عرض "العاصفة العُماني".. دعوة للتعاضد في الأزمات

28 فبراير, 2018



دبا الحصن: علاء الدين محمود




مهرجان الشارقة للمسرح الثنائي يختتم دورته الثالثة



اختتمت في مركز دبا الحصن الثقافي، أمس الأول، فعاليات وعروض الدورة الثالثة لمهرجان «المسرح الثنائي»، بعرض مسرحية «العاصفة»، لفرقة صلالة الأهلية في سلطنة عمان، تأليف وإخراج عماد الشنفري، وتمثيل: عبد الله الشنفري وأشرف المشيخي.




تحكي قصة العرض عن شخصين يعملان في محل لغسيل الملابس، ويمر وقتهما بطيئاً فيشعران بالضجر والملل، ويقرران أن يقوما بأداء عرض مسرحي تجري أحداثه داخل سفينة، حيث تتعرض السفينة لعاصفة هوجاء، ويكتشف القبطان أن المحرك لا يعمل، وليس لديهم مراكب للنجاة، وذلك بفعل فساد مساعده الذي يقترح أن يتم التخلص من كل شيء يزيد عن حمولة السفينة، لكن ذلك لم ينقذ الموقف المتأزم، ويخاطب القبطان ركاب السفينة مستعيناً بخطاب يحرضهم على الصبر والتكاتف من أجل عبور الأزمة، طالباً مساعدة الركاب في الطوابق الخاصة وهم من علية القوم، غير أنهم لم يقدموا أي مساعدة، ليكتشف القبطان أن مساعده ينحاز لهم، وعندما اشتد الوضع سوءاً اقترح مساعد القبطان مجدداً أن يتم التخلص من بعض الركاب في الطبقات الدنيا، وهذا ما يرفضه القبطان، الذي قام بحبس مساعده، قبل أن يطلق سراحه مرة أخرى، إذ كان هو الوحيد الذي يعلم خبايا السفينة، غير أن كل ذلك لم ينقذ الأمر، ليجلس القبطان محاسباً نفسه، ومبدياً أسفه وندمه لتفريطه وتسليمه مقاليد السفينة للمساعد الخائن.



حمل العرض الكثير من الدلالات والرموز السياسية، في مقاربة تجعل من السفينة بلداً، والقبطان رئيسه، بينما يرمز المساعد للبطانة الفاسدة.



وجهت للعرض في الندوة التطبيقية التي قدمها الناقد عبد الله العابر من الكويت، الكثير من الآراء والملاحظات الناقدة، غير أنهم أجمعوا على أن العرض حمل الكثير من الاجتهادات والجماليات خاصة الأداء الرفيع للممثلين.



أشار العابر إلى أن السفينة كانت ترمز للوطن، وجاء القبطان ليرمز للقائد، بينما رمز المساعد لجلساء القائد وأعوانه، فيما رمز تقسيم السفينة لطابق علوي وسفلي إلى الطبقات الاجتماعية، وأن ما حدث للسفينة هو رمز للمؤامرات والدسائس التي قد تحيط ببلد ما، وأن المسرحية تحمل تحذيرات ورسائل سياسية تدعو للتكاتف والوحدة بين فئات الشعب.



وبيّن أن المخرج لعب لعبة ذكية خدمت العرض، وهي تعامله مع قطع الديكور والإكسسوارات وكأنها شخوص تؤدي دورها داخل العرض، مؤكداً أن الممثلين كانا في قمة الروعة والأداء المنضبط المتجانس، حيث أجادا فعل التنقل من شخصية لأخرى بمنتهى الحرفية والرشاقة.



المخرج الكويتي عبد الله التركماني أكد أن ما أنقذ العرض هو ذلك التجسيد المميز الذي نفذه الممثلان، مشيراً إلى أن الانتقال من مشهد «محل غسل الملابس»، إلى مشهد السفينة والبحارة كان فيه إشكال، حيث إن الدخول إلى العالم الافتراضي لم يتم بسلاسة، كما حفل العرض بفترات ساد فيها الملل ولم تتصاعد الأحداث لتصل إلى مرحلة الذروة الدرامية.



أما المخرج الجزائري محمد شرشال فأشار إلى أن العمل كان سهلاً جداً، وأنه لا يوجد مبرر لاستخدم المخرج لكل هذه المواد من عناصر السينوغرافية، كما أن حركة الممثلين لم تتطور على الخشبة وشابها البطء، وأن المضمون في العرض لم يكن واضحاً، فيما ذكرت الممثلة السورية نوار يوسف أن العرض جيد رغم أن بعض التفاصيل تنقصه، مشيدة بأداء الممثلين الذي وصفته بالرائع.



وأوضح الناقد العراقي الدكتور باسم الأعسم أن هذا النوع من الأعمال بطبيعته النصية يعتمد على بنية المفارقة، فالعرض امتاز بالبساطة في التعبير ولم يتعمق في الجانب الفكري، مشيراً إلى أن التأويل السياسي الذي يجعل السفينة ترمز للوطن، هو موجود في العقل والموروث الجمعي ويلجأ إليه الناس بسهولة مما يبسط عملية التأويل والتحليل.



مخرج العرض عماد الشنفري شكر جميع المتدخلين على أرائهم التي عالجت سلبيات العرض، معلناً أنه قد وقع فعلياً في العديد من الأخطاء التي ظهرت جلية في العمل، وأشار إلى أن الممثلين قد قاما بالارتجال في مشاهد عدة، وأن هذا الارتجال أهدر كثيراً من قدرة الفعل المسرحي على التأثير.



كما شهد اليوم الختامي ورشة تدريبية للمعلمين حملت عنوان «الأزياء المسرحية»، قدمتها خلود الرشيدي من الكويت. وقام أحمد أبو رحيمة مدير إدارة المسرح في دائرة الثقافة في الشارقة بتكريم الضيوف والمشاركين، إضافة إلى مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في دبا الحصن.