القصيدة الجميلة وسمات الشاعر المبدع في مجلس الشاعر حمد شامس المزروعي

11 يونيو, 2018


عقد مجلس الشعراء الرمضاني الذي ينظمه مركز الشارقة للشعر الشعبي بدائرة الثقافة بالشارقة أمس الأول جلسته الرابعة والاخيرة في بيت حمد شامس المزروعي بالشارقة. استعرض فيها مواصفات الشاعر المبدع ومعايير القصيدة الجميلة. تخللت الجلسة بعض القراءات الشعرية. بمشاركة الشعراء: حمد شامس المزروعي ، احمد المناعي ، عبيد خصيف الكعبي، علي مطر المزروعي. وأدار الجلسة الشاعر الإعلامي خالد الظنحاني. الذي أشار إلى أن  للشاعر مكانة مؤثرة وفاعلة في حياتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية وايضاً الاقتصادية، والابداع الشعري الأصيل يدهش المتلقي بغض الطرف عن المستوى اللغوي أفصيح كان أم شعبي، فما زلنا نستمع إلى قصائد عامية ذات مستوى فنّي رائع قد تتفوق على كثير من القصائد الفصيحة.



والقصيدة الجميلة هي القصيدة المتجددة التي تحمل في مضمونها قوة تقاوم الزمن وتستمر على امتداد الحضارات، هي بمثابة القارب السحري الذي يحملنا إلى عوالم نكتشف من خلالها الكون بشكل جديد ومتجدد كلما عدنا إليها. والشاعر من حيث هو فنان يمتلك القدرة على اختيار ألفاظه ووضعها في مواضعها، وهو ما يجعلها شعرًا فاتنًا جميلاً، والشاعر رسام بارع يستطيع أن يخلق بكلماته المناظر الخلابة، ويصور الاحداث بكلمات تجسد تفاصيل المشهد، وهو أيضاً نحات ماهر يعرف كيف يبرز ويظهر أدق الاوصاف في المحبوبة والطبيعة؛ وتفاصيل الجسد وانحناءات القدّ، والليل والنهار والشجر كل ذلك بأدوات من كلمات، كما يمتلك الشاعر قدرة اجتماعية مؤثرة قد تنقذ الحياة وتدرأ الشرّ، فكلماته التي تأخذ بمجامع القلوب كفيلة بتغيير السلوكيات ومواجهة الاخطار وكشف الحقائق.



فإذا كان الشاعر يمتلك كل تلك القدرات، مجسدها من خلال تفاعله مع كل مظاهر الحياة ومفرداتها، لخلق قصيدة جميلة متجددة، تحمل في مضمونها قوة الاستمرار على مدار الزمان. فإنه لابد أن تتوافر فيه سمات ومواصفات. هذا ما أردنا التعرف عليه واكتشافه في جلستنا اليوم.



من جانبه أشار حمد المزروعي إلى أن القصيدة الرديئة تفتقر إلى المقومات الشعرية، فهي لا تعبر عن تجربة ولا تمتلك الحس الفني الذي يزودها بالدفء والحرارة، هي قصيدة باردة لا تشكل إضافة نوعية لا للشعر ولا للمتلقي. فالشعر ليس رص كلمات في وزن وقافية معينة، إنما الشعر هو نتيجة موهبة في الأول والأخير إلى جانب اللغة والوزن والقافية والخيال والاطلاع والتدبر، وهي كلها أدوات تمكن الشاعر من اختيار وكتابة الافكار والعبارات بأسلوب ساحر سلس؛ وتحويل مرارة العدم الى سعادة .. والبؤس الى مكرمة. وأهم ما يميز الشاعر الحقيقيّ هي  موهبته  التي تمكنه من أن ينقد؛ فملكة النقد والتمييز من أهم خصائص الشعور الفني الذي يمكنه من ابتكار القصيدة الجميلة.



