخله مجموعة متميزة من الأوفياء ممن دأبوا على ارتياده والإقبال عليه بشغف وتوطدت بينهم وبين البيت علاقة أدبية وثيقة وتقاليد حميمة لم تزدها الأيام إلّا رسوخاً".



وتابع : كما استطاع هذا البيت أن يفرض لونه ويحقق نقلة نوعية في مشاريعه وبرامجه الشعرية والأدبية المنتظمة وذلك بالانفتاح على المحيط الثقافي والتربوي والاجتماعي وسائر الفنون الأخرى".



من جهته، سلّط السرحان الضوء على شكّله بيت المفرق من حالة ثقافية فارقة في المشهد الثقافي الأردني، وأشار إلى أن البيت حاول الاحتفاظ على التوازن والتنوع الجغرافي والاجتماعي لنوعية الشعراء المستضافين، من خلال توجيه الدعوات لكافة محافظات المملكة الأردنية وقراها ومدنها لما تحمله هذه الخطوة من اثراء وابراز للتنوع الثقافي، وأوضح أن فعاليات البيت شغلت الصفحات الثقافية في الصحف المحلية.



في نهاية الجلسة، فتحت مقدمة الجلسة تريتر باب الأسئلة، وكان من اللافت أن طرح على مدراء سؤالاً حول مدى رضاهم عمّا يقدموه لبيوت الشعر.





في السياق أجاب الصغير :"نحن راضون عن بيت الشعر، ولكننا غير راضيين عمّا نقدمه لأننا نتطلع إلى تقديم الأفضل، وإيصال هذه الرسالة الشعرية إلى أكبر قدر ممكن من الشريحة الثقافية العربية".



وقال السرحان :"يجب أن تأخذ المبادرة سياقها التاريخي والزمني لكي نحقق الطموح والآمال المعلقة على مشروع ثقافي وتاريخي تقوده الشارقة"، فيما وأوضح الهمامي إلى أن بيت شعر القيروان راض عمّا يقدمه، ولكنه يسعى دائماً إلى بلوغ مرحلة جديدة ومتجددة تمنح الشعر بريقاً وألقاً. 



وأجاب السيد :"نسعى أن ننتج الأفضل، ولكننا لسنا راضيين عن عملنا، ولا يمكن للإنسان العاقل أن ينظر إلى عمله أنه قاصر عن غير تقصير، وهذا هو ما نراه في هذه المبادرة، ونطمح إلى أن يكون غدنا أحسن من أمسنا، وأن يكون مستقبلنا دائما أفضل".