وقرأ حمد شامس المزروعي قصائد: يا نفس، نار المحبة، ريحة العود، عام زايد؛ وفيها يقول:



لو قلت أبياتي على كثر لقلام



لا تحسبوني قاصرٍ في عددها



زايد ولو تكتب له أعوام وأعوام



ما ينوصف قبلي ولا من بعدها



زايد على كل الدول بالوفا حام



وتشوف ذكره راسخ في بلدها



واليوم لا شفت الوفيات لحشام



كل تسمى بأسم زايد ولدها





وأضاف المناعي : القصيدة الجميلة تدعونا باستمرار إلى قراءتها، نسعى إليها برغبة وحب وشغف وطواعية، فمن منا قرأ المتنبي مرات ومرات وأصابه الملل؟ ومن منا قرأ الخضر وطناف والجمري ومل، اعتقد الذي يتذوق الشعر لا يمل من قراءة هؤلاء الرواد العظماء. والشاعر لكي يكون جيدا وناجحا ومؤثراً عليه ان يكون من وجهة نظري ابن الواقع الذي عصرته الأفكار وعاش فيها وتحدث بها ... حينما نغوص في اشعاره والخيال الذي تحتويه، توقظ فينا الحس الفني بالصور والأحاسيس، وتستفز فينا الفكر والسعي نحو التغيير للأفضل . وألقى المناعي قصائد: يا جنود الدار، رفيق الدرب، يا ربعي الشعار، كان يرضيك، وطن؛ وفيها يقول: 



 



نحب بلادنـا ، "وعمـارنا و نفوسنـا تنسـام" 



نسوق ارواحنا بس العلم يبقى يرفرف دوم



تعلمنا الكثير ، ومنكم يا سيدي الالهـام 



لأجل الدوله وحب الوطن " نتوعد الغيوم " 



بأن الباكر بيكتب فخر في شعبنا المقدام 



وطـالعنا السما والغير يدري بس قال احلوم 



ويوم انجازكم يا سيدي حقق لنا الاحلام 



وصلّنا  الغيم بسمك سيدّي في دار بن مكتوم





ويرى بن خصيف أن سمة الشعراء المبدعين المؤثرين تتمثل في قوة حضور نصوصهم بلغتها المتفرّدة، وبكونها مُلهمة وتغري المتلقي بحفظها والاستشهاد بها، وقدرتها على التأثير في تجارب الشعراء الآخرين. أيضاً تتمثل قوة نصوصهم في الاصالة التي هي الابتكار والإضافة، والحس الإبداعيّ والذوقيّ الراقي.. والتي هي النور و التعريف بالذات والهوية.  وأعتقد أن من صميم اهتمامات الشاعر العمل على هوية الامة ورقيها فكرياً وإبداعياً، والابتعـاد عـن الأثارة ومـواطـن المشـاكـل والاختـلاف في المُجتمـع، والعمل على إيقاظ عقل المتلقي ونبش عواطفه ، وتنشيط أخيلته. وقرأ بن خصيف قصائد: شهر الفضائل، يا موطني شوف، يا هم جوفي، هامات الرجال،  درب الصواب؛ وفيها يقول



و انا ولد زايد ولا فيها ارتياب



واللي يساوم ع بلادي بكسره



واثق خطى ما همني العقل المصاب



اللي يبا يجمع من الجو غبره



ما ورّد ركابي على شوف السراب



اورد على عدود سحبها ممطره



اما حياة تتعب متون السحاب



والا ممات وذاك باب المقبره







وتابع علي مطر المزروعي: هناك الكثير من القصائد الجميلة التي تركت بصمتها في الساحة الشعرية،  وحازت على رضا وإعجاب المتذوقين والمحبين للشّعر. ويرجع جمالها إلى ما تحتويه من أفكار راقية، وما تمثله من القيم الأصيلة والهوية العربية .. وهذه القصائد الجميلة تتميز بالكلمة الجزلة والبوح الصادق والإحساس الرقيق والأسلوب المشوّق. أيضاً هناك قصائد صادمة للمتلقي، كتبها المستشعرون الذين يكتبون ما يردون ويفسرون الأمور حسب رغبتهم متجاهلين القضايا الوطنية المهمة، والبعض منهم لاهم له سوى الشهرة، مستغلين مواقع التواصل للإساءة للآخرين وللشّعر. يجب أن يكون الشاعر ذو احساس ومصداقية في كل ما يكتب، واضح في تناوله، ولا يقف عند نشر الحقائق بل العمل على إيقاظ العقول، وبعث الحياة في المشاعر والأحاسيس، ويكون له نهج نابع من البيئة. وقرأ علي مطر قصائد: يا زمان المصالح، حكم الغيب، ابرز جمالك، يا قلب، اغنم زمانك؛ وفيها يقول:



اغنم زمانك في عصور المساكين



وخلك بسيط الحال وحمل الثقايل



احمل عقول اكبار وقلب العفيفين



عيش التواضع وانت راعي الحمايل



يا كم واحد عاش عاش فوق الثمانين



لا هو حصد زرعه ولا عاش نايل



عينه على الكرسي وتقرى عناوين



تقصر يمينه مثل ما قال قايل